ماجد عز الدين رئيس قسم الصفقات في "بي دبليو سي": التصدير يجب أن يركز على الخدمات.. وليس السلع فقط

تناولنا الإفطار مؤخرا مع 20 من كبار الرؤساء التنفيذيين، للحديث حول أهمية الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر في دفع الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة. وافق بعض الرؤساء التنفيذيين المشاركين على الإجابة عن سؤالين، بعد مطالعتهم لتقرير إنتربرايز الذي تضمن خمس خطوات مقترحة من شأنها زيادة الصادرات وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
نشرنا بالفعل مقابلاتنا مع كل من: محمد الضبابي المدير العام لشركة جلاكسو سميثكلاين، وجليل بنسودة الشريك الرئيسي في ماكنزي، وإبراهيم المسيري الرئيس التنفيذي لشركة أبو سومة للتنمية السياحية، وبهاء علي الدين الشريك الإداري في مكتب إيه إل سي علي الدين وشاحي وشركاه، وتود ويلكوكس الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة بنك إتش إس بي سي مصر، وشريف الخولي الشريك والرئيس الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط فى أكتيس للاستثمار المباشر، وعمر الصاحي المدير العام لأمازون مصر، وشيرين شهدي مديرة مؤسسة بريتش إنترناشونال إنفستمنت (بي آي آي)، وأنكوش أرورا الرئيس التنفيذي لشركة المنصور للسيارات، وتوماس ماهر الرئيس والمدير التنفيذي لشركة أبكس إنترناشونال إنرجي، ومعتز صدقي المدير العام لشركة ترافكو هوليدايز، ومحمود حسن المؤسس المشارك لشركة كايش، وندى الأحول مديرة تطوير الأعمال في شركة ترانسمار.
يتحدث إلينا اليوم: ماجد عز الدين (لينكد إن) الشريك المسؤول ورئيس قسم الصفقات بمصر بشركة بي دبليو سي الشرق الأوسط. تعد بي دبليو سي هي واحدة من أكبر شبكات الخدمات المهنية العالمية، ومن بين أكبر أربع شركات محاسبة في العالم. وتمتد المسيرة المهنية لعز الدين مع "بي دبليو سي" إلى ما يقرب من 30 عاما، ويشغل حاليا عضوية مجلس إدارة الجمعية المصرية البريطانية للأعمال، والجمعية المصرية للاستثمار المباشر، ومنظمة رواد الأعمال العالمية.
إنتربرايز- ما هي الصناعة التي ترى أنه يجب التركيز عليها، ولماذا؟
ماجد عز الدين: إذا كنت صاحب القرار فسأبدأ بصناعة التعهيد. تستهدف مصر رفع قيمة صادراتها لتصل إلى 100 مليار دولار، لكن يبدو أننا دائما نفكر في تصدير السلع، بدلا من الخدمات. ولكن سواء سنصدر سلع أو خدمات، في رأيي المتواضع، نحن أكثر قدرة على المنافسة مع الهند مما نحن عليه مع الصين حينما يتعلق الأمر بتصدير خدمات التعهيد. ينطبق برنامج دعم الصادرات حاليا على السلع المصدرة فقط، ولكن أعتقد أن هناك فرصة جيدة لتوسيع البرنامج ليشمل الخدمات أيضا.
إذا ركزنا على خدمات التعهيد، يمكننا فتح الكثير من المجالات التي تدعم فكرة "تصدير الخدمات" من خلال ثلاث فئات رئيسية. الأولى هي تعهيد العمليات التجارية، وهي ممارسة تتعاقد فيها المنظمة مع مزود خدمة خارجي لأداء وظيفة أو مهمة عمل أساسية. والثانية هي الخدمة المدارة، مثل تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية والشؤون المالية، لذلك يمكن للشركة الاستعانة بمصادر خارجية لمسؤوليات ووظائف الإدارة اليومية لخفض النفقات وتبسيط العمليات. ثم هناك الاستعانة بمصادر خارجية عالية التقنية، وهو استخدام موفري الخدمات الخارجيين لتقديم العمليات التي تدعم تكنولوجيا المعلومات وحلول البنية التحتية بشكل فعال للأعمال.
