بلاكبورد تحاور أحمد وهبي الرئيس التنفيذي لمجموعة "جيمس مصر": نحن في مرحلة مهمة يمر بها قطاع التعليم في مصر، خاصة مع ظهور نظام تعليمي عام جديد، وانطلاق برامج الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، وبيئة تنظيمية جديدة، وتنامي الاهتمام من قبل مقدمي التعليم الأجنبي وشركات الاستثمار المباشر في مصر، فضلا عن تغير مشهد الاقتصاد الكلي. وفي خضم هذا المشهد المتغير، تخطو "جيمس للتعليم" الرائدة في تقديم الخدمات التعليمية بالمنطقة ومقرها دبي، والتي تشغل 54 مدرسة في مرحلة التعليم الأساسي في الإمارات وقطر ومصر. وقد برز اسم الشركة في مصر عام 2018 عندما أبرمت شراكة مع المجموعة المالية هيرميس لإنشاء صندوق التعليم المصري. وتعتزم الشركة عبر هذا الصندوق للتعليم الأساسي الاستثمار في قطاع التعليم في مصر، إذ أعلنت الشركة استثمار 300 مليون دولار في مصر عبر الصندوق خلال خمس سنوات، وانطلق استثمارها الضخم الأول العام الماضي بالاستحواذ على أربع مدارس مقابل مليار جنيه، مع توقعات باستكمال الشركة للاستحواذ الخامس قبل نهاية العام الجاري.
من هو أحمد وهبي؟ قبل أن يترأس وهبي عمليات شركة جيمس للتعليم هنا في مصر منذ ثلاثة أشهر، كان قد عمل لمدة 14 عاما بشركة بروكتر آند جامبل شمال أفريقيا، وتقلد منصب المدير المالي للشركة لمنطقة شمال أفريقيا والمشرق العربي منذ عام 2014 وحتى يونيو الماضي. يخبرنا وهبي عن أن رؤيته في تخطي التحدي الماثل في الدخول إلى مجال جديد تماما تمثلت في ثلاثة أشياء: جودة ومكانة جيمس؛ وقوة ودعم شركائها؛ وحالة الاستثمار في قطاع التعليم في مصر ككل.
لا تزال أوضاع الاستثمار في مصر قوية، على الرغم من قرار وزارة التربية والتعليم بوضع حد أقصى لاستثمارات الأجانب في القطاع، حسبما يرى وهبي. واستعرض وهبي بكلماته الخاصة ما الذي تطمح جيمس لتحقيقه في مصر، بما في ذلك إطلاق مدرستها الرئيسية، وأسباب استثمار جيمس في مصر، بالإضافة إلى رؤية الصندوق المستقبلية للقطاع:
مركز تعليمي متكامل في مصر: ما يتطلع صندوق التعليم المصري إليه هو بناء منصة تعليمية متكاملة في مصر، لا تقدم الخدمات والمناهج المتنوعة لمرحلة التعليم الأساسي فحسب، بل تقدم مجموعة من الخدمات التكميلية بما في ذلك تقديم الطعام، وتوفير الزي المدرسي وكذلك النقل.
تكامل رأسي: من هذا المنطلق، فإن جميع أنشطة صندوق التعليم المصري ستخدم هدف توفير التعليم الجيد لكافة شرائح الدخل، والتي لا نقدم لها تلك الخدمات في الوقت الحالي على هذا النحو، بالإضافة إلى الاستفادة من الفرص خارج القاهرة. لذا ستوجه جميع استثمارات الصندوق للاستفادة من الأصول والمنتجات التي تخدم تلك الاستراتيجية. نحن لا نعيد اختراع العجلة هنا. نحن ببساطة ننقل نموذج "جيمس" الحقيقي والمجرب في أسواق أخرى ونقوم بتكييفه مع احتياجات السوق المصرية.
ولدعم تلك الأهداف، فقد استخدمنا حتى الآن 70 مليون دولار من رأسمال الصندوق البالغ 300 مليون دولار. وتتضمن أصولنا الحالية الأربع مدارس التي استحوذنا عليها في مدينتي وفي مدينة الرحاب مقابل مليار جنيه، وتقدم مدرستان منهما منهج جيمس البريطاني، بينما تقدم المدرستان الأخريان المناهج القومية. كما نعتزم إغلاق ثلاث صفقات استثمارية جديدة قبل نهاية العام الدراسي الحالي، من بينهما واحدة ستكمل بشكل كبير محفظة خدماتنا ومن المخطط الإعلان عنها قريبا.
نعمل حاليا كذلك على بناء مدرسة جديدة صديقة للبيئة بمدينة الرحاب والتي ستكون مدرسة جيمس الرئيسية في مصر، والتي سترفع الطاقة الاستيعابية لنا إلى 10 آلاف طالب. لقد حصلنا على الأرض لإقامة المدرسة، ونحن الآن في مرحلة ما بعد التصميم. ستدار المدرسة وفق نموذج مدارس جيمس في دبي. لم ننته بعد من تصميم المناهج الدراسية، لكنها ستكون ملائمة للمدارس الدولية كي تخدم المتطلبات الديموغرافية لتك المنطقة. لذا فنحن نفكر في كل شيء، من المنهج البريطاني وحتى المنهج الأمريكي بالثانوية العامة وكذلك البكالوريا الدولية.
