خطة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي .. أبرز التحديات أمام التحول السريع
خطة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي .. أبرز التحديات أمام التحول السريع: أعلنت الحكومة في يوليو الجاري عن خطة الإسراع في تحويل السيارات التقليدية للعمل بنظام الوقود المزدوج (غاز طبيعي – بنزين)، والتي تعمل بالأساس على استهلاك الغاز الطبيعي. ويبدو أن الخطة في طريقها للتنفيذ بالفعل، إذ ذكرت تقارير صحفية قبل يومين أن الحكومة ستبدأ الخطة بتحويل سيارات التاكسي. في الجزء الأول من سلسلتنا حول هذه الخطة، بحثنا أسبابها وبعض التحديات التي قد تواجهها.
واليوم نتعمق أكثر في التحديات التي تواجه الخطة، لا سيما ما يتعلق بالتكاليف والبنية التحتية.
التحدي الأول: التمويل. تمويل تحويل السيارات أو تخريدها ينطوي على تكلفة باهظة، بدءا من تكلفة السيارات نفسها وحتى البنية التحتية المصاحبة لها من إنشاء شبكة من محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي. وقدرت وزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع تكلفة تحويل 1.8 مليون سيارة بتكلفة تقترب من 320 مليار جنيه. وستشهد المرحلة الأولى تحويل 147 ألف سيارة أجرة وميكروباص للعمل بالوقود المزدوج، الأمر الذي قد يستغرق 3 سنوات بتكلفة 1.2 مليار جنيه. ويلي ذلك مرحلة إحلال 240 ألف سيارة ميكروباص تعمل بالسولار بتكلفة 53 مليار جنيه. أما الخطوة التالية فهي إحلال 50 ألف سيارة أجرة يزيد عمرها عن 20 عاما بتكلفة 10 مليارات جنيه.
ولكن التكلفة الأكبر تتمثل في تخريد 1.3 مليون سيارة ملاكي تجاوز عمرها 20 عاما وهو ما سيكلف نحو 250 مليار جنيه، إذ ستخرج تلك السيارات من الطرق ليحل بدلا منها سيارات تعمل بالغاز الطبيعي.
من أين يأتي التمويل؟ من الجميع، من دافعي الضرائب، ومن مالكي السيارات التي سيجري استبدالها، ونتوقع أيضا من مؤسسات التمويل التنموية، ولن تكون مفاجأة إذا أصدرت الحكومة بعض السندات الخضراء لتمويل جانب من الخطة.
وقد يسدد أصحاب السيارات الخاصة تكلفة تحويل سياراتهم من جيبهم الخاص مباشرة، لو ألزمتهم الحكومة بذلك من أجل تجديد الترخيص أو الحصول على ترخيص جديد، وهو ما أشار إليه الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات خالد سعد، في حديثه مع إنتربرايز.
حوافز وضمانات من وزارة المالية: تعمل الحكومة على توفير ضمانات للبنوك لتقديم قروض ميسرة للعملاء الذين سيحولون سياراتهم، وفق ما أكده لنا وزير المالية محمد معيط. وأوضح معيط أن هذا الضمان سيأتي عن طريق صندوق جديد للضمان والتمويل الاستهلاكي، برأس مال قدره ملياري جنيه.
وربما ترتفع أسعار البنزين: تدرس وزارة البترول تصنيف البنزين من الكماليات (السلع الترفيهية) بدلا من كونه سلعة استراتيجية في الوقت الحالي، حسبما قالت مصادر بالوزارة لإنتربرايز. وقد يؤدي ذلك إلى رفع أسعار البنزين للمستهلكين إلى أكثر من سعر التكلفة، الذي تحدده آلية تسعير الوقود.
يمكنك أيضا بيع سيارتك القديمة وإدخال ثمنها في واحدة جديدة: تدرس وزارة التجارة والصناعة مبادرة من شأنها تحفيز أصحاب السيارات الملاكي التي مضى عليها أكثر من 20 عاما على بيعها للحكومة، وفقا لليوم السابع. ومن المفترض أن تدفع الوزارة للعملاء مقابل تخريد السيارة، كي يستخدموه بعد ذلك كمقدم لشراء سيارة جديدة، أو كضمان للحصول على قرض لشراء سيارة جديدة تعمل بالغاز الطبيعي.
