صندوق مصر السيادي يرفع رأسماله إلى تريليون جنيه خلال ثلاث سنوات: قال أيمن سليمان المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي إنه يتوقع أن يرتفع رأسمال الصندوق المرخص به من 200 مليار جنيه حاليا إلى تريليون جنيه خلال ثلاث سنوات. ويأتي ذلك تأكيدا لتصريحات أدلت بها وزيرة التخطيط هالة السعيد الأسبوع قبل الماضي، وسبقها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أشار إلى أن الصندوق قد يرفع رأسماله إلى تريليونات الجنيهات. وقال سليمان "القطاعات التي سنعمل بها تتضمن الصناعة ومصادر الطاقة التقليدية والمتجددة والسياحة والآثار".
وكشف سليمان عن الاسم الجديد للصندوق وهو "ثراء" في الجلسة التي جمعته بالصحفيين أمس، مضيفا أن الدولة المصرية لديها أصول ومشروعات جاذبة للمستثمرين.
أجرينا مقابلة خاصة مع سليمان للتعرف أكثر على استراتيجية الصندوق، وطريقة إدارته، وما هي الأصول التي يسعى إلى ترويجها للمستثمرين، وكيف سيتمكن من العمل تحت الظروف الاقتصادية الكلية المليئة بالتحديات.
الهدف: باختصار، يقول سليمان إن "ثراء" يهدف إلى جذب وتوجيه المستثمرين نحو القطاعات الاقتصادية الحيوية لخلق فرص استثمارية وضخ استثمار أجنبي مباشر. وسيسعى الصندوق، من خلال استثماراته وصناديقه الفرعية، لتوليد دخل مستدام وخلق القيمة. وعلى المدى البعيد فرؤية الصندوق تهدف إلى تدشين شركات مصرية عالمية نتيجة لهذه الاستثمارات في "ثراء" وهو ما سيرفع من مكانة مصر الإقليمية والعالمية اقتصاديا.
الاستراتيجية: سيعمل "ثراء" طبقا لثلاثة أنواع من الشراكات مع المستثمرين، أولها هو الشراكة مع مستثمري القطاع الخاص في قطاعات محددة. وثاني نوع هو الشراكة مع الصناديق السيادية الأخرى والنوع الثالث هو الشراكة مع القطاع الخاص في مشروعات محددة من خلال شراكة القطاعين العام والخاص أو الشركات المشتركة أو الصناديق الفرعية أو غيرها. وستتبع خطة الصندوق نموذج الاستثمار المباشر، مضيفا أنه من المتوقع حدوث طفرة في صفقات الدمج والاستحواذ من قبل الصندوق. ومن خلال هذا النموذج سيطرح ثراء حصصا متنوعة الحجم في الشركات والمشروعات بالقطاعات المختلفة، موضحا أن الصندوق لا ينوي الاحتفاظ بالحصص الغالبة في كل مشروعاته.
القطاعات التي سيركز عليها الصندوق: الأغذية، والأدوية، والصناعة، والبنية التحتية، والطاقة، وغيرها. وكذلك، سيبحث الصندوق العمل في قطاع الأغذية الزراعية. وقال سليمان إن هناك اهتماما بالغا من المستثمرين الإقليميين والدوليين بمحطات الطاقة ومشروعات الأدوية والأغذية الزراعية في مصر.
ولا يسعى الصندوق لمزاحمة القطاع الخاص، حسبما يؤكد سليمان، موضحا "لا نعتزم المشاركة في أي مشروع لديه مستثمرين بالفعل.. سنقوم بخلق فرص حصرية للصندوق، أو الفرص التي تستفيد من مشاركة الصندوق بها".
ويركز "ثراء" حاليا على المستثمرين من المؤسسات، مع خطط لجذب المستثمرين الأفراد في مرحلة لاحقة.
وأضاف سليمان أن الطروحات الأولية والتخارجات الأخرى ضمن خطة الصندوق على المدى البعيد.
