ألواك جاسوال، رئيس برنامج الأمم المتحدة للتكنولوجيا والإبداع في مصر، الذي يهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير المعدات الزراعية والطاقة الشمسية إلى جانب أمور أخرى: روتيني الصباحي (للعمل من المنزل) فقرة أسبوعية نتحاور خلالها مع أحد الأفراد الناجحين في مجتمعنا وكيف يبدأون يومهم، كما نطرح عليهم بعض الأسئلة المتعلقة بأعمالهم. وتتحدث إلينا هذا الأسبوع ألواك جاسوال، رئيس برنامج الأمم المتحدة للتكنولوجيا والإبداع في مصر، وهذه مقتطفات محررة من لقائنا معه:
من أنت، وماذا تفعل؟
أنا ألواك جاسوال، نشأت في كندا، لكني من أصل هندي. ورغم أن العالم يتأرجح الآن بين ثورة صناعية رابعة وانقراض جماعي سادس، ويعيش في مرحلة يطغى عليها الاقتصاد المعرفي المتقدم الذي يدعم أنماط التمييز والإقصاء، فإننا نصنع أشياء لطيفة ومؤثرة حقا، من خلال مد الجسور بين الابتكار التكنولوجي والتنمية المستدامة والشمول.
مثل الآخرين في مجتمع الأعمال، اقتحم "كوفيد-19" كل المجالات التي كنا نعمل عليها. لدينا شراكة مع عدة مؤسسات، منها شركة جيميني التابعة لأوراسكوم ضمن مبادرة "النهضة" الخاصة بالفيروس، ونظمنا تحدي "اختراق الفيروس" عبر الإنترنت مع تي آي إي سي، وديل، ونوفارتس، وعدة وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، بهدف دعوة المبتكرين لتطوير حلول لوقف انتشار الفيروس. ونعمل كذلك على مركز ابتكاري للنساء بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
قبل الجائحة كنا نعمل على بعض الابتكارات المثيرة للاهتمام، مثل سلاسل التبريد، ومشاركة المعدات الزراعية بين الفلاحين ذوي الدخل المنخفض على طريقة أوبر. أما الأقرب إلى قلبي فهو مشروع نعمل عليه مع الجامعة الألمانية بالقاهرة لخدمة أحد المجتمعات الفقيرة في محافظة المنيا، والذي لا يتمتع أفراده بمرافق المياه والصرف الصحي والنظافة، وذلك عن طريق معالجة هذه المشاكل باستخدام نظام يعمل بالطاقة الشمسية والذكاء الاصطناعي.
ما هو روتينك الصباحي؟
في ظل العمل من المنزل، أبدأ يومي في السادسة صباحا بالنظر في ما وصلني من رسائل على واتساب والبريد الإلكتروني، ثم قراءة إنتربرايز. في السابعة أمارس الركض وتمارين الاستطالة، قبل أن أستحم وأتناول كوبا من العصير بينما أحدد المهام التي سأعمل عليها خلال اليوم. في الثامنة والنصف تتغير بوصلتي إلى اتجاه ابني شيفشانكار البالغ من العمر سبع سنوات، إذ أعمل على تحضير الإفطار وتجهيزه للتعلم عن بعد، قبل أن أبدأ العمل مع فريقي.
وماذا تفعل خلال بقية اليوم؟
يشرفني التعاون فريق استثنائي (وبالتحديد رغدة المليجي وغادة حمدي)، ومع رواد الأعمال المصريين العظماء، ومع الحكومة المصرية التي تستضيفنا، ومع وكالات الأمم المتحدة الأخرى بهدف واحد: إحداث تأثير هادف ومستدام من خلال الابتكار.
أضاف "كوفيد-19" بعدا جديدا تماما إلى عملي، إذ أقضي وقتا في البحث والتدقيق في الحلول التقنية المجربة والقابلة للتوسع، والتي تعزز مسيرتنا نحو توفير الحلول الصحية الأساسية في مصر، خصوصا للفئات الأضعف. وقد قدمنا إلى وزارة الصحة نوعا من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الذي يقلل التفاعل البشري خلال الخضوع لاختبار الفيروس، وهي تكنولوجيا قادرة على التعامل مع 10 ملايين مكالمة في الوقت ذاته، وبالتالي لا نحتاج إلى مركز لخدمة العملاء للاتصال بالمرضى أو تحديد مواعيد لإبلاغهم بالنتائج. الحكومة الأيرلندية مثلا اضطرت إلى الاتصال بـ 8 آلاف شخص لإبلاغهم بأن نتائج اختبار الفيروس سلبية، وهو ما عمل عليه 250 شخصا لمدة أسبوع كامل، بينما اختصرت طريقتنا المهمة إلى 10 دقائق فقط، وهي طريقة سهلة ولا تتطلب أن تكون خبيرا في التكنولوجيا.
تتحدث كثيرا عن الشمول، فما دور التكنولوجيا هنا؟
نشأ جيل الألفية وسط إمكانيات الوصول إلى معلومات أكثر من كل الأجيال السابقة مجتمعة، وهذا ما سيصنع الفارق. يقول مارك توين إن السفر يقتل الجهل، وأنا أقول إن البيانات الضخمة تفتح البصيرة، وتقتل الجهل والتحيزات الزائفة. بالإضافة إلى أن لها تأثيرا كبيرا أيضا على التنمية، لكننا بحاجة إلى توخي الحذر الشديد في هذا المجال. فحين تفسد البيانات الضخمة للتلف بكثرة الصمت، لن تكون الحقيقة التي نحصل عليها سوى نصف الحقيقة. وعادة، عندما تتناول تلك البيانات النساء والفئات المستضعفة، لا تصبح حقيقة على الإطلاق. الشمول الرقمي يحتاج إلى البقاء في الصدارة.
