كيف سيتعامل قطاع الإنشاءات في مصر مع أزمة “كوفيد-19” (الجزء 2 من 2)- حوار مع عمرو وحسن علام الرئيسين التنفيذيين لمجموعة حسن علام القابضة: في وقت سابق من الشهر الجاري تحدثنا عن موقف مشروعات البنية التحتية خلال الأسابيع الأولى من أزمة “كوفيد-19”، وقال عدد من الأطراف الفاعلة في القطاع حينها إن المشروعات لم تتأثر في المجمل بالأزمة. ولكن بعد مرور ثلاثة أسابيع نعيش في عالم مختلف تماما: الكثير من الشركات بدأت تطبيق برامج العمل عن بعد، وأصبح مليارات من البشر اليوم خاضعين لتعليمات البقاء في المنزل وفرض حظرا للتجول في عدة دول بينها مصر كما توقف الطيران في معظم أنحاء العالم، وأطلقت الحكومات والبنوك المركزية حزما بتريليونات الدولارات لتحفيز الاقتصاد.
تحدثنا مع اثنين من أبرز اللاعبين في قطاع الإنشاءات في مصر لمعرفة كيف ينظرون إلى الأزمة وكيف سيتعاملون معها: أوراسكوم كونستراكشون (شركاؤنا في هاردهات) وحسن علام القابضة. وفي الجزء الأول قال رئيس مجلس إدارة أوراسكوم كونستراكشون، أسامة بشاي، إن تباطؤ عمليات القطاع أمرا متوقعا في ظل تطبيق ضمانات السلامة. وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بمدى تأثير انتشار “كوفيد-19” على القطاع يتوقع بشاى استمرار التباطؤ على مدار 2020. كما حدثنا بشاي عن كيفية إدارة أوراسكوم كونستراكشون للأزمة في مواقع العمل وكيف يتعامل معها العملاء والموردين والأطراف الأخرى وماذا يمكن أن نتوقعه في عالم ما بعد “كوفيد-19″، ويمكنكم قراءة المقابلة كاملة مع بشاي على موقعنا. اليوم نتحدث مع عمرو وحسن علام رؤساء مجلس إدارة مجموعة حسن علام القابضة.
وإليكم أبرز ما جاء في حديثنا مع عمرو وحسن علام:
ما هو وضع قطاع البناء في ظل أزمة “كوفيد-19″؟
حسن علام: منذ بداية الأزمة اتخذت مجموعة حسن علام ضمانات سلامة لتقليل خطر العدوى وشملت تعقيم الأجهزة والمكاتب وتقليل مدة الورديات وإتاحة العمل من المنزل. ولكننا ندرك أن ذلك ليس كافيا بسبب سعة عملياتنا، فلدينا 35 ألف موظف وعامل يتعاملون بدورهم مع عدد آخر من الموردين ومقاولي الباطن وأطراف ثالثة أخرى. لذلك قمنا بإعطاء 50% من قوتنا العاملة إجازة مدفوعة الأجر مع تبديلهم بشكل أسبوعي. ولم يكن ذلك كافيا أيضا لأن هناك آلاف الأشخاص ممن يتعاملون مع بعضهم البعض يوميا. ومع دخول الأزمة مرحلة أكثر دقة قررنا يوم الخميس الماضي تعليق العمل في جميع المواقع لمدة أسبوع مع إجازة مدفوعة الأجر للعاملين، لنتيح المزيد من الوقت لإعادة تقييم الموقف ورفع مستوى ضمانات السلامة وفرض إجراءات أكثر صرامة لضمان بيئة عمل أكثر أمانا لموظفينا. وسنقوم بمراجعة الموقف في نهاية الأسبوع الجاري لمد التعليق من عدمه. أعتقد أن كبرى الشركات في القطاع ستتخذ قرارات مماثلة إذا لم تكن قد قامت بذلك فعلا.
هل تأثرت المشروعات ومواعيد التسليم لحسن علام؟
حسن علام: ستتأثر بسبب التباطؤ وكلما استمر الموقف ستتأخر المشروعات. بعض المشروعات ستتعافى من ذلك التأخير ولكن لن يتعافى البعض، فالأمر يختلف لكل حالة.
