ماذا يحمل عام 2021 لقطاع التعليم؟ بعد عام شهد تغييرات كبيرة في المدارس وطرق التعليم بسبب جائحة "كوفيد-19"، ننظر إلى التعليم في العام الجديد. وعلى الرغم من أن التعليم يظل قطاعا دفاعيا، فإنه واجه العديد من التحديات. وبما أن هذه الوباء لم ينته بعد، فإن هذه التحديات لا تزال قائمة، لذلك سألنا مسؤولو التعليم الخاص عن القضايا الرئيسية التي تشغل أذهانهم في 2021.
وتراوحت الإجابات بين استمرار الاعتماد على التعليم في الفصول والاستثمار بحكمة وتأجيل الامتحانات. كما سنتابع وسائل التقديم الإلكتروني للجامعات والطروحات العامة الأولية المحتملة للشركات التعليمية ومواصلة الإنشاءات.
وتتبع المدارس الدولية تعليمات وزارة التعليم بالتحول مجددا للتعليم عن بعد، بعد تزايد أعداد الإصابات بـ "كوفيد-19". وكانت المدارس الدولية على استعداد لذلك عند إعلان وزير التعليم الأسبوع الماضي إلغاء الحضور في الفصل حتى بداية الفصل الدراسي الثاني في أواخر فبراير، بحسب ممثلين عن المدارس. ويقول المدير التنفيذي لمدرسة الألسن، كريم روجرز، "نسبيا، نحن مستعدون.. على الرغم من أن أي منا لم يرد ذلك".
والسؤال الأهم هنا هو متى تستطيع المدارس فتح أبوابها مجددا؟ يقول روجرز إن 7 مدارس خاصة عادت للتدريس في الفصول بشكل كامل خلال الفصل الدراسي الأول، وهو ما كانوا يطمحون في الاستمرار به إذا توافق مع إجراءات السلامة، وفقا لمساعد مدير مدرسة شوتز الأمريكية، ماسيمو لاتيرزا، أيضا. ويضيف روجرز أنه يريد العودة بأسرع وقت ممكن للتعليم بشكل كامل من الفصل مع الاحترام لتعليمات الوزارة.
ومع تطور الأحداث خلال العام، سيجري تعزيز خطة الطوارىء بالمزيد من الاستثمار في إجراءات الصحة والسلامة إلى جانب التعليم عن بعد. ويتوقع مسؤولو المدارس الخاصة أن يستقر أو يزيد قليلا حجم الاستثمار في المصاريف التشغيلية لصالح التعقيم وتوفير الكمامات والأدوات الأخرى خلال 2021. ويقول الرئيس التنفيذي لمجموعة جيمس، أحمد وهبي، "استثمرنا بقوة في إجراءات السلامة والتحول نحو التعليم عن بعد، وإذا ما استمرت هذه الدرجة من الاستثمارات سيكون الوضع جيد جدا".
ولكن قد تؤدي الآمال بشأن توزيع اللقاحات إلى نفاد الصبر على نظم التعليم عن بعد والتعليم المدمج. فطبقا للاتيرزا، حقق التحول للتعليم عن بعد في 2020 نجاحا بسبب تطبيقه وقت الأزمة، ولكنه على الأرجح لن يستمر على المدى البعيد. ويتفق معه روجرز في أن التعليم المدمج سيصبح جزءا أكبر من التعليم المدرسي يوما ما، ولكن ليس خلال 2021. ويوضح لاتيرزا "سيستغرق الأمر وقتا أطول خاصة بسبب اللقاحات.. الجميع يعقد الآمال على اللقاحات ويريدون العودة للتعليم العادي".
