كيف يمكن للشركات الناشئة المصرية تقديم نفسها للمستثمرين العالميين وسط تباطؤ رأس المال المغامر؟
كيف يمكن للشركات الناشئة المصرية تقديم نفسها للمستثمرين العالميين وسط تباطؤ رأس المال المغامر؟ لحق التباطؤ الاقتصادي العالمي بمصر، مع تشديد تمويل رأس المال المغامر في جميع المجالات وسط مخاوف من الركود. مؤخرا، أصبحت كل الأطراف في مشهد الشركات الناشئة في مصر أكثر قلقا بشأن ما هو آت، وتبحث كيف يمكن جعل مصر سوقا جذابة للشركات الناشئة.
تحدثنا مع الشريك العام في صندوق إنكلود للتكنولوجيا المالية باسل مفتاح، لاستعراض ما يمكن أن يتعلمه المستثمرون والشركات الناشئة من هذا الانكماش، وكيف يمكن أن تقدم الشركات المصرية الناشئة نفسها لمستثمري رأس المال المغامر الدوليين. ونظرا لأن قطاع الشركات الناشئة المصرية لا يزال وليدا ولم يشهد انكماشا حقيقيا من قبل، فإن الشركات الناشئة والمستثمرين على حد سواء يتعلمون كيفية التعامل مع ظروف السوق الحالية. ولكن على الجانب الإيجابي، لا يزال هناك تمويل عالمي غير مستغل لرأس المال المغامر لم يجر ضخه بعد، ويمكن للشركات الناشئة المحلية الاستفادة منه لاحقا.
وإليكم مقتطفات محررة من حوارنا:
مصر لديها مشهد ناشئ للغاية لا يزال في طور التعلم. بزغ استثمار رأس المال المغامر على مستوى العالم في السبعينيات والثمانينيات. لذلك، فإن الأسواق الأخرى خارج مصر أكثر نضجا لأنها مرت بدورات متعددة. يعني عدم النضج نسبيا للسوق المصرية أن الجميع يتعلم ما يصلح لهذا السوق، خاصة منذ أن بدأ مشهد الشركات الناشئة في عام 2011 تقريبا.
واحدة من المشكلات هي افتقار السوق إلى أعداد المستثمرين… هناك عدد قليل جدا من مستثمري رأس المال المغامر النشطين في مصر، مقارنة بالولايات المتحدة. بالعودة إلى عام 2020، سجلت الولايات المتحدة أكثر من 1900 شركة رأس مال مغامر تدير أكثر من 3600 صندوق استثماري بقيمة 548 مليار دولار من الأصول، وفقا للجمعية الوطنية لرأس المال المغامر. اليوم، يبلغ عدد شركات رأس المال المغامر في مصر 51 شركة، وفقا لماجنيت. و"كي يكون لديك سوق، فأنت بحاجة إلى عدد كبير من اللاعبين المتنافسين بأطروحات وفلسفات مختلفة حول كيفية استثمارهم"، على حد قول مفتاح.
… وعمق السوق أيضا: هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها السوق المصرية تراجعا، لذلك لا تزال أطراف القطاع تتعلم كيفية التعامل معه، وفق ما قاله مفتاح، مضيفا: "الجميع في منحنى تعليمي حاد لفرز وفهم محفظتهم". يعتمد نموذج الاستثمار المغامر على صنع عدد من الرهانات الصغيرة عبر محفظة كبيرة، متوقعا نجاح البعض منها فقط.
السؤال الذي يحير المستثمرون الآن: أي من الشركات يجب مواصلة دعمها، وأي منها المفترض التخلي عنه؟ تضخ محفظة صندوق رأس المال المغامر النموذجية ما متوسطه 15-20 استثمارا لكل صندوق. وتحديد أي منهم يجب التخلي عنه قد يكون أمرا معقدا للغاية لاختلاف كثافة رأس المال بين نماذج الأعمال المختلفة، حسبما أوضح مفتاح. تشير كثافة رأس المال إلى مقدار الأموال التي قد تتطلبها الشركة لتحقيق الربحية. وبالتالي، يتعين على شركات رأس المال المغامر أن تقرر ما إذا كانت ستدعم الشركات التي تتطلب رأس مال أقل ولكنها تنمو ببطء، أو الشركات التي تتطلب المزيد من رأس المال ولكنها تنمو بشكل أسرع. هذه مشكلة لم يكن على المستثمرين المحليين التعامل معها حتى وقت قريب.