وسيقوم الصندوق بوضع خطط بعيدة المدى أيضا لاستثماراته وذلك لخلق عائد مستدام خلال 4 سنوات من تدشينه.
الخط الزمني: ويقول سليمان إن تركيز الصندوق حاليا هو على إقامة شراكات في مشروعات وقطاعات محددة. واتضح ذلك في إعلان الصندوق اعتزامه شراء حصة قد تصل إلى 30% في محطات كهرباء بنتها سيمنس بالتعاون مع أوراسكوم كونستراكشون والسويدي إليكتريك، مع توقعات بإتمام الصفقة العام المقبل.
أين تكمن الفرصة بالنسبة للمستثمرين؟ "الذي يميز صندوق ثراء عن الصناديق الأخرى هو أنه سيتيح الوصول للفرص وفرصا حصرية للمستثمرين لن تكون متاحة أمامهم في مكان آخر". وأضاف أن "ثراء" سيفتح القطاعات المهمة والمتخصصة التي ظلت مغلقة في كثير من الأحيان أمام المستثمرين من القطاع الخاص. فعلى سبيل المثال، سينضم القطاع الخاص إلى إدارة المواقع التاريخية والأثرية من خلال الصندوق السيادي. ومن المصرح أيضا الاستثمار في مشروعات البنية التحتية من خلال مشروعات الشراكة بين القطاع العام والخاص (PPP)، وغيرها من الأطر، بما في ذلك نظام نقل الملكية والتملك والتشغيل (TOO) المستحدث مؤخرا.
ما سبب إطلاق "ثراء" في هذا الوقت؟ "نرى أن لدينا الآن فترة مدتها 18 شهرا قبل أن تبدأ الأسواق الناشئة القوية تقليديا والتي شهدت تباطؤا هذا العام، في التعافي مجددا". ويسعى ثراء إلى ترسيخ مكانته كي يكون قادرا على استقطاب أكبر قدر من الاهتمام خلال تلك الفترة. بشكل عام، تعد مصر حاليا من بين اقتصادات الأسواق الناشئة الأكثر جاذبية، إذ تمتلك الأساسيات القوية والتركيبة السكانية والسوق الاستهلاكية الكبيرة، كما تقدم مصر عوائد أعلى من المتوسط وهو ما يستقطب مستثمري المحافظ المالية.
إطلاق ثراء في خضم تحديات كبيرة أمام الاقتصاد الكلي العالمي: يرى سليمان فرصة في إطلاق ثراء وسط المناخ الاقتصادي العالمي الحالي لعدة أسباب، فهو يرى أن مصر نموذج استثماري قوي في جذب المستثمرين الذي نزحوا من الأسواق الناشئة هذا العام. ويشير سليمان إلى أن مصر تمكنت من جلب الأموال الساخنة من مستثمري المحافظ المالية في أسوأ الأوقات بفضل العوائد المرتفعة. يمكن للصندوق الاستفادة من ذلك لجذب تلك التدفقات إلى أدوات الدين طويلة الأجل، وفقا لسليمان، والذي يرى أن ذلك بمثابة حافز لإعادة تنشيط أسواق المال محليا وتحفيز ظهور أشياء مثل سوق سندات الشركات في مصر. علاوة على ذلك، تتوسع الأسواق الناشئة الكبرى اقتصاديا خارج حدودها، مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية. ويرى سليمان أن مصر في موقع استراتيجي للاستفادة من تلك المبادرة.
كيف لنا أن نضمن تطبيق الشفافية والحوكمة بصرامة في إدارة الصندوق؟ قال سليمان "أولا، من خلال جودة شركائنا وشراكاتنا". وبحكم استقطاب شركاء أجانب وراسخين، فإن الصندوق ملزم بالعمل وفقا لأشد معايير الشفافية صرامة. وعلاوة على ذلك، إن عملية جلب المشروعات والشركات إلى السوق وفقا لتصميمها ومتطلباتها يجب أن تتسم بالشفافية. كما أن صندوق ثراء عضو في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية، وهو ما يشجع على الالتزام بمتطلبات حوكمة الشركات والشفافية.