حصاد 2020.. عام تعطل سلاسل الإمداد ثم عودتها للتعافي: أثر "كوفيد-19" على قطاعات عديدة للبنية التحتية وكان أكثرها تضررا الطاقة والإنشاءات والشحن، وذلك بسبب تعطل سلاسل الإمداد وتقلب الأسعار. وشهدت القطاعات التي تعتمد على التعامل المباشر، مثل خدمات التوصيل والنقل التشاركي، ضعفا في الطلب.
الطاقة المتجددة: أدى تعطل سلاسل الإمداد لتأخير تنفيذ عمليات شركات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكذلك تحويل المخلفات لطاقة ما بين مارس ويونيو. وتضررت بشكل خاص الشركات التي تعتمد على واردات من الصين، وهي أكبر منتج للألواح الشمسية، وذلك بسبب تأخر الطلبات وفرض الجمارك المصرية لحجر صحي لأسبوعين.
وخلقت التأخيرات والندرة حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل أسعار المكونات المستوردة. وأدى احتمال التأخير طويل الأمد لاستعادة القدرات الإنتاجية للصين وضعف الجنيه المصري وقيود التجارة العالمية لارتفاع الأسعار، حسبما قالت مصادر لإنتربرايز وقتها. كما أدى التباطؤ الاقتصادي وضعف الطلب على الطاقة لفائض من الأجهزة وهو ما ترتب عليه انخفاض سعرها.
ولكن الأسعار لم تشهد أبدا التأرجح الذي كان متوقعا. وتوقفت التعاملات تماما ما بين مارس ويونيو، ولكن مع عودة حركة الإنتاج في الصين للتعافي سريعا وإنهاء الإغلاق في عدة دول، بدأت سلاسل الإمداد تتعافى بدورها.
وأدى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي لإبطاء التحول نحو الطاقة المتجددة، فجرى تخفيض سعره للقطاع الصناعي إلى 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في مارس، لمساعدة المصانع على تخطي أزمة "كوفيد-19". وأصبح سعر الغاز الطبيعي المسال أكثر تنافسية من الطاقة المتجددة. ويبلغ سعر الطاقة الشمسية والرياح 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فيما يبلغ سعر الطاقة من المخلفات 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وخرجت تحذيرات من أن ذلك قد يؤدي لإضعاف خطط رفع الدعم على الوقود ويبطئ من توجه مصر نحو بنية تحتية أقل اعتمادا على الوقود الأحفوري.
ولكن يبدو التباطؤ مؤقتا: من المرجح بشكل عام أن يتباطأ الاستثمار في الطاقة المتجددة العام المقبل، قبل أن يعود للارتفاع بعدها بسبب استمرار العوامل الدافعة له. فانخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال مؤقت والحكومة لا تزال ملتزمة بإصلاحات الدعم. وعلى المدى الطويل، فأسعار الطاقة المتجددة ستكون أكثر تنافسية للقطاع الصناعي والحكومة والمستهلكين وكذلك أكثر استقرارا. ويقول خبراء الطاقة أن ذلك يدعم الجانب الاقتصادي للطاقة المتجددة. كما تواصل المؤسسات التمويلية مثل بنك الاستثمار الأوروبي التزامها بدعم مشروعات البنية التحتية للطاقة المتجددة.
النفط والغاز: أحدثت تقلبات السوق وضعف الطلب على الطاقة صدمة، فانهارت أسعار النفط وبدأت شركات الطاقة المصرية في خفض الإنتاج والإنفاق. كما انهارت صادرات الغاز المسال، والتي حققت شحنة واحدة فقط ما بين مارس وأكتوبر، بسبب ضعف الطلب العالمي، والذي انخفض بنسبة 9.4% على أساس سنوي في يوليو. ويتوقع أن ينمو القطاع في 2020، خاصة أن صادرات مصر من الغاز الطبيعي المسال وصلت إلى 1% من إجمالي السوق العالمية في 2019.
