التضخم يرتفع لأعلى مستوى له منذ يوليو 2019 خلال فبراير
ارتفع معدل التضخم إلى أعلى مستوى له في 31 شهرا خلال شهر فبراير، إذ تسبب ارتفاع الأسعار العالمية في تسارع تكلفة المواد الغذائية المحلية بمعدل لم يحدث منذ عام 2018، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الخميس الماضي. وأظهرت البيانات ارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية ليصل إلى 8.8% الشهر الماضي، مقابل 7.3% في يناير – مسجلا أعلى مستوى له منذ يوليو 2019 – بينما بلغ معدل التضخم الشهري أعلى مستوى له في 16 شهرا عند 1.6%.
سجل تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2018، إذ ارتفع بنسبة 17.6% على أساس سنوي، مقابل 12.4% في يناير، مع الزيادات الكبيرة التي شهدتها الخضروات والزيوت واللحوم بشكل رئيسي، وفقا لما أظهرت البيانات. وتشكل المواد الغذائية والمشروبات الوزن الأكبر في سلة السلع المستخدمة لقياس تضخم الأسعار.
الدوافع: قالت إسراء أحمد، المحللة لدى الأهلي فاروس، في مذكرة بحثية: "سجلت جميع المواد الغذائية تقريبا تسارعا في زيادات أسعارها السنوية مقارنة بشهر يناير، وهو ما جاء كنتيجة متوقعة للعوامل الموسمية، والأهم من ذلك – الارتفاع الأكبر في التضخم العالمي بسبب نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أواخر فبراير".
استمر معدل التضخم الأساسي السنوي في الارتفاع ليبلغ 7.2% في فبراير، من 6.3% في يناير، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري (بي دي إف). ويستبعد معدل التضخم الأساسي في حسابه أسعار السلع المتقلبة مثل الغذاء والوقود.
جاءت صدمات أسعار السلع الأساسية التي رفعت التضخم في فبراير قبل بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية محليا وعالميا على خلفية الصراع. وارتفعت أسعار القمح العالمية بنسبة 48% خلال الأسبوعين الماضيين، مما أضاف أكثر من 100 دولار إلى سعر الطن، وفق ما قاله رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي. وأشار إلى ارتفاع أسعار السكر بنسبة 7% واللحوم المجمدة بنسبة 11% والدواجن بنسبة 10% خلال نفس الفترة. وارتفعت أسعار النفط العالمية بنسبة 16% منذ نشوب الصراع قبل أسبوعين.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي والبالغ 7% (± 2%).
ولكن من غير المتوقع أن يظل كذلك في الأشهر المقبلة. قالت أحمد: "لا توجد مؤشرات على أن بيانات التضخم ستستقر إلى حد كبير خلال عام 2022، إذ أن الضغوط التضخمية المستوردة من الخارج التي تتزامن مع موسم شهر رمضان قد تدفع للمزيد من الزيادات في الأسعار".
ارتفاع التضخم يدفع سعر الفائدة الحقيقي في مصر إلى المنطقة السلبية: كان سعر الفائدة المعدل حسب التضخم في مصر لعدة أشهر من أعلى أسعار الفائدة حول العالم، مما جذب استثمارات بمليارات الدولارات من المحافظ الأجنبية إلى تجارة الفائدة بالجنيه المصري. وقال رئيس قسم البحوث بشركة نعيم للوساطة ألان سانديب لوكالة بلومبرج يوم الخميس، إن المعدل انخفض إلى نحو 2% بعد بيانات التضخم لشهر فبراير، على الرغم من أنه لا يزال أعلى من معظم الأسواق الناشئة التي تقع في المنطقة السلبية بشكل كبير (شاهد 5:04 دقيقة). ويبلغ سعر الفائدة على الودائع في مصر حاليا 8.25%.
يجعل هذا رفع أسعار الفائدة خلال هذا الشهر أكثر احتمالية: بعد أن توقعت الشهر الماضي رفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من 2022، تتوقع الأهلي فاروس الآن أن يتخذ البنك المركزي تلك الخطوة عندما يجتمع في غضون أسابيع قليلة. قالت أحمد: "نحن ندرك جميع التكاليف خاصة على الجانب المالي لرفع سعر الفائدة، لكن البنك المركزي لا يدعم الحفاظ على سعر فائدة حقيقي سلبي. نعتقد أن البنك المركزي قد يفضل رفع أسعار الفائدة بمقدار 150 نقطة أساس خلال الفترة المقبلة، وعلى الأرجح سيكون ذلك في اجتماعه القادم المقرر في 24 مارس، كرد فعل طبيعي للأحداث العالمية السلبية".
كان رفع أسعار الفائدة في عام 2022 متوقعا حتى قبل الحرب في أوكرانيا، إذ صرح العديد من المحللين لإنتربرايز الشهر الماضي أن البنك المركزي قد يشدد سياسته النقدية مع بدء البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم في رفع أسعار الفائدة للحد من ارتفاع التضخم.
تتوقع نعيم أيضا رفع أسعار الفائدة هذا الشهر. قال سانديب لبلومبرج: "نتوقع ارتفاعا بمقدار 50 نقطة أساس. وهذه حالة أساس حتى الآن لكننا لا نستبعد ارتفاعا أعلى في اجتماع 24 مارس"، مضيفا أن البنك المركزي سيأخذ في الاعتبار تأثير الارتفاع الكبير في أسعار القمح في الأشهر المقبلة.