هل تستجيب الحكومة لمطالب شركات الأسمنت بتمديد قرار خفض الإنتاج؟
بدأت شركات الأسمنت في الضغط على جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لتمديد قرار خفض إنتاج الأسمنت بنسبة 10% على الأقل. طلبت الشركات من شعبة الأسمنت باتحاد الصناعات المصرية بدء مناقشات مع جهاز حماية المنافسة لتمديد القرار الذي تقرر تطبيقه لمدة عام اعتبارا من منتصف يوليو الماضي، وفق ما قاله رئيس الشعبة أحمد شيرين كريّم لجريدة الشروق في وقت سابق من الشهر الماضي.
ومن المرجح أن يحصلوا عليه لأن وزارة التجارة والصناعة تدعم التمديد، لأن المعروض الفعلي ما يزال يفوق الطلب الحقيقي في السوق، وفق ما قاله العديد من المسؤولين التنفيذيين في القطاع لإنتربرايز.
في العام الماضي، استجاب جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لطلب 23 شركة أسمنت محلية لتقليص الإنتاج بأكثر من 10% لمدة عام واحد. ودخل القرار حيز التنفيذ في منتصف يوليو من العام الماضي. وجرى تطبيق القرار لإحياء صناعة كانت تعاني في مواجهة أزمة تخمة المعروض لسنوات، الأمر الذي دفع العديد من شركات الأسمنت إلى وقف عملياتها، بينما باتت شركات أخرى على وشك الإغلاق.
عارضت شركات مواد البناء بشدة قرار جهاز حماية المنافسة العام الماضي، وسط مخاوف من أن سضع ارتفاع الأسعار اللاعبين في قطاعهم تحت الضغط.
الأسعار في زيادة مستمرة منذ قرار تقليص الإنتاج: ارتفعت أسعار الأسمنت بنسبة 47% على أساس سنوي حتى نهاية مايو الماضي، لتصل إلى 1250 جنيها للطن من 850 جنيها للطن قبل القرار، وفقا للبيانات الرسمية (بي دي إف).
أهداف القرار أتت ثمارها، مما قلل بشكل فعال من الخسائر التي تكبدتها مصانع الأسمنت في سنوات ما قبل خفض الإنتاج، وفق ما قاله الرئيس التنفيذي لشركة بني سويف للأسمنت فاروق مصطفى، لإنتربرايز. كما أحدث القرار فرقا جوهريا في الرؤية المستقبلية لخطط الإنتاج، والصيانة الدورية، وحركات المبيعات، وإدارة المخزون، ووفر في النهاية إطارا جيدا لتحسين معدلات التشغيل، حسبما أكد أحمد عبده، رئيس قطاع التسويق والمبيعات بشركة لافارج، لإنتربرايز.
تحسن أداء القطاع انعكس على ربحية الشركات: تحولت شركة العربية للأسمنت إلى الربحية في الربع الأول من عام 2022 بتحقيق صافي ربح بقيمة 58.9 مليون جنيه، مقابل صافي خسائر بلغ 6.33 مليون جنيه في الفترة المناظرة من عام 2021، بالتزامن مع قفزة في المبيعات بنسبة 145% على أساس سنوي. وكذلك مصر للأسمنت- قنا التي شهدت قفزة في صافي أرباحهابنسبة 161.4%، على أساس سنوي خلال الربع الأول.
كان القرار أيضا، بمثابة طوق نجاة للشركات المتوقفة: أعادت مجموعة شركات سعد الدين تشغيل مصنع الإسبانية المصرية للأسمنت (سبيجيكو) فى المنطقة الحرة بمحافظة بورسعيد، بعد توقف دام ثلاث سنوات. سمح قرار خفض إنتاج شركات الأسمنت الذي دخل حيز التنفيذ العام الماضي باستئناف العمليات التشغيلية للمصنع، وفق ما قاله رئيس مجلس إدارة المجموعة محمد سعد الدين لإنتربرايز، مضيفا أنه من المقرر أن يعمل المصنع بكامل طاقته الإنتاجية (600 ألف طن سنويا)، دون الكشف عن جدول زمني محدد لتحقيق هذا المستهدف.
إذا كانت كل الأمور على ما يرام في القطاع، فما الدافع وراء المطالبة بتمديد قرار تقليص الإنتاج؟ الإجابة بوضوح أن الإنتاج ما يزال يتخطى حجم الطلب: من المتوقع وصول حجم الطلب على الأسمنت في مصر إلى 50 مليون طن بحول نهاية هذا العام، مقارنة بـ 48.5 مليون طن فقط في عام 2021، بحسب عبده الذي أضاف أن الإنتاج تجاوز الطلب بالفعل خلال فترة تطبيق القرار. بلغت الطاقة الإنتاجية لمصانع الأسمنت المحلية نحو 83 مليون طن، طبقا لعبده، متوقعا نمو الطلب على الأسمنت بنسبة 2-3% بحلول عام 2023.
