التضخم يتراجع للمرة الأولى في 7 أشهر
تباطأ التضخم بشكل غير متوقع للمرة الأولى خلال 7 أشهر في يونيو وسط تراجع حدة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (بي دي إف). وانخفض معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 13.2% خلال الشهر، من 13.5% في مايو، مخالفا توقعات غالبية المحللين الذين توقعوا أن يستمر ارتفاع أسعار السلع العالمية في تغذية التضخم محليا. وتراجع معدل التضخم الشهري لأول مرة منذ ديسمبر، مسجلا 0.1%، بحسب البيانات.
كان اعتدال أسعار المواد الغذائية كلمة السر وراء هذا الانخفاض: للشهر الثاني على التوالي، انخفضت أسعار الأغذية والمشروبات – التي تشكل الوزن الأكبر في سلة السلع المستخدمة لقياس تضخم الأسعار – بنسبة 1.8% على أساس شهري، ويرجع ذلك أساسا إلى انخفاض أسعار الفواكه والخضروات. وزادت أسعار المواد الغذائية بنسبة 22.3% على أساس سنوي في يونيو، انخفاضا من 24.8% في مايو.
إلا أن التباطؤ في أسعار المواد الغذائية طغى على الزيادة في البنود الأخرى، إذ ارتفعت معظم المكونات الأخرى لسلة التضخم على أساس سنوي، حيث ارتفعت تكاليف السكن والمرافق بنسبة 7.6%، من 7.4% في مايو، وارتفعت تكاليف الرعاية الصحية بنسبة 4.3%، من 4.0%، كما قفزت أسعار الملابس إلى 9.0% من 7.5%.
دفع هذا التضخم الأساسي إلى أعلى مستوى له منذ عام 2017: ارتفع معدل التضخم الأساسي السنوي – الذي يستبعد في حسابه أسعار المواد المتقلبة مثل الغذاء والوقود – بنسبة 14.6% على أساس سنوي في يونيو، من 13.3% في مايو، وفقا لبيانات البنك المركزي (بي دي إف). وبلغ معدل التضخم الأساسي بذلك أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2017 وزاد بأكثر من الضعف هذا العام.
قد يكون الجنيه هو المسؤول: "من المحتمل أن يعكس الدافع الكبير لارتفاع التضخم غير الغذائي تأثير ضعف العملة"، بحسب ما كتبه جيمس سوانستون، المحلل الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية. وتراجع سعر صرف الجنيه بنسبة 20% أمام الدولار منذ مارس.
"لا تزال السوق تستوعب آثار انخفاض قيمة الجنيه والتضخم العالمي، إضافة إلى تأثير ارتفاع سعر الدولار الجمركي"، بحسب ما كتبته إسراء أحمد المحللة الاقتصادية لدى الأهلي فاروس في مذكرة بحثية. وأضافت أن هذا أدى إلى "تسارع متوسط معدل التضخم السنوي للبنود غير الغذائية، حيث ارتفع من 9.8% في مايو إلى 10.4% في يونيو".
التضخم قد يعاود الارتفاع الشهر المقبل: "نعتقد أن التضخم سيستمر في اكتساب الزخم في الربع الثالث من عام 2022، مع زيادة شهرية متوقعة تتراوح بين 2.5% و3% في يوليو لتعكس الإنفاق الموسمي وكذلك أسعار الطاقة الجديدة التي أعلن عنها"، وفقا لما قالته عالية ممدوح كبيرة الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار بلتون لإنتربرايز. وأضافت: "نتوقع أن يبلغ متوسط التضخم 15.9% في الربع الثالث من عام 2022، ارتفاعا من متوسط 13.2% في الربع الثاني من عام 2022".
متى سيصل التضخم إلى ذروته؟ تتوقع كابيتال إيكونوميكس أن يصل معدل التضخم إلى حده الأقصى عند 17% في الربع الرابع من العام الحالي. ويتوقع بنك جولدمان ساكس أيضا أن تكون ذروة التضخم عند 17% هذا العام قبل أن يتراجع إلى النطاق المستهدف للبنك المركزي بنهاية عام 2023. ويبلغ النطاق المستهدف للبنك المركزي للتضخم 7% (± 2%) بنهاية عام 2022.
ماذا يعني هذا لأسعار الفائدة؟ يتوقع غالبية المحللين أن تثبت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل في 18 أغسطس. وقالت أحمد: "قد يتردد البنك المركزي المصري في الاتجاه لرفع أسعار الفائدة المكلف للغاية بالنسبة للمالية العامة". وأضافت أن البنك المركزي قد يفضل الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل في أغسطس، حيث يعتبر الانحراف عن أهداف التضخم من بين الصدمات الخارجية التي تقع خارج نطاق السياسة النقدية، والذي يمكن تحملها بشكل مؤقت. وتتوقع كابيتال إيكونوميكس أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس أخرى قبل نهاية العام.
ورفع البنك المركزي المصري بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس في الأشهر الأربع الماضية، في محاولة لكبح جماح التضخم والحد من التدفقات النقدية الخارجة. وأبقت لجنة السياسة النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها الأخير في يونيو. وأشار البنك المركزي حينها إلى أنه "سيتسامح مؤقتا" مع معدل التضخم السنوي المرتفع مقارنة بمستهدفه حتى عام 2023.
وحازت بيانات التضخم على اهتمام الصحافة الاقتصادية العالمية: بلومبرج.