عودة قوية للنفط وأقل قوة للغاز: يتوقع تقرير لـ "أبيكورب" (بي دي إف) أن تشهد مصر أكبر استثمارات في قطاع البتروكيماويات في الشرق الأوسط من الآن وحتى 2024، فيما وصفت مجموعة سي دي سي قطاع النفط المصري بالـ "قوي نسبيا". وبالنسبة لصادرات الغاز الطبيعي فالتعافي سيكون أبطأ، وتتوقع "أبيكورب" أن تبقى منشآت الغاز الطبيعي المصرية "غير عاملة بكامل طاقتها" مع تصدير 35% فقط من إنتاج الغاز الطبيعي المسال حتى 2022. مع ذلك، من المتوقع أن يساعد افتتاح مجمع دمياط للغاز المسال في الربع الأول من 2021 على ارتفاع الصادرات، عندما يجري تصدير أولى شحناته خلال الربع المذكور.
الإنشاءات: شهدت المشاريع تأخيرات في التسليم جراء مشكلات في سلاسل التوريد وإجراءات التباعد الاجتماعي التي جرى اتخاذها في المواقع للتخفيف من حدة انتقال فيروس "كوفيد-19". ويعتمد القطاع على المواد المستوردة والفنيين المهرة، إلا أن الجائحة أثرت سلبا على كل من المشتريات والعمالة. وقد أدى هذا التباطؤ إلى حدوث انكماش على مستوى القطاع بأكمله، وصل إلى 9.1% في الربع الأول من عام 2020 وحده. وأشارت تقارير إلى أنه من المتوقع أن يكون النمو القطاعي أضعف في الأعوام المقبلة عما كان متوقعا في السابق.
إلا أن المخاطر التي جرى تحديدها مع بداية الوباء – مثل زيادة البطالة على نطاق واسع – لم تتحقق، إذ ساهمت الاستثمارات الحكومية والمشاريع العملاقة في تخفيف المخاطر المحتملة مثل البطالة، وإفلاس عدد من الشركات، وحدوث تغييرات أساسية في سلاسل التوريد العالمية، كما ساعد ذلك على تقليل البطالة والحفاظ على السيولة. وخسر القطاع 288 ألف وظيفة فقط – أي أقل من نصف الـ 624 ألف وظيفة التي خسرها قطاع التجزئة والجملة. وكان من المتوقع أن يظل نمو قطاع الإنشاءات في مصر "قويا" بنسبة 7.5% في عام 2020، مقارنة بتوقعات سابقة بنسبة 9.7%، اعتبارا من أبريل، ليتفوق بذلك على أداء القطاعات المماثلة في أسواق المنطقة.
الشحن البحري: سجلت شركات الشحن البحري في مصر خسائر تماشت مع الأرقام العالمية، على الرغم من أن حركة السفن في الموانئ المصرية ظلت بكامل طاقتها لنقل البضائع الأساسية. وتراجعت حركة الحاويات القادمة إلى الموانئ المصرية بنسبة 20% في أبريل 2020 مقارنة بنفس الفترة قبل عام. وتراجعت حركة الحاويات منذ بداية أزمة "كوفيد-19" في منتصف يناير الماضي بنسبة 10 إلى 20% مقارنة بمستويات شهر ديسمبر 2019. وعلى الصعيد العالمي، كان من المتوقع تسجيل تراجع بنسبة 25% في حركة سفن الشحن في النصف الأول من عام 2020، مع تسجيل تراجع بنسبة 10% خلال 2020. وتكبدت شركات الشحن البحري خسائر جراء هذا التراجع في حركة الحاويات، إذ هبطت إيراداتها من الموانئ المصرية ما بين 50 إلى 70% في مايو الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من 2019. وقالت معظم شركات الشحن إن موسم التصدير الزراعي، إلى جانب تراكم شحنات عقود طويلة الأجل حافظ على نشاط الموانئ المصرية.
