فنجان قهوة مع أحمد إسماعيل الرئيس التنفيذي لشركة ماجد الفطيم العقارية: مصر دولة بالكاد يوجد لديها مساحات عامة، كما لا يوجد بها حدائق حضرية أو محميات يمكن التنزه بها، حيث يمكن للأطفال التجول بحرية، أو يستطيع المراهقون لعب الكرة. وحتى إن كنا محظوظين، فهناك فترات طويلة خلال العام ترتفع فيها درجات الحرارة مما يحثنا على البحث عن أماكن أخرى للاستمتاع.
وربما هذا السبب تحديدا، يفسر لماذا يختلف الاستثمار في إنشاء المراكز التجارية بدول الشرق الأوسط عن نظيراتها من الدول الغربية. فعلى الجانب الأخر، يتعلق الأمر بتراجع مبيعات المتجر نفسه وتقليص المساحة الإجمالية القابلة للتأجير. وهو ما يظهر جليا في صور المراكز التجارية المهجورة. لكن في هذا المكان الذي نعيش فيه من العالم، الأمر يتحول لتحقيق تلك المراكز التجارية لنمو، وهو ما يمكن لأي شخص شجاع بما يكفي اكتشافه إن جرب الاقتراب من مول تجاري في "الجمعة السوداء".
على سبيل المثال، لدينا أحدث المراكز التجارية في مصر "سيتي سنتر ألماظة" وهو أحد مشروعات مجموعة ماجد الفطيم، والذي بلغت تكلفة إنشائه 580 مليون دولار، يمكنكم قراءة المزيد في تغطيتنا هنا.
تفتخر مجموعة ماجد الفطيم بتقديم منصة إقليمية للعلامات التجارية الشهيرة مثل كارفور، وأبل، وتودز، وسيلين. وتعد مجموعة ماجد الفطيم مجموعة غير عادية بكل المقاييس: فهي عملاق تجارة التجزئة المحلية، كما تعتبر ملكية خاصة، لكن تخضع وتدار بعيدا عن العائلة المؤسسة، كما أنها شركة ذات مستوى استثماري خضعت للتصنيف بشكل مستقل من قبل مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني على مدار 7 سنوات حتى الآن.
بعد التوسع خارج الإمارات، تجاوز نمو الإيرادات الإجمالية للشركة 8 مليارات دولار سنويا، كما أنه من المتوقع أن تبلغ الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك واستهلاك الدين للشركة نحو 1.2 مليار دولار للعام الجاري. ومع قاعدة أصول تصل إلى 13 مليار دولار، تمتلك المجموعة 26 مركزا تجاريا تمتد من الإمارات إلى مصر، مع محفظة استثمارية تضم علاماتها التجارية الخاصة بها مثل مجموعة سينمات فوكس، واتفاقيات الحصول على تراخيص علامات عالمية بما في ذلك كارفور. ويعمل لدى المجموعة حوالي 45 ألف موظف منهم 7000 موظف في مصر، كما أن هناك تواجد مصري كبير بين كبار موظفي ماجد الفطيم، ويمثل المصريون حوالي 99% من إجمالي العاملين في مصر.
ومن بين هؤلاء، الرئيس التنفيذي لشركة ماجد الفطيم العقارية أحمد إسماعيل (سيرة ذاتية)، الذي يعمل مع شركة ماجد الفطيم منذ 13 عاما، وجاء اختياره قبل عام ليقود شركة ماجد الفطيم العقارية. قبل تعيينه في منصب الرئيس التنفيذي، شغل إسماعيل منصب الرئيس التنفيذي لشركة ماجد الفطيم فينتشرز لمدة 10 سنوات، أشرف خلالها على سبعة قطاعات أعمال تشمل تجارة الأزياء والترفيه ودور السينما والخدمات المالية وإدارة المرافق. كذلك كان مديرا بشركة بوز ألن هاملتون في دبي قبل انضمامه إلى مجموعة الفطيم في عام 2007.