كيف يتغير المجال الذي تعمل فيه مع الوقت؟
في عام 2003، تكلفت معرفة تسلسل الجينوم البشري نحو 2.7 مليار دولار، بينما لا تتجاوز تكلفتها اليوم 699 دولارا. وفي 2010 كانت المعرفة الطبية تتضاعف كل 3 أعوام ونصف، أما الآن فهي تتضاعف كل 73 يوما. وهكذا يتغير مجال التكنولوجيا والابتكار بمعدل مذهل. لم يعد قانون مور صالحا، وغالبا ما أقول للناس إننا نعيش في زمن "ستار تريك". كان مؤلف الخيال العلمي الراحل آرثر سي كلارك واحدا من أعظم أصحاب البصيرة في القرن العشرين، كم أتمنى معرفة ماذا ستكون أفكاره بخصوص الثمانين عاما المقبلة لو كان بيننا الآن.
فيم تفكر قبل النوم؟
شهدت الأرض 5 انقراضات جماعية خلال تاريخها، قضى كل واحد منها على 70-95% من الحياة على الكوكب، وكان آخرها قبل 66 مليون سنة وتسبب في انقراض الديناصورات. ونحن الآن في منتصف الانقراض الجماعي السادس، لكن هذا الانقراض هو خطأ البشر بالكامل.
لا أعتقد أننا ورثنا الأرض من أسلافنا، بل اقترضناها من أبنائنا. والآن أنا أسلم ابني شيفشانكار كوكبا أكثر حرارة، تذوب أنهاره الجليدية ويرتفع منسوب محيطاته ويقل تنوعه البيولوجي، مع طقس حاد وكوارث طبيعية مستمرة. غالبا ما أستلقي على فراشي وأنا أفكر في كيفية استخدام الطاقة المستدامة لتغيير ما يحدث. ومع دخول دونالد ترامب إلى المعادلة، ستكون أعجوبة لو استطعت النوم.
وماذا تفعل في أوقات فراغك؟
أبقى على اطلاع دائم بالجديد في مجال الطاقة المستدامة، مثل إضاءة الشوارع بالطاقة الشمسية، والألواح والبطاريات والمضخات، فهذا هو شغفي. كل الحلول التي رأيتها في القارة الأفريقية إما بدائية أو مكلفة، وأنا أرغب في إدخال الطاقة المستدامة لتحسين حياة الفئات السكانية الأكثر فقرا، من خلال التقنيات المتقدمة والرخيصة التي يمكنني تقديمها إلى السوق.
أحب السيارات أيضا، ولدي بونتياك موديل فاير هوك لعام 1992، لم تتحرك سوى مسافة 3 كيلومترات، ويوجد منها 25 نسخة على مستوى العالم فقط. لدي كذلك شغف بالفنون، وقد عملت منسقا للأغاني (دي جي) في مدينة نيويورك. وأحب لعب كرة القدم والتنس. أما أكثر ما أستمتع به فهو قضاء الوقت مع شيفشانكير وتعريفه إلى أشياء جديدة. ابني يحب الموسيقى، ويستمع إلى ديفيد بووي، وفرقة ذا تراجيكالي هيب، وتوم بيتي، وستيفي وندر، ومايكل جاكسون.
ما هو آخر كتاب قيّم قرأته؟
"أطلقوا سراح الصبي"، وهي سيرة ذاتية لجوني مار، أعظم ملحن وعازف للجيتار رآه جيلي، والذي انضم إلى قائمة طويلة من الفرق الموسيقية، وبلغ تأثيره أن أطلقت شركة راي بان إصدارا خاصا من النظارات الشمسية يحمل اسمه، وصنعت شركة فيندر جيتارا باسمه أيضا. أنا معجب بشدة بإبداعه وتواضعه جنبا إلى جنب مع دقته وشغفه بأن يكون الأفضل، لكني أخفق في تقليده دوما. إنه شديد البراعة، ويعزف موسيقى شديدة الإتقان لدرجة أنه هو نفسه لن يكون قادرا على فعلها مجددا. ودائما ما يرتدي أحذية نظيفة ولديه قصة شعر رائعة.
قرأت كذلك السيرة الذاتية للمهاتما غاندي، "قصة تجاربي مع الحقيقة". وأذكر أن آينشتاين قال عنه إن "الأجيال القادمة لن تصدق أن مثل هذا الرجل، بشحمه ولحمه، قد مشى على هذه الأرض".
إشارة خاصة إلى كتاب "ما أنا عليه"، وهو سيرة ذاتية لبيت تاونشند من فرقة "ذا هو".
وآخر شيء شاهدته وأعجبك؟
السلسلة الوثائقية "الرقصة الأخيرة" على نتفليكس، عن مايكل جوردان وفريقه شيكاغو بولز في تصفيات موسم 1997-1998 لكرة السلة. لقد كان حضوره طاغيا، وحين أشارت الساعة إلى الثواني الأخيرة من المباراة، كان لا يزال يطلب الكرة من زملائه. هذا ما كنت أفعله حين ألعب كرة القدم خلال سنوات شبابي، وهو ما أفعله الآن أيضا في حياتي الشخصية والعملية.
ما هي أفضل نصيحة سمعتها، سواء عملية أو شخصية؟ ومن قدمها لك؟
هل يمكنني اختيار نصيحتين؟ الأولى كانت من والدي، الذي قال: "يمكنك إيذاء الطبيعة كما تحب، لكنها سترد إليك الأذى عاجلا أم آجلا". أما الأخرى فمن والدتي: "لا تستمع إلى عقلك ولا قلبك، فإنهما سيوديان بك إلى طريق الضلال، بل أنصت إلى صوت ضميرك".