وما هي المشروعات التي تأثرت بشدة بذلك التأخير؟
حسن علام: المشروعات الأكثر تأثرا هي المشروعات التي بها عناصر إنتاج رئيسية وتأجل بالفعل تسليمها. وغالبا ستكون تلك هي المشروعات التي تحتاج منهج معين في البناء يختلف عن الأساليب التقليدية. ولا يمكن القول بأن جزء محدد في قطاع الإنشاءات سيتأثر أكثر من غيره، فكل من قسمي المباني والبنية التحتية يعتمدان على المواد المستوردة والفنيين. فمثلا تعتمد العديد من مشروعات المياه على التكنولوجيا من الخارج ومقدميها. وعلى صعيد العمالة فلدينا أيضا بعض التراجع، إذ يخشى الكثيرون الذهاب للعمل ويريدون البقاء في المنزل.
عمرو علام: أعتقد سيكون هناك تأخير لدى الجميع وسيشمل كل سلاسل التوريد – سواء كعمالة أو كمدخلات إنتاج – بسبب الطبيعة العالمية لتلك السلاسل. فهذه الصناعة مترابطة بشكل عام، فالعديد من المواد التي نستخدمها مستوردة من أوروبا أو الصين أو المناطق الأخرى. إذا، فمن ناحية التسليم فالتأخير يؤثر بالفعل على بعض المشروعات حاليا.
كيف أدارت حسن علام علاقتها بالعملاء خلال الإغلاق من ناحية التسليم والسداد؟
حسن علام: أريد القول إن العملاء داعمين ومتعاونين للغاية. هناك نقاش صحي بيننا وهو خير دليل على طبيعة العلاقة التي تتمتع بها حسن علام مع مالكيها وشركائها. إذا ليس لدينا شكاوى من ذلك، ففي تلك الظروف نقوم بحوارات موسعة مع عملائنا ويقوم الطرفان بتقديم تنازلات. وقانونيا لا تنص تعاقدات الإنشاءات على كيفية التصرف في حالة جائحة عالمية، لذلك تستخدم بنود “القوة القاهرة” في العقود لحماية المقاول والعميل.
عمرو علام: العملاء عموما يتفهمون أن قطاع البناء يجر ورائه عدة قطاعات أخرى مثل مقاولي الباطن ومصنعي مواد البناء، كما يدركون أن وجود السيولة المالية ضروري لبقاء القطاع. وأعتقد أن الحوار مفتوح ولدينا دعم كبير للإبقاء على موظفينا، بمن فيهم العاملين باليومية، في المنزل بإجازة مدفوعة الأجر لمدة أسبوع أو أسبوعين مقبلين حتى نعيد تقييم ضمانات السلامة لجميع عاملينا. ولم يكن ذلك ليتحقق دون وجود الدعم من العملاء المتمثل في السداد.
كيف ستغير الأزمة من شكل تطوير البنية التحتية في 2020 وما بعدها؟
حسن علام: أعتقد أنه مع السيطرة على الجائحة ستقوم الحكومات بإعادة إطلاق الدورة الاقتصادية وضخ السيولة المالية في الاقتصاد وإعادة الناس للعمل مرة أخرى. ونحن جميعا نعلم أن قطاع البناء رائد في تشغيل الناس لذلك أتوقع أن يفيد المناخ الكلي قطاع البناء بشكل عام، أنا متفائل.
وما هي خطة حسن علام للتأقلم مع تداعيات “كوفيد-19” على المدى البعيد؟
حسن علام: لدينا خططا منذ 2011 للاستثمار في أعمال متنوعة تحقق إيرادات وسيولة مالية تدعم مشاريع الإنشاءات الأساسية لدينا التي قد تكون عرضة لتقلبات السوق. وتتضمن تلك الأعمال قطاع الخدمات ومواد البناء والصناعة والخدمات الهندسية التي يمكن القيام بها من مواقع منفصلة وتستخدم عمالة أقل وتحقق تدفقا إيجابيا أو متعادلا في السيولة النقدية. فعلى سبيل المثال، يدفع معظم الناس فواتير الكهرباء والمياه وخدمات الهندسة مقدما وهو ما يختلف عن تأجيل السداد الذي تشتهر به خدمات البناء. وقررنا أن ننوع من محفظتنا حتى نحافظ على توازننا في حالة الأوبئة العالمية والثورات وغيرها من الأحداث التي تضر بالتدفقات النقدية.
