حصاد 2021: عام الانتعاش الطفيف للبورصة المصرية
تماشيا مع الاتجاه العام للسنة، كان 2021 عام الانتعاش الطفيف للبورصة المصرية ومواصلة خطط الطروحات العامة في مصر. على الرغم من أننا نطوي صفحة العام بعدد أقل مما كان مقررا سواء من الطروحات الأولية أو مبيعات الأسهم التي جرى طرحها في السوق، إلا أن أربع طروحات تزيد بالتأكيد عن صفر العام السابق.
والأربعة طروحات التي شهدها 2021 هي:
- اكتتاب عام أولي لكل من شركة تعليم لخدمات الإدارة (تعليم)، وشركة تكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية (إي فاينانس)
- القيد الفني لشركة التشخيص المتكاملة القابضة في البورصة المصرية
- بيع حصة إضافية من شركة أبو قير للأسمدة عبر البورصة ضمن برنامج الطروحات الحكومية.
وأيضا- بدأت شركة غزل المحلة لكرة القدم عملية الاكتتاب في شريحة الطرح الخاص الأسبوع الماضي، فيما يجري حاليا إعداد نشرة اكتتاب الطرح العام، ما يشير إلى قرب طرحها للاكتتاب العام في أوائل 2022.
تذكير: كان 2020 عاما سيئا بالنسبة للبورصة المصرية، والتي جاءت من بين أسوأ البورصات أداء في العالم العام الماضي، حيث أنهت العام بانخفاض أكثر من 23% على مدار العام، مع خروج الأجانب من السوق، وبقاء التداول على مدار العام تحت سيطرة المستثمرين الأفراد إلى حد كبير.
ترتفع البورصة المصرية حاليا بنسبة 9.3% منذ بداية العام وحتى أمس – وهو تحسن بالتأكيد، ولكن لا يعد بأي حال من الأحوال مؤشرا مؤكدا على صحة البورصة.
لا تزال البورصة المصرية متأخرة إلى حد كبير عن نظيراتها الإقليمية، والتي تنهي جميعها العام بنمو من رقمين منذ بداية العام وحتى أمس. فقد ارتفع مؤشر "تداول" السعودي بنسبة 28.4%، ومؤشر سوق أبو ظبي بنسبة 66.6%، وسجل سوق دبي المالي ارتفاعا بنسبة 27.9% حتى الآن.
ليس الكثير ولكن أفضل من لا شيء: رأينا أخيرا أول طرح عام أولي في البورصة المصرية منذ ظهور راميدا لأول مرة في عام 2019، عندما قرعت شركة تعليم لخدمات الإدارة أجراس البورصة للمرة الأولى في أبريل، مما كتب نهاية فترة جفاف طويلة من طروحات الأوراق المالية الجديدة في السوق. وأعقب ذلك شركة التشخيص المتكاملة القابضة – المدرجة في بورصة لندن – بإدراج فني في الشهر التالي، إذ نقلت 5% من أسهمها الحالية إلى البورصة المصرية.
بشكل حاسم، كان 2021 هو عام عودة برنامج الطروحات الحكومية إلى الحياة مجددا. منذ الإعلان عنه في عام 2018، لم يشهد البرنامج – الذي يتضمن الطروحات العامة الأولية الجديدة وبيع حصص إضافية لشركات مدرجة بالفعل – سوى طرح واحد: كان البيع الثانوي 4.5% لشركة الشرقية للدخان في مارس 2019. وفي العام الماضي، تم تجميد البرنامج بسبب ما ألحقته الجائحة من اضطرابات في الأسواق المالية. أخيرا، بعث هذا العام حياة جديدة في برنامج بيع الأسهم، بدءا من الطرح العام الأولي لشركة المدفوعات الإلكترونية إي فاينانس في أكتوبر، والذي جمعت الشركة من خلاله نحو 5.8 مليار جنيه. وقد أدى ظهور الشركة لأول مرة في السوق إلى إتمام بيع شركة أبو قير للأسمدة 10% من أسهمها مقابل 2.25 مليار جنيه في وقت سابق من الشهر الجاري.