والنتيجة: "يعني ذلك بالنسبة لمصر أن لديك تأثيرا مركبا يتمثل في قلة الأموال المتاحة..الآن، يتعين على الشركات الناشئة إما تحقيق الربحية بسرعة أكبر، مما يعني أنها يجب أن تكون أصغر بكثير مما كانت عليه الخطة الأصلية بالنسبة لها، أو إغلاقها"، وفق ما قاله مفتاح.
ولتتعامل الشركات الناشئة مع هذا الانكماش بشكل صحيح، فإن الحوكمة هي المفتاح. منذ أن بدأت السوق خلال انتعاش كبير، كان هناك نقص في الحوكمة من قبل مجالس الإدارة وفرق الإدارة وسط مطاردة النمو بدلا من الربحية، حسبما يعتقد مفتاح. قد يبدو إشراك مجلس إدارة الشركة الناشئة بمثابة صداع، لكن إبقاء الأعضاء على اطلاع دائم يساعد في خلق التوافق عند ظهور قرارات صعبة.
.. ومن المهم وجود خطة بديلة لا تعتمد على المزيد من استثمارات رأس المال المغامر. قال مفتاح إن المؤسسين بحاجة إلى خطة عندما لا يتمكنون من جمع الأموال، بما في ذلك النظر في المنتجات والخدمات المربحة التي تقدمها وتلك التي من شأنها أن تسمح لها بالحفاظ على العمل لفترة أطول من الوقت.
والتخطيط المالي طويل الأجل أمر لا بد منه أيضا. لطالما كان جمع التمويلات عملية تستغرق وقتا طويلا. "كانت جولة الاستثمار النموذجية تستغرق 3-6 أشهر حتى تكتمل – واليوم، نتطلع إلى 6-12 شهرا"، حسبما يرى مفتاح. وبالتالي، يجب أن تبدأ الشركات الناشئة العملية في أقرب وقت ممكن.
وإذا كانت شركتك الناشئة قد تجاوزت جولات التمويل الأولية، فإن المستثمرين الإقليميين والدوليين مهمون. "أكبر حجم تذكرة من مستثمر محلي سمعت عنها كان 5 ملايين دولار"، بحسب مفتاح. هناك عدد من الاستثناءات، ولكن بشكل عام، لا يمكن للمستثمرين المغامرين المحليين وضع أكثر من ذلك. ويضيف مفتاح: "إذا كنت تتطلع إلى جمع 10 ملايين دولار أو أكثر، فسيتعين عليك اللجوء إلى المستثمرين الإقليميين والدوليين".
لكن يجب الوضع في الاعتبار أن بناء العلاقات والثقة مع هؤلاء المستثمرين يستغرق وقتا أطول اليوم مما كان عليه في الماضي، للأسباب السابق ذكرها، كما يقول مفتاح.
على الرغم من أن الاضطرابات الاقتصادية العالمية قد ألقت بظلالها على الاستثمار في الشركات الناشئة المصرية، إلا أن هناك جانبا إيجابيا. تعتمد معظم صناديق رأس المال المغامر الدولية على الدولار. ويقول مفتاح أن انخفاض قيمة الجنيه يعني، من بعض الجوانب، أن تكلفة التشغيل أصبحت أقل في مصر.
لكن الأمور ليست وردية. في الوقت نفسه، تقل قيمة عائدات الشركات الناشئة بسبب سعر الصرف بين الدولار والجنيه.
إذا، ما الذي يجب أن تقدمه الشركات الناشئة المصرية للمستثمرين الدوليين؟ تشكل الشركات الناشئة التي تتوسع في الخارج خيارا استثماريا جذابا للغاية. ويقول مفتاح: "عندما تتوسع، ستكون غالبية تكاليفك في مصر، ومع ذلك ستحقق إيرادات من أسواق متعددة".
لا تزال مصر جذابة بشكل عام لكونها واحدة من أكبر الأسواق الناشئة التي تضم سكانا من الشباب البارعين في مجال التكنولوجيا. ويحتاج المؤسسون أن يكونوا مستعدين ليثبتوا للمستثمرين الدوليين كيف سيستمرون في النمو بوتيرة سريعة من خلال تنويع المنتجات والأسواق، وإدارة التكاليف بشكل صحيح، وفقا لمفتاح.