عمرو علام: أعتقد أنه مع مرور الوقت سنكتشف مجالات نستطيع أن نكون فيها أكثر كفاءة وتوفيرا. هناك العديد من الأشياء التي تستهلك السيولة المالية ويمكن الاستغناء عنها. وأعتقد أن النقود السائلة وتدفقها ستكون هي محور اهتمام الأعمال عام 2020، لذلك سنتجه لإدارة تدفقاتنا من النقود السائلة بدقة مع الاحتفاظ بقدرتنا على المناورة والمرونة. ونحن نسعى لتحقيق ذلك دون المساس بعاملينا قدر المستطاع وهو ما نتخذه على محمل الجد بشدة. وأريد أن أؤكد أنه لا يمكن وضع خطة ثابتة لفترة تزيد عن 4 أشهر مقبلة لأن الأمور تتغير على مدار الساعة.
هل ساعدتكم إجراءات الحكومة وسياستها الاقتصادية في مواجهة الأزمة؟
حسن علام: اتخذ البنك المركزي قرارا لتخفيض نسب الفائدة وهو ما أفادنا كثيرا. فنحن نستخدم التسهيلات المالية لدعم عدد من مشروعاتنا وتدفقات النقود السائلة لدينا، وتخفيض نسب الفائدة على تلك التسهيلات التي نحصل عليها تساعدنا على تخفيض التكاليف بشدة. إذا، لدينا دعما قويا من الحكومة بقيادة رئيس الوزراء والبنك المركزي.
وما هي السياسات التي تنصحون بها؟
حسن علام: أنصح بشدة أن تؤجل الحكومة الضرائب عن 2019 حتى ديسمبر المقبل بدلا من المطالبة بسدادها في أبريل، وهو ما رأينه في عدة دول تحصل ضرائبها في أبريل مثل الولايات المتحدة التي أجلت السداد حتى يوليو. وأقترح أن نؤجل التحصيل في مصر لما بعد يوليو وليس إلغاءها تماما، بل على العكس، أطالب بأن تدفع كاملة. ومن المهم تأجيل تحصيل الضرائب لقطاع الإنشاءات بالتحديد للتغلب على الموقف.
عمرو علام: وسيكون تأجيل السداد للقروض غير المحققة للربح لمدة 6 أشهر خطوة إيجابية أخرى. وسيكون من الأفضل عدم احتساب فوائد على الإطلاق الفترة المقبلة بدلا من الاكتفاء بعدم تحصيل غرامات. وبشكل عام أنا أؤيد أي سياسات تسهل على العملاء سداد مستحقات موفري الخدمات. ويمكن للبنوك مساعدة العملاء بمد فترات سداد المستحقات الائتمانية. كما أؤكد أن سداد المستحقات القديمة سيساعد القطاع بشدة مما يجعله غير محتاج لدعم إضافي.
وما هو التأثير الإيجابي لأزمة “كوفيد-19” على القطاع؟
حسن علام: أدركت الحكومة أن هناك حاجة شديدة لمزيد من تطوير البنية التحتية خاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية للصحة والمنشآت الداعمة لها وهو ما سيكون فرصة لشركات مثل حسن علام ومنافسيها. وستكون هناك فرص لكبار المقاولين ومكاتب الهندسة وشركات مواد البناء في مصر والمنطقة.
عمرو علام: سيتغير العالم بشدة بعد تلك الأزمة خاصة فيما يتعلق بسلاسل التوريد العالمية وستتغير كذلك عقليات الشركات التي لطالما اعتمدت بقوة على الموردين من مناطق معينة. ومن غير المرجح أن يستمر الاعتماد على الصين بقوة كما كان الحال قبل الأزمة. ولدى مصر فرصة لتكون مصدر التوريد الرئيسي لأوروبا، فنحن لدينا موقع جغرافي فريد ولدينا القوة العاملة والبنية التحتية الصناعية والعقول اللازمة للاستفادة من تلك الظروف.
وما هي الرسالة التي تريدون توجيهها للقطاع والعاملين وملاك الحصص ومجتمع الأعمال والبلد ككل؟
عمرو علام: على كل شركة اليوم أن تسأل نفسها ماذا يمكن أن تفعله بشكل إضافي. وقامت الحكومة بكل ما في وسعها مما يفرض على القطاع الخاص دورا كبيرا ليلعبه خلال الشهور المقبلة.
حسن علام: نحن نبعث رسالة أمل من خلال فريقنا عبر 11 شركة تابعة في 7 دول مختلفة. ومن المهم جدا للشركات التي حققت نجاحا هنا أن تركز على أهمية الشفافية مع موظفيها واستعدادها للوقوف بجانبهم خلال تلك الأزمة سواء من خلال الدعم المادي أو المعنوي.