من الضروري التأكيد على أن مصر سوق مهمة لاستراتيجية جيمس العالمية، وهي في هذه المرحلة مصر لاعب مهم للغاية ضمن محفظة جيمس. ونحن ننظر إليها كمحرك للنمو ومصدر قيمة مهم للمجموعة كلها. تلك الأهمية دليل قوي عند النظر للموارد والدعم الذي تضعه جميس لدعم أصولها الحالية، بالإضافة للدعم الذي تناله جيمس مصر لاستثمارها التأسيسي سواء كان ذلك الدعم عبارة عن تمويل أو تصميم للبرنامج. وتستهدف المجموعة أن تكون جيمس مصر واحدة من أكبر المساهمين في نمو الشركة بالمستقبل القريب.
تنويع الخدمات لكافة فئات الدخل: تأمل استراتيجية جيمس للنمو في مصر إلى التنوع من حيث محفظة الخدمات المقدمة، والفئات المستهدفة، والتواجد الجغرافي، وذلك بهدف تقديم تلك الخدمات لأكثر من 20 ألف طالب خلال الثلاث سنوات المقبلة. وعن الفئات المستهدفة، فبالتأكيد نستهدف بناء محفظة من الأصول تجذب جميع الطبقات من ذات الدخل المنخفض والمتوسط وكذلك المرتفع. حاليا، نحن نعمل على توسيع الأصول التي تستهدف شرائح الدخل المتوسط وفوق المتوسط، حيث نعتقد أن هناك فجوة كبيرة في السوق. الجميل في نموذج جيمس أنه يتيح لنا التوسع على جميع نطاق فئات الدخل، مع الاستمرار في تقديم جودة قوية وذات صلة عبر جميع تلك الفئات. وهدفنا النهائي لكل فئة هو توفير القيمة المتصورة والمناسبة لكل شريحة دخل من خلال تعظيم القيمة مقابل المال في كل شريحة عبر توفير أعلى جودة متاحة للخدمة.
عن التوسع خارج القاهرة، نلاحظ أن نشاطا كبيرا يحدث في منطقة الدلتا والإسكندرية والمنصورة وصعيد مصر. ومن المؤكد أن هذا الاتجاه ساعده الجهود الحكومية في دعم التوسع الحضري بتلك المناطق وخططها لبناء مراكز حضرية جديدة هناك. ولم يساعد ذلك في تركيز وتطوير سوق الطلاب في تلك المناطق فحسب، ولكنه ساعد أيضا في توفير البنية التحتية اللازمة لتطوير المدارس. هذا هو اتجاه السوق ونخطط للتكيف مع ذلك.
العنصر المهم الآخر في استراتيجيتنا هنا في مصر، يتمثل في تكييف نموذج جيمس حسب احتياجات السوق المصرية، وبشكل أساسي من خلال ضمان أن التعليم ذو طابع شخصي ويلبي احتياجات وطموحات التعلم وتلبية احتياجات وطموحات كل طالب. والقيام بذلك يعني تعزيز جهودنا لتتجاوز النطاق الأكاديمي. ورغم أن المناهج الدراسية وكفاءة المعلم هي جوهر خدماتنا، إلا أن جيمس طورت أيضا سلسلة من برامج الدعم التي تهدف إلى تطوير المهارات الأساسية التي ستخدم الطلاب في وقت لاحق. على سبيل المثال، سنقدم فرصا لطلابنا في المرحلة الثانوية للحصول على التدريب في أفضل الشركات في مصر. وستستفيد مدارسنا في مصر من شبكة تضم حوالي 300 مدرسة على مستوى العالم تقدم مجموعة متنوعة من البرامج، بما في ذلك برامج الدراسة في الخارج والرياضة وغيرها من الأنشطة. كما ستضم تلك البرامج وضع أكثر من 60 نشاطا من أنشطة ما بعد المدرسة.
وتمتد هذه البرامج أيضا إلى التعليم الأكاديمي وبشكل خاص في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والتي ستشهد تدريب الطلاب على علوم الإنسان الآلي. نسعى أيضا إلى استخدام تكنولوجيا جديدة داخل الفصول بما فيها الواقع المعزز والواقع الافتراضي المناسب استخدامه هناك. وستكون هذه البرامج ميزة جاذبة لمدارسنا.
في الواقع، تحاول مجموعة جيمس أن تعزز الاستفادة من إمكانيات النمو في سوق التعليم المصري. فأولا هو قطاع دفاعي، إذ يهتم المستهلك المصري بشدة بجودة التعليم الذي يتلقاه أبناؤه بغض النظر عن مستواه المادي. فحتى مع صعوبة الأحوال المادية يعطي المصريون الأولوية للإنفاق على التعليم. فالمفتاح والتحدي هنا هو توفير التعليم الجيد بالتكلفة المناسبة. ونحن لا نرى ذلك كثيرا في مصر خارج القاهرة، حيث نجد أن هناك فرص عديدة وخاصة في ضوء برامج التوسع الحضري.