على الصعيد العالمي، ستستمر ضغوط رأس المال المغامر لمدة 12 شهرا على الأقل، ولكن هذا لا يعني أنه ليس هناك أي أموال. يقول مفتاح: "هناك الكثير من الأموال حول العالم لم يجر استثمارها بعد". ويعتقد أن هناك رأس مال جمعته الصناديق من قبل، ولكن لم يجر استخدامه بعد، ويتراوح ما بين 200-600 مليار دولار على مستوى العالم. وسيجري استثمار بعض منه في مصر.
ولن تكون مجرد أمطار بل سيول. يخبرنا مفتاح أن "استثمار الأموال المتراكمة عادة ما يشبه الانهيار الجليدي إلى حد ما". بمجرد أن يرى المستثمرون ظروفا اقتصادية مواتية، سيجري استخدام الأموال بسرعة. يتعين على المستثمرين التحرك بسرعة للاستثمار خلال فترة الاستثمار التي تبلغ 3-5 سنوات للصندوق. متى سيحدث هذا هو موضع نقاش كبير في هذه المرحلة. ويعتقد مفتاح أن الأمر قد يستغرق 12 شهرا على الأقل.
لكن معظمها سيذهب إلى شركات المحفظة الحالية. يوضح مفتاح أن المستثمرين سيخصصون جزءا كبيرا من تمويلاتهم لعدد قليل من الشركات الواعدة المتواجدة في محفظة استثماراتهم بالفعل، بينما ستواجه الاستثمارات الجديدة مزيدا من التدقيق.
يجب أن تستغل الشركات الناشئة فترة الانكماش لتعلم كيفية توزيع مواردها. يقول مفتاح: "عندما يكون لديك أموال أقل، فإنك تتخذ قرارات أفضل". ويخلص إلى أن الانكماشات صحية لأنها تجبر الشركات الناشئة على التركيز على الأمور المهمة بدلا من محاولة التركيز على كل شئ في نفس الوقت.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:
- حصد التطبيق المصرفي الرقمي "تيلدا" 20 مليون دولار في جولة تمويلية أولية، بقيادة المستثمر الحالي شركة جلوبال فاوندرز كابيتال، لمساعدة الشركة على التوسع في أسواق جديدة وتنويع منتجاتها.
- جمعت شركة فلاب كاب الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3.6 مليون دولار في جولة تمويلية أولية، بمشاركة صندوق "إيه 15" لرأس المال المغامر وبولت باي كيو إي دي، وإنكلود، وأوتلايرز.
- ماستر كارد تستثمر في صندوق إنكلود للتكنولوجيا المالية: أتمت ماستر كارد استثمارا استراتيجيا، لم تكشف عن قيمته، في صندوق إنكلود" للاستثمار في "نمو شركات التكنولوجيا المالية الواعدة في مراحلها المبكرة" ودعم الرقمنة والشمول المالي في مصر.
- جمعت منصة الرعاية الصحية الرقمية "فيزيتا" تمويلا غير معلن في جولة تمويلية جديدة، بقيادة المستثمرين الحاليين شركة جلف كابيتال – التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها – وشركة في إن في جلوبال السويدية.
- جمعت منصة توزيع الأدوية "آي سابلاي" 1.5 مليون دولار في جولة تمويلية ما قبل تأسيسية، بقيادة صندوق ديسربتيك فينتشرز.
- أزمة كابيتر قد تصل إلى مرحلة التقاضي: رفع الشريكان المؤسسان لشركة كابيتر الناشئة أحمد ومحمود نوح دعوى قضائية ضد مجلس إدارة الشركة الجديد ردا على عزلهما من الشركة.
- جمعت شركة جلاميرا الناشئة 1.3 مليون دولار في جولة تمويل تأسيسية بقيادة مستثمري الرياض الملائكيين، وبمشاركة مسرعة الأعمال تيك ستارز، وإثراء فينتشر كابيتال، و100 فينتشرز، وسيليكون فالي فينتشرز، لوكرايتف فينتشرز، وآخرين.