التحدي الثاني: هل لدينا المحطات الكافية لزيادة عدد سيارات الغاز الطبيعي؟ هناك نحو 190 محطة لتموين السيارات بالغاز الطبيعي موزعة في أنحاء البلاد، لكن نسبتها قليلة للغاية مقارنة بمحطات البنزين البالغة نحو 2900 محطة، وهو ما يتطلب تمويلا سريعا لبناء المزيد من المحطات واستيعاب الطلب المتوقع ازدياده.
برنامج حكومي جديد لزيادة محطات الغاز الطبيعي: تعمل الحكومة على برنامج لزيادة عدد محطات الغاز الطبيعي تدريجيا، حسبما أعلن وزير البترول طارق الملا في وقت سابق من يوليو الجاري. ويقوم البرنامج على إنشاء محطات جديدة أولا في المحافظات التي لديها عدد أكبر من السيارات العاملة بالغاز الطبيعي، بحيث تكون كل محطة قادرة على تموين 1300 سيارة يوميا. وتخطط الحكومة لبناء 100 محطة جديدة بشكل مبدئي لتلبية الطلب، حسبما قال النائب السابق لرئيس الهيئة العامة للبترول مدحت يوسف لإنتربرايز. وتعمل الحكومة على خطة زيادة محطات وقود الغاز الطبيعي منذ فترة، وأشار تقرير لوزارة البترول العام الماضي إلى تخصيص البنك المركزي 6.7 مليار جنيه لتمويل خطة إنشاء المحطات، وفق ما ذكره موقع اليوم السابع.
وبالإضافة إلى ذلك، سيعمل البرنامج أيضا على إضافة خدمات تموين الغاز الطبيعي في المحطات التقليدية، حسبما قال أستاذ هندسة البترول والطاقة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة جمال القليوبي في تصريحاته لإنتربرايز.
التحدي الثالث: زيادة قدرة مراكز التحويل وعددها. حولت الحكومة نحو 300 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي منذ منتصف التسعينيات من أصل 11 مليون مركبة مرخصة، وفقا للتقرير الذي نشرته وكالة رويترز العام الماضي. لكن معدل التحويل يرتفع ببطء، مع تحول المزيد من مالكي السيارات إلى الغاز الطبيعي لرخص ثمنه، إذ ارتفع المعدل من 6 آلاف مركبة محولة فقط في 2015-2016 إلى 30 ألفا في 2018، إلى إعلان الحكومة في 2019 اعتزامها تحويل 50 ألف مركبة. وتبدو هذه الأرقام متماشية مع التقديرات القائلة بتحويل 147 ألف سيارة تاكسي وميكروباص على مدى ثلاث سنوات ضمن المرحلة الأولى، لكن النظام قد يرتبك إذا اضطر مالكو سيارات نقل الركاب إلى التحويل قبل الموعد المحدد.
إحياء شركة قديمة للمساعدة: لمواجهة تحديات البنية التحتية، تدرس الحكومة إحياء شركة صافي مصر لتكنولوجيا الغاز الطبيعي المضغوط، وهي شركة حكومية ستشارك مع شركة لاندي رينزو الإيطالية في تسريع إنشاء مراكز التحويل ومحطات التموين، حسبما أخبرتنا مصادر في وزارة البترول. وأكدت المصادر أن الشركة ستحاول استيعاب الطلب في البداية باستيراد ضواغط الغاز، قبل تصنيعها محليا بعد ذلك.
هناك مساحة للقطاع الخاص: تخطط وزارة البترول لطرح مناقصات قريبا لجلب مزيد من الاستثمارات من الشركات الكورية والإيطالية والصينية والهندية، وفق تأكيد مدحت يوسف. وفي الوقت نفسه، تعتزم الحكومة زيادة عدد الشركات العاملة في تحويل المركبات من 3 إلى 7 شركات، وفقا للقليوبي.
التحدي الرابع: إقناع أصحاب السيارات ببذل الجهد والوقت والمال لتحويل سياراتهم، ولكن الإجابة على هذا التساؤل قد تكون ببساطة "هذا هو القانون، هل تريد تجديد الرخصة أم لا؟"
في الأسبوع المقبل: نسأل العاملين بقطاع السيارات عن رؤيتهم للخطة، ونتساءل هل سيؤدي ذلك إلى تأخير خطط التوجه نحو السيارات الكهربائية لعشر سنوات أو أكثر (وهو أمر محتمل، بالنظر إلى وفرة الغاز الطبيعي في مصر في الفترة الراهنة).