هل أضيفت كيما إلى تلك القائمة؟ قد تبيع شركة الصناعات الكيماوية المصرية (كيما) المزيد من الأسهم في البورصة المصرية "عندما تشهد قفزة في أرباحها" على خلفية التوسعات التي أجرتها الشركة مؤخرا، وفق ما قاله وزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق (شاهد 21:25 دقيقة) خلال افتتاح مجمع كيما الصناعي الجديد للأمونيا واليوريا بأسوان أمس بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ودعا الرئيس السيسي إلى مزيد من مشاركة القطاع الخاص في إدارة الشركات الحكومية. وأضاف في تعقيبه على كلمة الوزير خلال الافتتاح، أن "السنوات الماضية أثبتت عدم كفاءة الإدارة الحكومية للشركات"، ما يتطلب دخول القطاع الخاص شريكا لتطوير المشروعات والمصانع المملوكة للدولة.
كيف تبدو الأمور في البورصات العالمية في 2022؟ باختصار، تبدو الأمور مختلطة إلى حد ما على الصعيد العالمي، يسري القلق بين المحللين من أن الدفعة القوية للطروحات الأولية التي شاهدناها حول العالم في عام 2021، قد تتبدد العام المقبل، إذ تكبح البنوك المركزية برامج التحفيز وتتطلع إلى رفع أسعار الفائدة (كما أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة للعام المقبل). قد تؤدي هذه الظروف المتغيرة إلى تجفيف فائض السيولة الذي ساعد الشركات حول العالم على تسجيل أرقام قياسية في البورصة. وعند النظر إلى انخفاض أسعار الأسهم بعد طرحها وزيادة التدقيق التنظيمي للشركات ذات غرض الاستحواذ ، تتشكل لدينا نظرة مستقبلية غير مؤكدة.
هنا في مصر، لدينا عدد قليل من الطروحات الأولية المعلنة (والمؤجلة) التي يمكن أن نراها تمضي قدما في العام المقبل. ومن أهم هذه التطورات الطرح العام الأولي المنتظر بشدة لبنك القاهرة، والذي تأجل عدة مرات ولكن قد نراه أخيرا إذا واصلت الحكومة الاستفادة من الزخم الناتج عن بيعها حصصا في الشركات المملوكة للدولة هذا العام. وقد تطلق شركة مصر القابضة للتأمين خطتها لطرح حصة في شركتها التابعة – مصر لتأمينات الحياة – في عام 2022، لكن لا جديد عن طرح شركتها التابعة "مصر للتأمين" في البورصة المصرية، والذي تأجل الجدول الزمني الأصلي لطرحها في عام 2020.
وأيضا من برنامج الطروحات الحكومية: مصر الجديدة للإسكان والتعمير، والتي تتطلع لبيع حصة إضافية عبر البورصة في منتصف 2022، وفق ما ذكره توفيق الشهر الماضي. وكانت الشركة تعتزم في البداية بيع 15% إضافية من أسهمها في البورصة العام الماضي إلى جانب بيع 10% إلى مستثمر استراتيجي، لكنها عدلت عن تلك الخطة. ولم تقرر الحكومة بعد حجم الحصة المتوقع بيعها عبر البورصة. وقال توفيق أيضا الشهر الماضي إن موبكو أيضا في طريقها لبيع حصة إضافية عبر البورصة المصرية قبل نهاية العام المالي الحالي 2022/2021.
ومن القطاع الخاص لدينا شركة ماكرو جروب عملاق مستحضرات التجميل، والتي تخطط لطرح ما يصل إلى 45.8% من أسهمها في البورصة المصرية عبر اكتتاب عام أولي في وقت ما من الربع الأول من 2022. ولدى الشركة موعد نهائي في 23 يناير لبدء إجراءات الطرح، ولكن يمكنها طلب التمديد إذا شعرت أن ظروف السوق ليست مواتية.