ومع تعطيل "كوفيد-19" للتعليم، يبقى الجدل مستمرا بشأن المصروفات الدراسية. ويقول كل من روجرز ولاتيرزا إن النزاع بشأن تخفيض المصروفات أو ردها يتصل بمدى تقييم أولياء الأمور لجدوى ما تقدمه المدارس من تعليم مدمج أو عن بعد، وهو ما يتباين بشكل كبير. ويضيف لاتيرزا إن أولياء الأمور يتفهمون قرارات الحكومة بإغلاق المدارس ولكن ضيقهم يزداد إذا لم يستفد أبنائهم من التعليم عن بعد. وعبر 47% و34% من أولياء الأمور، في استطلاعين للرأي أجرتهما إنتربرايز عن التعليم عن بعد في يونيو وديسمبر على التوالي، عن عدم رضاهم أو عدم رضاهم بشدة عن منصات التعليم عن بعد التي يستخدمها أبناؤهم.
وستبقى مسألة السقف الذي وضعته الحكومة للزيادات السنوية للمصروفات تثير الجدل خلال 2021، خاصة لدى مشغلي المدارس الخاصة، كما يتوقع لاتيرزا. ويقول روجرز "أعتقد أن أصحاب المدارس سيستمرون في مفاوضات رفع سقف الزيادات خلال 2021، فالقطاع تضرر منذ تعويم الجنيه عام 2012 عندما جرى فرض السقف لأول مرة". ويضيف "زيادة المصروفات بسبب "كوفيد-19" أثرت بشدة على المدارس.. فهل تتدخل الحكومة في مسألة زيادة الرسوم؟ لا أعرف ولا آمل ذلك، لأننا في موسم التعيينات حاليا، ومعظم من نوظفهم يأتون من الخارج".
إلى جانب زيادة السرعة بشأن القضايا التنظيمية الحاسمة، مثل حدود الملكية الأجنبية: السماح ببعض الاستثناءات من الحد الأقصى لملكية الأجانب في المدارس البالغ 20% من شأنه أن يخلق الكثير من الزخم الإيجابي للاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التعليم، حسبما يقول وهبي، مضيفا أن "هذا يعتبر أولوية مع وصولنا إلى عام 2021".
أطلقت وزارة التعليم العالي نظاما إلكترونيا لتنسيق الجامعات الخاصة في الفصل الدراسي الثاني من العام الحالي، وتشمل مرحلته التجريبية فئة قليلة من الجامعات الخاصة والأهلية التي تتلقى عددا كبيرا من طلبات الالتحاق، وهو ما أشرنا إليه مؤخرا، على أن يصبح النظام إلزاميا لكل الجامعات الخاصة والأهلية اعتبارا من فصل الخريف الدراسي للعام الجامعي 2022/2021.
الجامعات الخاصة لا ترى أي مخاوف تهدد استقلاليتها: قال مسؤول بإحدى الكليات العام الماضي إن النظام الجديد قد يثير مخاوف حول استقلالية الجامعات في اختيار طلابها. لكن الجامعات الخاصة ستظل مستقلة لأنها ستحتفظ بحقوقها في العديد من المجالات المهمة، كما أخبرنا رؤساء الجامعة اليابانية والجامعة الصينية وجامعة بدر وجامعة المستقبل وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا. وتشمل تلك الحقوق إجراء اختبارات القبول لاختيار الطلاب الذين يرغبون في الالتحاق بها، وتحديد نسبة الطلاب المقبولين من الأنظمة المدرسية المختلفة (مثل الدبلومة الأمريكية أو البكالوريا الدولية) دون تدخل من الوزارة.
استقلالية الجامعات لن تكون كالسابق: يقول رئيس جامعة بدر مصطفى كمال إن "الجامعات الخاصة لن تتمتع بنفس الحرية الآن، لكن طالما لديها القدرة على اختيار طلابها، فهذا يعتبر استقلالا". ويبدو أن هيكلة النظام الجديد عملية شاملة نسبيا، إذ تشارك جامعات خاصة مختلفة في المناقشات، كما يقول رئيس جامعة المعرفة الدولية محمود علام.
