هل تنقذ آلية تسهيلات السيولة والاستدامة المالية للأمم المتحدة الاقتصادات الأفريقية؟
قد تستفيد مصر من مرفق مقترح تابع للأمم المتحدة لتعزيز السيولة في أسواق السندات السيادية بالدول الأفريقية، لمساعدتها على تخطي تداعيات "كوفيد-19". فطبقا لآلية مرفق السيولة والاستدامة (بي دي إف)، والتي اقترحتها في سبتمبر الماضي الأمم المتحدة وشركة بيمكو لإدارة أصول الدخل الثابت، يمكن للدول النامية في أفريقيا والمتضررة اقتصاديا ونقديا من الجائحة أن تحصل على سيولة نقدية على المدى القصير.
يستهدف المرفق جذب المزيد من المستثمرين للسندات السيادية الأفريقية، عن طريق تقليل المخاطر وتخفيض تكاليف الاقتراض وتخفيف ديون الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
تقوم الآلية على دعم حيازات حاملي السندات من خلال اتفاقيات إعادة الشراء (والتي قدمت إنتربرايز شرحا لها في عدد سابق)، بدلا من إقناعهم بتحملهم خسارة استثماراتهم. وسيتاح للمستثمرين الاقتراض من الآلية مقابل محفظتهم من السندات السيادية بحوافز تتضمن نسب الفائدة وتخفيضات محتملة وتعاملات قصيرة الأجل تحت اتفاقيات إعادة الشراء، والتي تعتبر منخفضة مقارنة بأسواق دين القطاع الخاص. وقد يزيد ذلك من السيولة والطلب على الديون السيادية الأفريقية ويخفض من تكاليف الاقتراض للحكومات المتعثرة، نظريا على الأقل.
تكمن المشكلة في كيفية الحصول على التمويل، وهو ما يوجه الأنظار تقليديا نحو الدول المتقدمة. وتحاول الأمم المتحدة وبيمكو إقناع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإقراض الآلية ما بين 50 مليار و100 مليار دولار، وهو أمر غير متوقع بسبب الأضرار التي خلفتها الجائحة على اقتصادات الدول المتقدمة، والتي تمنعها من تخصيص مليارات الدولارات كتمويل خارجي.
لكن ربما يتدخل صندوق النقد الدولي، الذي أعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين الشهر الماضي أن بلادها تؤيد زيادة إقراضه للدول الأفقر لتعزيز سيولتها في مواجهة تداعيات الفيروس. وقد يستخدم الصندوق حقوق السحب الخاصة، وهي الأصول الاحتياطية التي تستخدمها الدول من أعضاء الصندوق لمنح العملة الصعبة للأعضاء الآخرين، وذلك لتوفير التمويل اللازم لآلية تسهيلات السيولة والاستدامة. وكان الصندوق قد وافق الشهر الجاري على استخدام 500 مليار دولار ضمن حقوق السحب الخاصة لدعم الاقتصادات الناشئة في مواجهة تداعيات "كوفيد-19".
الآلية ستكون مهمة للغاية بالنسبة للدول الأفريقية، التي يتوقع أن ترتفع نسبة الدين للناتج المحلي بها بمقدار 10-15% خلال العام الجاري بسبب الأزمة النقدية التي خلقتها الجائحة، طبقا لتقديرات بنك التنمية الأفريقي. وتعددت الجهود للتخفيف من الأزمة وبينها مبادرة تعليق سداد الديون من مجموعة الدول العشرين. ومع ذلك تتجه الدول الأفريقية لاقتراض المزيد عبر أسواق الدين للوفاء باحتياجاتها المالية المتزايدة. وترددت دول أفريقية في طلب تخفيف ديونها خوفا من خفض تصنيفها وقدرتها على الوصول لأسواق رأس المال.
لكن الأمر لا يخلو من مخاطرة، حسبما توضح صحيفة فايننشال تايمز. فآلية مرفق السيولة والاستدامة تستخدم السندات السيادية كضمان في سبيل زيادة السيولة، وهو ما قد يدفعها لطلب المزيد من المال لتغطية عمليات الشراء بالهامش، أو طلب المزيد من الضمانات من المقترضين في اتفاقية إعادة الشراء في حالة هبوط قيمة السندات. وبسبب ما قد يحدث من تقلبات، ستوفر الآلية فقط "تحسنا دوريا في السيولة"، أو تقصر الوصول إليها في حالة احتاجتها الدول الأفريقية فقط.
الآلية ربما لا تقبل السندات المحلية كضمان، وهو ما قد يدفع الحكومات للاقتراض بالعملات الأجنبية بشكل غير متناسب، وبالتالي تتعرض للمزيد من الديون الخارجية، بحسب الصحيفة.
كما قد تضعف الآلية من السياسات المالية وجهود زيادة السيولة في الأسواق إذا أجرت تخفيضات للمستثمرين، أو إذا أصبحت السندات التي تحملها أكثر مخاطرة. ويهدد ذلك بجعل تحكم صانعي القرار في الاقتصادات الأفريقية في أسواق السندات أكثر صعوبة في أوقات تقلباتها.
مصر ليست ضمن قائمة الاقتصادات الناشئة الأكثر عرضة لخطر أزمة ديون، مع استمرار الحكومة في إصدار أدوات الدين خلال الجائحة ونجاحها في الحصول على تمويل بقيمة إجمالية 8 مليار دولار من التمويل الطارئ لصندوق النقد الدولي بشروط ميسرة. كما لم تأت مصر ضمن قائمة البنك الدولي للدول المستحقة لتخفيف الديون من مجموعة العشرين. وفي الوقت الحالي، تستهدف السياسة النقدية المصرية تخفيض إعادة التمويل قصير الأجل من خلال إصدار أدوات الدين طويلة الأجل. ومع ذلك، فوجود آلية تسهيلات السيولة والاستدامة قد يمنح مصر إمكانية الوصول لإعادة تمويل على المدى الطويل.
للمزيد، يمكنكم الاطلاع على موضوع فايننشال تايمز بشأن اتفاقيات إعادة الشراء في السوق الأفريقية، وموضوع سابق عن الاتفاقيات من إنتربرايز، وكذلك هذا الفيديو بشأنها.