ارتفاع أسعار القمح والنفط العالمية يلقي بظلاله على الموازنة المصرية
ارتفاع أسعار القمح العالمية سيكلف مصر 15 مليار جنيه إضافية خلال العام المالي الحالي، وفقا لما قاله وزير المالية محمد معيط لموقع بلومبرج الشرق (شاهد 1:35 دقيقة). وقال وزير التموين علي المصيلحي الأسبوع الماضي إن الوزارة افترضت متوسط سعر 255 دولار للطن في موازنة هذا العام، في حين تصل تكلفة الطن الآن إلى 350 دولار.
بلغت أسعار القمح مستويات قياسية جديدة منذ نهاية فبراير مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. وتوفر روسيا وأوكرانيا حوالي ربع إمدادات القمح العالمية، إلا أن الصراع أدى إلى تعطل إنتاجهما من السوق العالمية.
ووفرت الدولتان 86% من واردات مصر من القمح في عام 2020. وتعد مصر أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم، وبلغت مشترياتها من المحصول العام الماضي 11.6 مليون طن، اشترت الهيئة العامة للسلع التموينية منها 4.7 مليون طن.
كانت أسعار القمح تمثل مشكلة حتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا. وقال معيط الشهر الماضي إن الارتفاع الأخير في أسعار القمح العالمية سيكلف الدولة 12 مليار جنيه إضافية خلال العام المالي الحالي. وأظهرت البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة الصادرة يوم السبت أن أسعار المواد الغذائية العالمية سجلت ارتفاعا قياسيا في فبراير، قبل أن تبدأ روسيا عمليتها العسكرية نهاية الشهر.
الفوضى تعم سوق الحبوب العالمية في الوقت الراهن: ألغت الهيئة العامة للسلع التموينية بالفعل مناقصتين منذ بداية الحرب بسبب ارتفاع الأسعار ونقص العروض، في حين أن شحنتين أخريين عالقتان حاليا في أوكرانيا. ويعني مخزون مصر الذي يكفي لمدة 4.5 شهر وزيادة المحصول المحلي عدم حدوث نقص في الإمدادات على المدى القريب. وقالت الحكومة إن ذلك سيخفف أيضا من الضغوط القادمة في الوقت الذي تواصل فيه البحث عن الموردين المحتملين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة ورومانيا وكازاخستان. وتقول أوكرانيا الآن إنها يمكن أن تبدأ في شحن الحبوب عبر السكك الحديدية إلى رومانيا وبولندا والمجر وسلوفاكيا.
زيادة متوقعة في فاتورة دعم الخبز: خصصت وزارة المالية ما يقرب من 50 مليار جنيه لدعم الخبز في موازنة العام المالي الحالي 2022/2021، ولكن مع ارتفاع الأسعار بنسبة 37% عن توقعات الموازنة، تواجه الحكومة زيادة كبيرة في فاتورة الدعم. وألمح الرئيس عبد الفتاح السيسي لأول مرة إلى إمكانية رفع أسعار الخبز المدعم العام الماضي، ومن المتوقع أن تعلن وزارة التموين عن قرارها في هذا الشأن بنهاية مارس.
قرار خفض دعم الخبز يمكن أن يدفع معدل التضخم في مصر للارتفاع إلى 12%، بحسب تصريحات رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لـ "العربية". وقالت أيضا إنه، وفقا للمسار الحالي، من المتوقع أن يصل معدل نمو أسعار المستهلكين إلى 9% بحلول الربع الثالث من عام 2022، في حين أن اتجاه الحكومة لرفع سعر الخبز ستدفع التضخم إلى ما بعد النطاق المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2%). وارتفع معدل التضخم السنوي في المدن إلى 7.3% في يناير، وهو أعلى مستوى له منذ عامين ونصف العام.
كلما طالت الحرب، زادت التحديات: قد يتعرض موسم الحصاد الصيفي في أوكرانيا للخطر إذا استمرت الحرب، مما سيزيد الضغوط على الأسعار، بحسب صحيفة فايننشال تايمز.
"السوق قلقة من المشكلة ليس لها أي حل في الأفق"، وفق ما قاله أحد الكتاب المتخصصين. وقد تشهد البلدان الضعيفة التي تعتمد على القمح الأوكراني، بما في ذلك مصر ولبنان والصومال وسوريا وليبيا، المزيد من عدم الاستقرار السياسي إذا أدى فقدان الإمدادات إلى تضخم أو نقص حاد في الغذاء، بحسب الصحيفة.
مصر تتأثر سلبا بارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، وفق ما قاله وزير البترول طارق الملا لشبكة سكاي نيوز عربية (شاهد 1:18 دقيقة). وأضاف الملا، أن مصر بصفتها مستوردا صافيا للنفط الخام والمشتقات البترولية، فإن التغيرات اليومية في الأسعار "ليست في صالحها".
خام برنت يتجاوز السعر المعتمد في الموازنة الضعف: ارتفعت أسعار النفط العالمية بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطل الإمدادات الروسية الهامة للأسواق، إذ أغلق خام برنت عند مستوى 118.11 دولار للبرميل الأسبوع الماضي – أي أعلى بأكثر من 22% مما كان عليه قبل نشوب الحرب في 24 فبراير، وتقريبا ضعف السعر البالغ 60 دولار المعتمد في موازنة العام المالي الحالي 2022/2021. وأقر وزير المالية محمد معيط بذلك الأسبوع الماضي حينما قال إن ارتفاع أسعار النفط ليس "خبرا جيدا" للاقتصاد، مشيرا إلى أن مصر تستورد حاليا أكثر من 120 مليون برميل من الخام سنويا.
قد تعوض صادراتنا من الغاز ارتفاع فاتورة الواردات النفطية: "يمكننا الاستفادة من هذه الفترة" عندما ترتفع أسعار الطاقة لتعظيم صادرات الغاز الطبيعي المسال، وفق ما قاله الملا. وأضاف: "نأمل أن تعوض صادرات الغاز عن جزء من تكلفة استيراد النفط والمنتجات البترولية".
وتعمل وزارة البترول على زيادة كمية الغاز التي تستوردها من إسرائيل لإعادة تصديرها إلى أوروبا التي تبحث عن موردين بديلين لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي. ومع ذلك، لم يتضح بعد ما إذا كان لدينا القدرة حاليا على زيادة الشحنات، فيما لا تملك أوروبا المساحة اللازمة في محطات الاستيراد لزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير.
أمور قد تزيد الوضع سوءا –
- انخفض إنتاج النفط الليبي إلى 920 ألف برميل يوميا، مقابل 1.2 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي، إذ تسبب عدم الاستقرار السياسي في مزيد من الاضطراب لقطاع النفط المحاصر في البلاد بالفعل، حسبما ذكرت بلومبرج.
- العودة المحتملة للنفط الإيراني إلى الأسواق العالمية قد تتأخر مجددا، بعد أن أدت المطالب الروسية الجديدة إلى عرقلة الجهود المبذولة لإعادة الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي، والذي من شأنه أن يرفع العقوبات عن طهران ويعيد إمداداتها النفطية إلى السوق العالمية، بحسب رويترز.