لكن الفروع الدولية قد تتراجع لتفسح مكانا أمام الجامعات المحلية هذا العام: هناك حاليا أخبار حول افتتاح جامعات محلية جديدة (مثل جامعة الملك سلمان) أكثر من أخبار افتتاح فروع جديدة للجامعات الدولية، حسبما يخبرنا نائب رئيس الجامعة البريطانية لشؤون الأبحاث والدراسات العليا يحيى بهي الدين، موضحا افتتاح عشر جامعات أخرى خلال 2021، والتي تشهد إقبالا متزايدا من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. ويتوقع بهي الدين استمرار فروع الجامعات الدولية، مع مواجهتها بعض التحديات في تعيين موظفين أجانب هذا العام.
التعليم سيظل قطاعا دفاعيا في 2021: الإقبال الذي شهده عام 2020 على ضخ استثمارات ضخمة وبناء مدارس وجامعات في العاصمة الإدارية الجديدة والشيخ زايد والقاهرة الجديدة ونمو الامتيازات الأجنبية، من المتوقع أن يستمر خلال العام الحالي، بحسب مصادر متعددة. ويتوقع وهبي أن "تظل سوق التعليم في مصر على قوتها، إن لم تزدد قوة في 2021"، مضيفا أنه "قطاع مرن، والطلب عليه مرتفع، وإمكاناته قوية". ويقول روجرز إن المدارس الكبيرة لديها التمويلات اللازمة والقدرة على الاستمرار في ضخ النفقات الرأسمالية، مشيرا إلى أن نمو الامتيازات الدولية سيكون موضع ترحيب من قبل الوزارة بسبب زيادة الطلب على المدارس.
لكن المعدل المرتفع لبناء المدارس في القاهرة الكبرى لن يظهر في بقية المحافظات فورا: يتوقع روجرز بناء مدارس في العين السخنة والعلمين، لكن ليس هذا العام، لافتا إلى أنه "مع خط القطار المكهرب الجديد، سنرى قفزة في الطلب على المدارس هناك، لكن ربما لن يحدث ذلك على الفور". أما لاتيرزا فيعتقد أن الامتيازات الدولية لن تستهدف الإسكندرية في المرحلة الحالية، لأن سوق المدارس الدولية هناك مشبع نسبيا، مضيفا: "معظم المدارس التي تفتتح هنا هي مدارس مصرية خاصة تستهدف المواطنين الذين ينوون البقاء في مصر".
هل يكون 2021 عام طروحات التعليم؟ في ظل اعتزام سي آي كابيتال قيد ما يصل إلى 40% من أسهم شركتها التابعة "تعليم لخدمات الإدارة" في البورصة المصرية خلال الربع الأول من عام 2021، إلى جانب الأداء القوي لأسهم شركات التعليم التي تفوقت على نظيراتها بمؤشر EGX30 خلال 2020، لا بد من التساؤل عما إذا كان هناك المزيد من الاكتتابات العامة في الطريق.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- عادت المدارس والجامعات مجددا إلى الدراسة عن بعد هذا الأسبوع، كما جرى تأجيل الامتحانات لما بعد إجازة منتصف العام كإجراء احترازي ضد انتشار فيروس "كوفيد-19".
- وقعت وزارة التربية والتعليم اتفاقية مع شركة مايكروسوفت مصر، لتزويد المعلمين والطلاب بحلول مثل "مايكروسوفت أوفس 365"، وإنشاء خدمة إلكترونية لمنصات التعليم الرقمي التابعة للوزارة. ومن المتوقع أن يستفيد من الاتفاقية 21 مليون طالب ومليون مدرس.
- خصصت مؤسسة القلب الكبير الإماراتية 114.7 ألف درهم لتعليم الأطفال المتسربين من المدرسة بمحافظة الأقصر. كما خصصت المؤسسة مليون درهم لتطوير مستشفى الناس الخيري بالقاهرة، بحسب صحيفة العين.
- تعتزم الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا إنشاء أول معمل افتراضي في مصر، والذي سيساعد الطلاب على اكتساب المهارات اللازمة للتعامل مع تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المدمج، بهدف تنمية مهاراتهم لمواكبة احتياجات سوق العمل، وفقا للمصري اليوم. وينفذ المشروع من خلال تمويل بقيمة مليون دولار من الاتحاد الأوروبي.