ونترقب أيضا طرح شركة المنتجات الغذائية الصحية "أبو عوف"، والتي تخطط للطرح في الربع الثاني من عام 2022، بعد أن اختارت المجموعة المالية هيرميس مؤخرا لإدارة الصفقة. وهناك أيضا شركة الخدمات المالية غير المصرفية – ابتكار – التي تخطط لدخول سوق الأسهم في أوائل عام 2022.
لم نسمع أي شيء منذ فترة من شركة جالينا القابضة – التي كانت تتطلع للطرح في البورصة المصرية في أوائل عام 2021 لكن ساد الهدوء منذ ذلك الحين، على حد علمنا. وكانت شركة الجيوشي للصلب تلوح بفكرة الطرح العام أيضا منذ أكثر من عامين، لكنها أجلت القرار حتى ترى تحسنا في السوق.
وهناك أيضا تطور واعد قد ينتظر البورصة المصرية في 2022، بعد السماح بدخول الشركات ذات غرض الاستحواذ إلى السوق المصرية في نوفمبر. في غضون يوم واحد فقط من موافقة هيئة الرقابة المالية على مقترح بقيادة رئيس البورصة محمد فريد، ظهرت أنباء عن تطلع شركتين على الأقل إلى تأسيس شركات ذات غرض الاستحواذ وإدراجها في البورصة المصرية. وقال فريد إن تلك الشركات يمكن أن توفر للشركات الناشئة – التي تواجه صعوبة في الإدراج في البورصة – فرصة للطرح العام في البورصة المصرية.
ثم هناك مجموعة من الشركات المملوكة للجيش في برنامج صندوق مصر السيادي للطرح أمام مستثمري القطاع الخاص. كانت صافي – العلامة التجارية للمياه المعبأة – تستعد لبيع حصة أقلية منها لمستثمر استراتيجي وسط شهية كبيرة من المستثمرين لاقتناصها، بينما كان من المتوقع أيضا أن بيع حصة أغلبية من شركة الوطنية للبترول لمستثمر استراتيجي، بعد أن اجتذبت العديد من الشركات الخليجية والمحلية التي تتطلع إلى الشراء. وقال صندوق مصر السيادي الشهر الماضي إنه "على وشك الانتهاء" من إعادة هيكلة الشركتين، لكنه لم يقدم أي مؤشر على الجدول الزمني المتوقع. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في وقت سابق إن مصر تتطلع إلى طرح عدد من الشركات المملوكة للقوات المسلحة في البورصة المصرية. وقالت وزيرة التخطيط هالة السعيد إن كلا من "صافي" و"وطنية" يمكن أن يطرحا حصصا من أسهمهما في البورصة المصرية بعد بيع حصة مبدئية لمستثمر استراتيجي. وتقدم المجموعة المالية هيرميس الاستشارات في كلا الصفقتين المزمعتين.
الحدث الأبرز (محليا): دخول ضريبة الأرباح الرأسمالية في 1 يناير. أكدت الحكومة في سبتمبر أنها ستمضي قدما في تطبيق ضريبة بنسبة 10% على الأرباح الرأسمالية التي يجنيها المستثمرون المقيمون. بعد الكثير من قلق المستثمرين والمحللين والنواب على حد سواء بشأن التأثير السلبي المحتمل لضريبة الـ10% على حجم التداولات، أطلقت الحكومة حزمة مقترحة من المحفزات لتخفيف أثر الضريبة على مستثمري التجزئة، والتي تمثل غالبية نشاط السوق في معظم الأيام، كما ذكرنا في بداية تقريرنا. كان رد فعل السوق تجاه حزمة الحوافز المقترحة محدودا إلى حد كبير.
..و(عالميا): إنه أوميكرون. أدى هذا المتحور الذي ظهر مؤخرا، بالفعل إلى فرض العديد من البلدان قيود على السفر (وتحرك البعض نحو عمليات الإغلاق الكامل) في مشاهد كانت تذكرنا بشكل مؤلم بربيع عام 2020. وتشير المعلومات التي ظهرت حتى الآن حول متحور "كوفيد-19" الجديد إلى أنه ليس أكثر فتكا من المتحورات الأخرى، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان سيؤدي في النهاية إلى عمليات بيع كبيرة للأسهم.