القطاع الخاص غير النفطي يستشعر أزمة سلاسل التوريد العالمية
القطاع الخاص غير النفطي يتراجع إلى أدنى مستوى له في خمسة أشهر خلال أكتوبر: شهد نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر المزيد من الانكماش في أكتوبر، إذ تسببت الاضطرابات المتواصلة في سلاسل التوريد العالمية في ارتفاع تكاليف المدخلات بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وفق مؤشر مديري المشتريات الذي تصدره مجموعة آي إتش إس ماركت (بي دي إف) أمس. وانخفض المؤشر إلى أدنى مستوياته في خمسة أشهر ليصل إلى 48.7 نقطة من 48.9 نقطة في سبتمبر، ليصل دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش للشهر الحادي عشر على التوالي.
بدأت أزمة سلاسل التوريد العالمية في التأثير سلبا على الشركات: أدت الاختناقات في سلاسل التوريد العالمية إلى حدوث تراجعات، حيث دفع نقص المواد الشركات إلى تقليص الإنتاج وزيادة مشترياتها من المدخلات تحسبا لحدوث فجوات في المعروض. وقال ديفيد أوين الباحث الاقتصادي لدى آي إتش إس ماركت: "بعد أن كانت في السابق أقل تأثرا من أوروبا والمناطق الأخرى، بدأت الشركات المصرية تشعر بعبء النقص في المواد على كل من الإنتاج والمخزون، مع انخفاض الأخير بأقصى معدل له خلال 16 شهرا".
ارتفاع الأسعار على كافة الأصعدة: قال أوين: "انتشرت الضغوط التضخمية عبر مجموعة واسعة من المدخلات، بما في ذلك المعادن والبلاستيك والمنتجات الخشبية ومواد البناء، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن".
النتيجة: تسارعت تكاليف المدخلات ورسوم الإنتاج بأعلى وتيرة لها منذ أغسطس 2018.
ارتفع معدل التضخم السنوي العام في مصر خلال الأشهر الأخيرة، إذ بلغ أعلى مستوى له في 20 شهرا مسجلا 6.6% في سبتمبر وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة. ولا يزال معدل التضخم ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (±2%)، كما يتوقع العديد من المحللين استقرار الأسعار في العام المقبل.
يمكن أن نشهد أوقاتا صعبة في الأشهر القليلة المقبلة: من المرجح أن يؤدي نقص المواد إلى مزيد من التخفيضات في الإنتاج بنهاية العام الجاري، بحسب مجموعة آي إتش إس ماركت. وعند توافر المدخلات، ستكون أكثر تكلفة – وسيتم تمرير هذه التكلفة إلى المستهلكين بشكل جزئي. وقال أوين: "يشير هذا إلى أن الشركات والمستهلكين ستكافح لتجنب ارتفاع الأسعار في الأشهر المقبلة".
من المتوقع أيضا أن تكون هناك تأثيرات لارتفاع أسعار السلع في الأشهر المقبلة: من المتوقع أن تؤدي قرارات الحكومة الشهر الماضي برفع أسعار الغاز الطبيعي للمصانع وأسعار البنزين إلى زيادة التضخم. ومن المتوقع أيضا أن تقوم مصانع الأسمدة والكيماويات برفع أسعار منتجاتها بنسبة تصل إلى 20% لحماية هوامشها التشغيلية. وتستعد الحكومة لخفض دعم الخبز لأول مرة منذ عقود حيث أدى ارتفاع أسعار القمح العالمية إلى الضغط على موازنة الدولة.
أثرت أزمة سلاسل التوريد على الصادرات أيضا: انخفضت الطلبيات الأجنبية بأسرع وتيرة لها في 17 شهرا، واستمرت في الاتجاه الهبوطي منذ شهر سبتمبر.
لا يتوقع القطاع الخاص انتهاء اضطرابات سلاسل التوريد قريبا: تراجعت ثقة الأعمال الشهر الماضي من المستوى القياسي الذي سجلته في سبتمبر، حيث تراجعت توقعات الإنتاج بمقدار 20 نقطة لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ أبريل. ويعكس التراجع في الثقة قلقا متزايدا بشأن احتمالية استمرار التضخم لوقت كاف لإلحاق ضرر حقيقي. وقالت آي إتش إس ماركت: "كانت الشركات قلقة بشكل خاص من أن التضخم المرتفع قد يؤدي إلى تراجع الطلب وعكس التعافي الاقتصادي الذي شهدناه منذ تخفيف قيود كوفيد-19".
على الجانب الإيجابي، ارتفع معدل التوظيف للشهر الرابع على التوالي، بالرغم من تزايد حجم الأعمال المتراكمة للمرة الثالثة خلال أربعة أشهر جراء النقص في المدخلات. وبالرغم من كل هذه المخاوف التضخمية، لا نزال متفوقين على متوسط سلسلة مؤشر مديري المشتريات، والذي يعد المتوسط الإجمالي لنتائج المؤشر المسجلة منذ عام 2011.
ظلت معدلات الطلب قوية نسبيا، في الوقت الحالي بفضل السياحة: سجلت الشركات تراجعا طفيفا في الطلبيات الجديدة على خلفية ضعف الصادرات، إلا أنها حصلت على الدعم من المبيعات المحلية. كما أن المناطق السياحية تحديدا شهدت تعافيا في حركة السياح بعد القيود التي فرضت للحد من انتشار فيروس "كوفيد-19"، والتي كادت أن تتسبب في توقف نشاط الشركات العاملة بالقطاع.
وإقليميا – تراجع مؤشر مديري المشتريات في المملكة العربية السعودية بدرجة طفيفة (بي دي إف) عن مستوى الـ 58.6 نقطة المسجل في سبتمبر، رغم تسجيله ثاني أعلى قراءة له منذ بداية الجائحة. وتوسعت مستويات الإنتاج بشكل قياسي. وارتفع تضخم المشتريات إلى أعلى مستوى له في 11 عاما وسط أزمة سلاسل التوريد العالمية.
دفع معرض إكسبو دبي 2020 نمو الأعمال في دولة الإمارات إلى الارتفاع لمستوى قياسي لم تشهده البلاد منذ يونيو 2019، ليسجل مؤشر مديري المشتريات (بي دي إف) 55.07 نقطة في أكتوبر، ارتفاعا من 53.3 نقطة في سبتمبر. وساعد الحدث الذي طال انتظاره، على زيادة الإنفاق وارتفاع معدلات السياحة، كما عزز أيضا مستويات الإنتاج بأقوى معدل في أكثر من عامين.