يمكن لمصر توسيع خدمات التعهيد لأنها تتمتع بالكثير من المزايا التنافسية: لدينا مجموعة كبيرة من المواهب في القوى العاملة الماهرة والتي تعد واحدة من الركائز الأساسية لمكانة مصر الفريدة جدا بين وجهات التعهيد العالمية. ضمن مجموعة المواهب هذه، لدينا أيضا أفراد يتمتعون بمهارات لغوية جذابة. بالإضافة إلى اللغة العربية الرسمية، تستطيع أن تجد الكثير من الأفراد الذين يتحدثون اللغة الإنجليزية والفرنسية على نطاق واسع ولدينا عدد كبير من المتحدثين باللغة الألمانية بفضل تنوع أنظمة التعليم لدينا. ثم هناك القرب من الأسواق الرئيسية بفضل موقع مصر الاستراتيجي على مفترق طرق أوروبا وأفريقيا وآسيا. تعد مصر تنافسية من حيث التكلفة عندما ننظر إلى تكاليف التشغيل بدوام كامل، والتي يمكن أن توفر ما يصل إلى 30% من التكاليف مقارنة بوجهات التعهيد الأخرى مثل بولندا وأوكرانيا وبلغاريا ورومانيا. ولا يمكننا أن ننسى أن هناك دعما حكوميا كبيرا، سواء تعلق الأمر بالاستثمارات في البنية التحتية الرقمية عالية الجودة أو توفير الحوافز المالية للاعبين في قطاع التعهيد.
إنتربرايز- لماذا ترى أن تعزيز الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر هو المستقبل؟
ماجد عز الدين: شهدنا انخفاضا كبيرا في قيمة العملة بشكل أو بآخر كل قرن، وشهدنا ثلاثة انخفاضات في السنوات الست الماضية وحدها. أنا لست خبيرا اقتصاديا، ولكن إذا استهلكت أي دولة أكثر مما تنتج واستوردت أكثر مما تصدر، فستواجه حتما نقصا في العملات الأجنبية وتستنفد احتياطياتها.
الجميع يعرف المصادر الرئيسية للعملات الأجنبية في مصر: قطاع السياحة والتحويلات وعائدات قناة السويس والاستثمار الأجنبي المباشر والأموال الساخنة والصادرات. المصادر الثلاثة الأولى تخرج عن سيطرة الحكومة – هناك أحداث مثل الجائحة التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على صناعة السياحة وعائدات قناة السويس مرتبطة مباشرة بمستويات التجارة العالمية. وبالمثل، نظرا لأن نحو 65% من التحويلات تأتي من المصريين العاملين في الخليج، فنحن تحت رحمة الاتجاهات المتغيرة في هذه الدول، مثل التوطين الذي يمكن أن يقلل التحويلات.
على النقيض من ذلك، فإن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات أمران يمكننا التحكم فيهما. بالنظر إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر حاليا، فإن التركيز على إحلال الواردات وزيادة صادراتنا يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط على الجنيه. جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر هو أمر أساسي لاستراتيجية التنمية في مصر؛ ولها فوائد متعددة مثل خلق وظائف جديدة والحد من الفقر. وهذا بدوره سيدعم جهود الحكومة لكبح التضخم، وزيادة الإنتاج المحلي، والصادرات، وتقليل الاعتماد على الواردات، ودعم احتياطي النقد الأجنبي.
لزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، يجب على مصر تحسين مناخ الأعمال من خلال القضاء على حالة عدم اليقين وتحقيق الاستقرار التنظيمي والتشريعي بشكل سريع. يجب أن يكون المستثمرون قادرين على تقدير التعرض الضريبي بدرجة معقولة من اليقين ويجب على الحكومة العمل على حل المنازعات بسرعة والتوقف عن مزاحمة القطاع الخاص.
التوسع في منح "الرخصة الذهبية" لمستثمري الصناعة خطوة مشجعة للغاية. وكذلك الأمر بالنسبة لصياغة وثيقة سياسة ملكية الدولة لضمان تكافؤ الفرص أمام الجميع، وتحسين البنية التحتية، وتوفير الطاقة للقطاع الصناعي، وتخصيص الأراضي الصناعية لمواجهة الفساد.