فهذه الفرص هي ما تجعل قطاع التعليم المصري فرصة استثمارية رائعة، حتى مع مقارنتها بمثيلاتها من الأسواق في المنطقة، بما في ذلك الخليج العربي. فمصر لديها التركيبة السكانية وعدد السكان في مصلحتها وهو ما يوفر مساحة أكبر للنمو على جانب الطلب طالما يمكنك تقديم الجودة المطلوبة. لدي اعتقاد راسخ بأن تعافي الاقتصاد المصري سيمكن الأسر من تعزيز الإنفاق على التعليم خلال السنوات القليلة المقبلة. وعلى صعيد العائد من الاستثمار تبدو الأمور مبشرة وكذلك على صعيد جودة الخدمات. ففي الواقع، ودون الدخول في تفاصيل، فقد تفوقت أرقام العائد على الاستثمار في أصولنا الحالية على توقعاتنا.
لذلك فنحن نرى أن مستقبل الطروحات العامة الأولية للقطاع إيجابي جدا وسنرى المزيد من الاكتتابات في مجال التعليم. وكان ذلك واضحا في الطرح الأخير لشركة القاهرة للاستثمار والذي أكد على وجود الطلب الكبير على الشركات التي تركز على التعليم في مصر أو في أنحاء المنطقة. ومع وجود مساحة أكبر لنمو القطاع، فنحن نترقب أيضا صفقات دمج واستحواذ قادمة مع دخول لاعبين ماليين و استراتيجيين جدد إلى القطاع. السوق ضخمة وبالتأكيد سيستفيد الكل من زيادة المنافسة بين مقدمي الخدمات.
وحول الموضوع المثير للجدل: لم يؤثر قرار وزارة التعليم تحديد سقف 20% للاستثمار الأجنبي في القطاع على تفاؤلنا ولم يؤثر على فرصنا في الاستثمار به. ونحن نثمن قرار الوزارة بفتح المجال لإجراء مناقشات مع المستثمرين حول هذا القرار، وهو ما يشير إلى أن الوزارة تعتبر الاستثمارات الأجنبية المباشرة عنصرا مهما في تطوير التعليم. فمن حيث المبدأ نتفق مع الهدف من القانون وهو ضمان استثمارات عالية الجودة بالتعليم. ونحن، كقطاع، دخلنا في مفاوضات مع الوزارة حول كيفية إدخال بعض التعديلات على التشريع الحالي لتحقيق التوازن بين ضمان جودة الاستثمارات في القطاع، مع إعطاء القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب مساحة للنمو. و
أريد أن أؤكد أيضا على أن القرار لا يؤثر على استراتيجيتنا ولا خطة عملنا، ففي النهاية الوزارة داعمة لما نسعى إلى تحقيقه وهو النمو وتحسين جودة التعليم.
وما هي القضية الأكبر التي تواجه صناعة التعليم هنا؟ أهم عنصر في صناعة التعليم بشكل عام هو إمكانية الاستعانة بالمعلم ذو الجودة المناسبة وبالتكلفة المناسبة. وهي ليست قضية بقدر ما هي فرصة، إذا تم إنجازها بشكل صحيح ستكون المسألة قد حلت. فثروتنا الكبرى هي المعلم. وفي نفس الوقت، وبالتكلفة المناسبة، يمكن توفير خدمة بسعر مناسب أو إعادة استثمار ذلك في برامج الدعم وبناء القدرات التكنولوجية لدعم التجربة التعليمية.
وهل يعني ذلك الاعتماد على معلمين أجانب؟ ليس بالضرورة، بالرغم من أن أغلب معلمينا من الأجانب لأنه يجب الاستعانة بهم في تدريس مواد وشهادات معينة وذلك لضمان أن يحصل الطالب على أساسيات اللغة الصحيحة. ونحن لا نتهاون في جودة معلمينا بغض النظر عن جنسيتهم. ونحن نتأكد دوما من حصول معلمينا علي الشهادات اللازمة، بغض النظر عن موطنهم، والأهم أننا نراقب أدائهم بشكل مستمر ونوفر لهم التدريب.
وتحدينا الأكبر في 2019 حتى الآن هو التكامل الذي يلي الاستحواذ، وهو عادة مليء بالتحديات لأننا يجب أن نهيئ عقلية المساهمين بالكامل لما نحن مقبلون عليه، وهو ما يعني أيضا تغيير عقلية أولياء الأمور والمعلمين. ولكن مجددا، أعتقد أنه عندما يدرك الناس ما نفعله والغاية التي نود الوصول إليها، يتحول التحدي إلى فرصة.
وتحدينا في 2020 هو تحقيق النمو المستهدف وزيادة أصولنا لما نحتاجه طبقا لخطة النمو سواء كان ذلك يتضمن توسعة محفظتنا أو تشغيل مدرستنا الأولى أو تحسين خدماتنا.