وإليكم مقتطفات محررة من المقابلة:
إنتربرايز: ما الذي تعنيه مصر بالنسبة لمجموعة الفطيم؟
أحمد إسماعيل: يكفيني القول أننا نعمل كمستثمر طويل المدى في مصر. فقد كانت مصر السوق الأولى التي توسعت بها المجموعة خارج دولة الإمارات، كما ننظر إلى الأمر نظرة بعيدة الأمد تمتد إلى 30 عاما من الاستثمارات. إذ يتمحور الأمر حول كيفية تفكيرنا بالنمو. لقد استثمرنا في مصر 24 مليار جنيه، وهو استثمار أعلى بملياري جنيه مما توقعنا سابقا في عام 2015 عندما حضرنا مؤتمر تنمية الاقتصاد المصري الذي عقد في شرم الشيخ. ولقد استثمرنا في مصر قبل قرار تعويم الجنيه، وكذلك في أعقابه.
إنتربرايز: هذا النوع من الأفق يمثل تحديا للعديد من الشركات.
إسماعيل: بالتأكيد، لكن انظر إليها على هذا النحو: لقد قرأت في إنتربرايز مؤخرا أن ربحية الشركات قد عادت مرة أخرى إلى مستويات ما قبل اتخاذ قرار تعويم الجنيه. لقد حدث ذلك سريعا. ومن السهل معرفة السبب: فقط انظر إلى الاتجاهات الديموغرافية. تطلع لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. وانظر لعودة الانتعاش لقطاع السياحة. وأصبحت أعمالنا في مصر تنمو بمعدلات لا تقل عن 10%. كما تجاوزت نسبة الإشغالات لدينا 90%، ونتوقع أن يرتفع عدد الزائرين لمراكزنا التجارية إلى 37 مليون زائر خلال العام الجاري، كما نستهدف 50 مليون زائر لتلك المراكز على مدار العام المقبل. لدينا في مصر أيضا ما يقرب من 60 فرعا من مراكز كارفور العالمية، ونتطلع لأن تصل إلى 100 فرعا.
هذا ما توصلنا إليه من نظرتنا طويلة المدى، وقد نقلنا تلك النظرة للمساهمين بالمجموعة. ولقد دخلنا أسواق المال بطرح صكوك مختلطة وإسلامية وتقليدية بأسعار تنافسية لآجال 10 سنوات. ويعي المستثمرون الدوليون إمكانات قطاع التجزئة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط.
إنتربرايز: يجب توحيد نموذج الأعمال لتحقيق ذلك، أليس ذلك؟
إسماعيل: بالتأكيد. كلما توسعنا في الأسواق الجديدة، يكون كارفور هو القاعدة التي نؤسس عليها. فهو استثمار ذو رأس مال ضئيل، ويسمح لنا بفهم عملائنا وتقييم كمية الطلب. أولا نجمع البيانات، ثم نبدأ في إطلاق الشركات الأكبر من حيث رأس المال.
إنتربرايز: إحدى النظريات الشهيرة في القاهرة هي أن الطلب على قطاع التجزئة سيضعف لأن الدخول المتاحة قد تضاءلت، ويسعى المستهلكون حاليا للحصول على تمويل. إذا ما الذي يفسر استمرارية ثقة المستهلكين؟
إسماعيل: نحن لا نقدم قروضا استهلاكية، لذا لا يمكنني التحدث عن ذلك، لكن أعرف أن الديون الاستهلاكية، تمثل جزءا ضئيلا جدا من الناتج المحلي الإجمالي. والذي نراه هو استمرارا للنمو، كما نرى أن المستأجرين لدينا بالمراكز التجارية يبلغون عن نمو في المبيعات يفوق التضخم. كما أن متوسط سلة المستهلك يواكب التضخم، ويعزى النمو إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يقضون المزيد من الوقت ويقومون بالشراء. تقديم التجربة المناسبة هو ما نعتمد عليه لجذب المتسوقين، ثم يصبح الأمر بعد ذلك حول التحويل ومتوسط سعر السلة.
