حصاد 2020: كيف تمكنت بعض القطاعات من التكيف والازدهار رغم "كوفيد-19"؟
حصاد 2020: التنوع والرقمنة يدعمان البنية التحتية في 2020، ويستمران في دعمها خلال 2021. في الجزء الأول من حصاد عام 2020 في هاردهات، تناولنا كيف تأثرت قطاعات أبرزها الطاقة والإنشاءات والشحن بتعطل سلاسل الإمداد وتقلب الأسعار نتيجة "كوفيد-19"، فيما شهدت القطاعات التي تعتمد على التعامل المباشر، مثل خدمات التوصيل والنقل التشاركي، ضعفا في الطلب. وفي الجزء الثاني نتناول كيف نجحنا عبر التكيف مع الوضع في خلق فرص جديدة للوفاء باحتياجات السوق.
المقصود بالتكيف هو التنويع والرقمنة، فبداية من التجارة الإلكترونية وحتى التكنولوجيا المالية والدفع الإلكتروني، كانت الخدمات الرقمية هي الرابحة في 2020. ويظهر ذلك التوجه في قطاع الكهرباء مع التحول نحو شبكات التوزيع الذكية. وسوف نشهد المزيد من التنويع كسمة أساسية للبنية التحتية، خاصة في ظل التحول نحو الغاز الطبيعي وتنوع مصادر التمويل.
طفرة المدفوعات الإلكترونية بالأرقام: حدثت طفرة في المدفوعات والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية في كل النواحي هذا العام. ارتفع سقف استخدامات المعاملات بدون بطاقات إلى الضعف منذ بداية الجائحة، لتتيح للعملاء تحويل مبالغ أكبر دون بطاقات تلامسية. وفي يونيو، قال الرئيس التنفيذي لشركة جوميا مصر هشام صفوت، إن مبيعات التجارة الإلكترونية زادت بنسبة 80% منذ بداية تفشي الفيروس. وأكدت بيانات البنك الدولي أن 15% من الشركات المصرية حققت مبيعات أعلى على الإنترنت مقارنة بما قبل الجائحة، طبقا لاستطلاع فيسبوك والبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
عدد المحافظ الإلكترونية في مصر زاد 17% على الأقل بين مارس وأكتوبر ليصل إلى 14.4 مليون محفظة، بحسب تقرير للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الشهر الماضي. وارتفع عدد بطاقات الدفع الإلكتروني بنسبة 7% خلال أول 6 أشهر من العام، ليصل إلى 39.6 مليون بطاقة مقابل 36.7 مليون بطاقة في نهاية 2019، طبقا لبيانات البنك المركزي. ويتضمن الرقم البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم والبطاقات مسبقة الدفع، والتي بلغ عددها 18.28 مليون بطاقة بنهاية يونيو.
وإلى جانب زيادة الاستخدام، زاد عدد الخدمات المقدمة. وبدأت بنوك تقليدية مثل بنك مصر تقديم خدمات مثل الدفع باستخدام رمز الاستجابة السريعة وبطاقات ميزة وبطاقات الدفع الإلكتروني من خلال تطبيقات مثل "مصاري". وتعاقد بنك القاهرة مع شركة فوري لإتاحة خدمة الحوالات اللحظية للمصريين في الخارج. واتفقت عدة مؤسسات تعليمية مع شركات الدفع والتمويل الإلكتروني لتسهيل سداد الرسوم الدراسية.
نتائج الشركات الناشئة تؤكد أنه من المفيد تقليل الاعتماد على التعامل الجسدي: شهدت الشركات الناشئة للتوصيل والتكنولوجيا الصحية زيادة كبيرة في الطلب، وزاد عدد الطلبات اليومية في تطبيق "علاجي" لطلب الأدوية 3 أضعاف بنهاية أبريل، كما عمل تطبيق فيزيتا لحجز مواعيد الأطباء على تسريع إطلاق خدمات الاستشارة عن بعد قبل موعدها المقرر بعدة أشهر، مع صعوبة إجراء الاستشارات داخل العيادات. ولم يكن الحا لمختلفا مع شركات البنية التحتية الناشئة، مثل "تريلا" لسيارات النقل، التي استفادت من ميل العملاء لاستخدام الوسائل الإلكترونية للدفع أو تسليم الوثائق اللازمة لإثبات وصول الشحنات.
قطاع الكهرباء أيضا صار مهيئا للتحول الرقمي، فالقدرات المولدة في مصر تتعدى إمكانيات النقل، ما يخلق زيادة ضخمة في المعروض مع استمرار انقطاع التيار في بعض المناطق. وتعتمد شبكة التوزيع المصرية على تكنولوجيا عفا عليها الزمن وتكلف كثيرا للصيانة وتصعب من التعرف على أسباب انقطاع التيار. وتخطط وزارة الكهرباء لتحويل الشبكة القديمة إلى أخرى ذكية، تعتمد على إدخال التكنولوجيا الرقمية في نظام الكهرباء التقليدي، ما يسمح لشركات توزيع الكهرباء بتحليل البيانات الضخمة باستخدام البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الموجودة في مراكز التحكم، وبالتالي يعظم من كفاءة استخدام الكهرباء، ويساعد المهندسين على مراقبة الأداء وتوقع المشكلات، كما يوفر حلولا لتخزين الكهرباء.