وتشير التوقعات إلى أن قطاع الشحن البحري في طريقه للتعافي بعد تخفيف إجراءات الإغلاق. وقالت مصادر إن زيادة حركة الشحن المتوقعة ابتداء من منتصف يوليو ستكون مؤشرا رئيسيا على التعافي، كما يشير إعلان الحكومة أن قناة السويس سجلت زيادة سنوية في حركة عبور السفن بحوالي 165 سفينة في التسعة أشهر الأولى من 2020 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي إلى عودة القطاع إلى مستوياته المعتادة.
تسببت جائحة "كوفيد-19" في إحداث تأثيرات جذرية لنماذج أعمال تطبيقات النقل التشاركي وغيرها من التطبيقات التي تعتمد على التعامل المباشر. وسجلت الشركات الناشئة التي تقدم خدمات النقل التشاركي تراجعا في الطلب على خدماتها. وحرصت شركة أوبر على خفض التكاليف وتجنب الخسائر، إذ قررت إيقاف عمل منصتها لتوصيل الطعام "أوبر إيتس" في الشرق الأوسط في مايو، كما قررت شركة كريم تسريح 31% من موظفيها مع بداية الأزمة. وشهدت منصة واصل للنقل بين المحافظات تراجعا كبيرا في الطلب، وتأثرت إيراداتها بانخفاض عدد الرحلات التي تجريها بنسبة 50% خلال أول أسبوعين من تطبيق حظر التجوال، كما أن شركة ماي داي، التي تقدم المساعدة على الطريق للسيارات والتي كانت من بين الشركات الأكثر نجاحا في محفظة فلك للشركات الناشئة قبل "كوفيد-19"، شهدت انهيارا في الطلب لتتراجع الطلبات من نحو 50 يوميا إلى 7 أو 8 طلبات فقط اعتبارا من أواخر أبريل.
أدركت شركات النقل التشاركي أن عليها تنويع عملياتها من أجل البقاء، وكان ذلك عن طريق تقديم خدمات توصيل الطلبات. وقامت شركة أوبر بتأسيس "أوبر كونكت" لتوصيل الطلبات، كما تحولت شركة النقل الجماعي "حالا" لتقديم خدمات توصيل الطلبات مع إمكانية التقسيط لعملائها وذلك لتعويض خسارتها الناتجة عن انخفاض الطلب على وسائل المواصلات. وعدلت "واصل" من نموذج أعمالها لترشيد تكاليف خدماتها. وقال ممثلو جميع الشركات إن تكلفة التعقيم ارتفعت بشكل كبير.
التحفيز الحكومي وخفض أسعار الفائدة يحافظان على نشاط القطاعات: قوبلت حزم التحفيز الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة في مختلف القطاعات – والتي شملت خفض أسعار الفائدة وأيضا خفض أسعار الطاقة – بإشادة من ممثلي تلك القطاعات، والذين وصفوها بأنها ضرورية للتغلب على تداعيات الأزمة الحالية. وكان قرار البنك المركزي خفض أسعار الفائدة في مارس الماضي بمقدار 300 نقطة أساس بمثابة الخطوة الأكبر لدعم الاقتصاد، تلاه خفض آخر بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، وذلك على خلفية تراجع معدل التضخم واستقرار المؤشرات الاقتصادية الرئيسية في يوليو وأغسطس. وقال أحد قادة صناعة البناء، إن الدعم الحكومي كان قويا، بقيادة رئيس الوزراء والبنك المركزي: وأضاف: "لأننا نستخدم تسهيلات رأس المال العامل لدعم بعضا من مشاريعنا وتدفقاتنا النقدية، فقد ساعدنا خفض أسعار الفائدة المرتبطة بتسهيلات رأس المال العامل هذه في خفض التكاليف بشكل كبير". وتسبب قرار خفض أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء للمصانع، والذي جرى اتخاذه مع بداية جائحة "كوفيد-19"، في تحمل الدولة ما لا يقل عن 10 مليارات جنيه هذا العام.
الأسبوع المقبل – كيف تكيفت الشركات العاملة في مجال البنية التحتية مع الوباء – وتحديدا من حيث الرقمنة والتنويع – هذا هو ما سنقوم بتغطيته في الجزء الثاني من سلسلة "حصاد 2020".
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).