وقد يتحسن الطلب أكثر إذا كانت الحكومة لديها رغبة في زيادة عدد تراخيص البناء في محافظات الجمهورية، وفق ما قاله مصطفى لإنتربرايز. وكانت الحكومة أوقفت التراخيص الخاصة بإقامة أعمال البناء في القاهرة الكبرى والإسكندرية وعواصم المحافظات والمدن الكبرى لمدة 6 أشهر في عام 2020، للتصدي لمخالفات البناء، ثم أعادت فتحها باشتراطات بنائية جديدة في عام 2021.
تضخم تكاليف الطاقة: قفز سعر الفحم، وهو مصدر للطاقة يغذي نمو قطاع الأسمنت، من 60-80 دولارا العام الماضي إلى 300-350 دولارا. وتستخدم 16 شركة من أصل 18 شركة أسمنت الفحم في جزء واحد على الأقل من عملية تصنيع الأسمنت. تبلغ تكاليف الطاقة ما يقرب من 70% من النفقات التي تدخل في إنتاج الأسمنت.
لم تخرج كافة شركات الأسمنت من الأزمة بعد: رغم أن بعض شركات الأسمنت شهدت نموا في أرباحها منذ قرار تقليص الإنتاج، إلا أن بعض الشركات لا تزال تتكبد خسائر حتى الآن، طبقا لما ذكره كريم لإنتربرايز. قلصت أسمنت سيناء خسائرها بنسبة 54.6% على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الحالي إلى 67.19 مليون جنيه، مقارنة بخسائر بلغت 148 مليون جنيه في نفس الفترة من العام الماضي، وفق للقوائم المالية للشركة (بي دي إف).
الحاجة إلى تمويل خطط الاستثمار والتزامات خفض الانبعاثات الكربونية والاشتراطات البيئية من بين الدوافع أيضا وراء المطالبة بخفض الإنتاج، بحسب كريم، الذي أوضح أن البنوك كانت وما تزال عازفة عن تمويل شركات القطاع في ظل عدم استقرار نشاط تصنيع الأسمنت، "بالرغم من بعض الاستثناءات البسيطة" وسط حاجة الشركات إلى تمويل خططها الاستثمارية للوفاء بالتزامات خفض الإنبعاثات والاشتراطات البيئية تزامنا مع استضافة البلاد لمؤتمر COP27 نوفمبر المقبل.
تحويل خط الإنتاج الواحد للعمل بطاقة بديلة يلزمه على الأقل 50 مليون جنيه، حسبما ذكر كريم، مضيفا أن هناك أيضا تمويلات مطلوبة لجهود الاستفادة من فائض الحرارة في أفران المصانع لتوليد الكهرباء وخفض الانبعاثات، إذ تدرس بعض المصانع حاليا إدخال الطاقة الشمسية جزئيا في بعض عملياتها.
وفي نهاية المطاف يصب إحياء القطاع في مصلحة المستهلكين: خروج بعض الشركات من السوق، لن يدعم الأسعار على المدى الطويل، لأنها سيؤدي إلى تركز الإنتاج في أيدي عدد محدود من اللاعبين، وفق ما يراه كريم.
أبرز أخبار الصناعة لهذا الأسبوع:
- مصر تبرم 12 اتفاقية مع الجزائر لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية: وقعت مصر والجزائر 12 مذكرة تفاهم في مجالات الصناعة والاستثمار والصادرات والري والموارد المائية والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
- بريتيش أميريكان توباكو تغادر السوق المصرية: ستوقف بريتيش أميريكان توباكو عملياتها في مصر هذا الشهر بعد أن أجرت دراسة جدوى تجارية طويلة الأجل لعملياتها في جميع أنحاء العالم.
- مبيعات سيارات الركوب تتراجع للشهر الثالث على التوالي في مايو، مع استمرار الرياح الاقتصادية المعاكسة وقيود الاستيراد.
- الحكومة تعمل على حل أزمة واردات السيارات: وجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بالتنسيق اللازم بين الوزارات المعنية والقطاع المصرفي من أجل وضع آلية للإفراج المنظم عن شحنات السيارات من الموانئ.
- أبو غالي تقترب من تصنيع سيارات جيلي الصينية في مصر: دخلت أبو غالي موتورز المرحلة الأخيرة من المفاوضات مع شركة صناعة السيارات الصينية جيلي لبدء إنتاج سياراتها في مصر بموجب عقد طويل الأجل.