حققت خطط التحول لشبكة ذكية تقدما هذا العام، مع الإعلان عن تنفيذ 15 مركز تحكم ذكي من أصل 47 مركزا تستهدف الحكومة إنشاءها. واقتنصت شركة شنايدر إليكتريك 4 مراكز منها بقيمة 4.7 مليار جنيه في أغسطس الماضي.
ربما يكون التحول نحو الغاز الطبيعي أكبر خطوة للتنويع هذا العام: أعلنت الحكومة في يوليو الماضي عن خطة طموح لتحويل سيارات الركوب للعمل بالغاز الطبيعي بدلا من البنزين، وذلك لتقليل سعر الوقود ومعدل استيراده والحد من التلوث. وتستهدف المرحلة الأولى من الخطة إحلال 250 ألف سيارة قديمة بأخرى تعمل بنظام الوقود المزدوج بحلول عام 2023 في القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية. وتشير التقديرات المبدئية إلى تحويل أو إحلال 1.8 مليون سيارة بتكلفة 320 مليار جنيه. وتتضمن الخطة 3 مسارات:
1. تجهيز البنية التحتية: يتضمن هذا إنشاء 366 محطة للغاز الطبيعي خلال عامين بتكلفة 6.7 مليار جنيه، بحسب وزيرة التجارة والصناعة. وفي نفس الاتجاه، تدرس الحكومة إحياء شركة صافي مصر المملوكة للدولة، بالشراكة مع شركة لاندي لورنزو الإيطالية، لتسريع إنشاء وتحويل محطات الوقود. وتسعى الحكومة أيضا للتعاون مع الشركات الأجنبية لتسريع تحويل السيارات للغاز الطبيعي.
2. توفير حوافز مالية للتحول: يقدم البنك المركزي وجهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ووزارة التجارة والصناعة حوافز مالية ضخمة لتمويل البرنامج، تتضمن 1.2 مليار جنيه قروضا منخفضة الفائدة لملاك السيارات التي يتعدى عمرها 20 عاما، فيما يحصل ملاك السيارات الأحدث على تمويل بفائدة صفرية لإحلال محركاتهم بأخرى جديدة.
3. إشراك مجمعي السيارات في البرنامج، ومن بينهم شيفروليه وهيونداي ولادا وبي واي دي، التي تجمع سيارات وميكروباصات تعمل بالغاز الطبيعي حاليا في مصر. وتطالب عدة شركات بمزيد من الحوافز منذ أغسطس الماضي، لكن يبدو أن هناك خططا الآن لتجميع سيارات الوقود المزدوج محليا بالتزامن مع تخفيضات ضريبية وجمركية على قطع غيارها. وقال مصدر لإنتربرايز إن شركات تويوتا وفوتون وجينبي ستبدأ في تصنيعها محليا في 2021. وتتفاوض مجموعة بريليانس أوتو مع شركتها الصينية الأم، هواتشين القابضة، للمشاركة المحتملة مع مجمعي الميكروباصات المحليين. ومن المقرر عقد مؤتمر لتشجيع شركات القطاع الخاص على المشاركة في البرنامج خلال يناير 2021.
تعتبر البنية التحتية الآن حقل تجارب لخطة تنويع مصادر الدين: باعت مصر في سبتمبر أول سندات خضراء في تاريخها بقيمة 750 مليون دولار في بورصة لندن. وتقول وزارة المالية إن السندات الخضراء ستكون مصدرا رئيسيا لتمويل بعض أهم مشروعات البنية التحتية، وبينها وسائل المواصلات النظيفة والطاقة المتجددة والتحكم في التلوث ومنعه وكفاءة استخدام الطاقة، إضافة لإدارة المياه والصرف الصحي.
هل يشهد عام 2021 إصدار القطاع الخاص لسندات خضراء؟ كما هو الحال مع الصكوك الإسلامية، يدرس عدد من الشركات إصدار سندات خضراء. وكان من المفترض أن يصدر البنك التجاري الدولي أول سندات خضراء خلال الربع الثالث من العام بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية بقيمة 65 مليون دولار. وتتضمن الخطة استثمار المؤسسة للمبلغ كشريحة أولى من السندات ذات أجل 5 سنوات، وفي حالة نجاحها تستثمر المؤسسة 100 مليون دولار أخرى في شريحة تالية. ومن غير الواضح ما إذا كانت الخطة ستطبق في 2021. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تطرح شركة بريق التابعة لراية القابضة سنداتها الخضراء في السوق مطلع 2021.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك يوافق على الترخيص لثلاث شركات بإنشاء ثلاث محطات شمسية بقدرة 19.4 ميجاوات.
- المجلس التصديري للجلود يبحث إنشاء مركز تجاري مصري في السودان لتسويق 5 منتجات مصرية تضم إلى جانب الجلود ومنتجاتها، الأجهزة الكهربائية والأدوية والسكر.
- البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يقدم مليون دولار لتمويل دراسات الجدوى لمشروعات الموانئ الجافة في العاشر من رمضان وبني سويف وبرج العرب.
- وزارة قطاع الأعمال العام توقع عقدا مع شركتي فودافون وفايبر لتوريد وتركيب النظام الخاص بإدارة البيانات في المجموعة الأولى من 63 شركة قابضة وتابعة يشملها البرنامج، الذي يستهدف تحسين وميكنة نظم العمل.