نحن نتوقع لهذا العام أن يصل عدد الزائرين إلى نحو 50 مليون شخص، مع توقعات بتحقيق مبيعات المتاجر نفسها نمو يتراوح بين 12 إلى 15% للعام الجاري. كذلك ستحقق متاجر العلامات التجارية المعروفة التي تأخذ خبرة المستهلك على محمل الجد نموا جيدا، إذ نتوقع مضاعفة أرباحها. أما المتاجر الأقل اطلاعا على آخر المستجدات قد تسجل انكماشا للعام الجاري.
نحن نجمع البيانات، ووجدنا أن المتاجر التي تقدم تجربة عالية القيمة ستتضاعف أرباحها، على عكس من لا يركزون على تجربة المستهلك. فالطلب على السلع الاستهلاكية نشط للغاية.
إنتربرايز: ما الذي تقوله العلامات التجارية العالمية التي تعملون معها عن مصر في الوقت الحالي؟
إسماعيل: الكثير من العلامات التجارية العالمية ترى في مصر فرصا جيدة للغاية لتحقيق النمو. إذ أن تحسن الاقتصاد وزيادة ثقة المستهلكين خلال الثلاث سنوات الماضية شجع العلامات التجارية العالمية للاستثمار مرة أخرى في النمو، كما أن العديد من العلامات التجارية التي لا توجد في مصر حاليا تفكر الآن في التوسع في مصر. فقد فتحت علامة نايك التجارية أول متاجرها الأساسية في مصر بمول "سيتي سينتر ألماظة"، كما أحضرت زارا مفهومها الجديد عن تجارة التجزئة إلى مصر لأول مرة. كما أعلنت علامات أرماني وهوجو بوس افتتاح متاجرهم الخاصة في مصر.
ويشجع العلامات التجارية الفاخرة على فتح متاجرها في مصر تعافي القطاع السياحي، الذي يجلب نوعية جديدة من الزائرين الذين ينفقون بسخاء إلى مصر. الاستثمار بتجارة التجزئة والبنية التحتية لدعمها ليس مجرد استثمار بتجارة التجزئة، لكنه جزء أساسي من البنية التحتية السياحية في مصر والتي سيكون لها تأثيرا كبيرا على مناخ الاستثمار.
إنتربرايز: ما هو شعور أن تعمل في مؤسسة تقليدية بينما يستعد الجميع لمرحلة تقود فيها التجارة الإلكترونية السوق؟
إسماعيل: ليس هناك شك بأن التسوق الإلكتروني يشهد نموا. وقد عززت العديد من العلامات التجارية لدينا تواجدها الإلكتروني، بما في ذلك كارفور، و كريت آند باريل، و فوكس. لكن السؤال الأهم هو: كيف نتنافس عندما يستطيع أي شخص طلب أي شيء بسعر جيد ويمكن حتى إيصالها إليه في نفس اليوم؟
الأمر بسيط: العملاء في منطقة الشرق الأوسط لا يرغبون فقط في الحصول على البضائع. لكنهم يطمحون للحصول على تجارب اجتماعية وترفيهية وتجارب تتجاوز قيمة حذاء أو حقيبة أو قميص. لهذا نحن شركة تتمحور حول التجربة، في الترفيه، والأغذية والمشروبات، والسينما. ونفس الأمر يجري على شركائنا من العلامات التجارية: عندما يرغب المستهلكون المتعجلون في توفير الوقت، يفضلون التسوق عبر الإنترنت. وعندما يتوفر لديهم الوقت، يصبح الأمر متعلقا أكثر بتجربة الشراء نفسها وما يرتبط بها من تفاعلات اجتماعية. لذلك فإن تجار التجزئة وأصحاب العلامات التجارية الذين يفشلون في إدراك تلك الحقائق يصبح من الصعب عليهم المنافسة.
إنتربرايز: سؤال أخير: هل حقا جلبتم خاصية الدفع الذاتي عند الخروج إلى مصر؟
إسماعيل: نعم، في كارفور. يمكنك الآن إجراء المسح الذاتي للبضائع والدفع والرحيل، وتمثل مبيعاتنا عبر تلك الخدمة 10%. إذ أن المستهلك المصري متعطش للتجارب المستقبلية الرائعة بقطاع التجزئة.