استطلاع إنتربرايز حول التصدير والاستثمار الأجنبي: جليل بنسودة الشريك الرئيسي في ماكنزي
تناولنا الإفطار مؤخرا مع 20 من كبار الرؤساء التنفيذيين للحديث حول أهمية الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر في دفع الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة. ووافق بعض الرؤساء التنفيذيين المشاركين على الإجابة عن سؤالين، بعد مطالعتهم لتقرير إنتربرايز الذي تضمن خمس خطوات مقترحة من شأنها زيادة الصادرات وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
جليل بنسودة (لينكد إن) الشريك الرئيسي في ماكنزي، شركة الاستشارات الإدارية العالمية. أعاد جليل افتتاح مكتب القاهرة في أوائل عام 2021، وجمع فريقا مكونا من 90 مستشارا في العاصمة المصرية. يأتي بنسودة من الدار البيضاء في المغرب، حيث كان الشريك الإداري لمنطقة أفريقيا الفرنكفونية، وهو رائد أعمال صناعي مخضرم متخصص في تحقيق التحول واسع النطاق للشركات العامة والخاصة، بداية من وضع الاستراتيجية وحتى تنفيذها، وقد عمل لفترة طويلة مع شركات في القطاعين المالي والصناعي على استراتيجيات الاستثمار والتنمية. كما أنه مواطن مغربي، وهي نقطة وثيقة الصلة بحوارنا كما سنوضح أدناه:
إنتربرايز: ما هي الصناعة التي ترى ضرورة التركيز عليها، ولماذا؟
جليل بنسودة: إجابتي ستكون السياحة بالتأكيد، لو تكلمنا عن إطار زمني ممتد من 12 إلى 18 شهرا، لأنه قطاع بإمكانه توفير النقد الأجنبي الذي تحتاجه البلاد في الوقت الحالي بقليل من الاستثمار المسبق. كل البنية التحتية المطلوبة موجودة بالفعل، ما نحتاج إلى التركيز عليه هو توسيع سبل السفر بالطيران والترويج لمصر عالميا، وهو ما يمكن معالجته خلال فترة زمنية قصيرة. أما على المدى الطويل فأنا أؤمن بقوة الناس، ومصر لديها مجموعة كبيرة من المواهب، لذلك من الطبيعي أن أنجذب نحو صناعات قائمة على الخدمات، مثل تعهيد العمليات التجارية وإدارة علاقات العملاء. الطلب العالمي على هذه المجالات ثابت، وهناك فرصة لمصر أن تجتذب كبار اللاعبين في إدارة علاقات العملاء.
على المدى المتوسط، مصر تحتاج إلى اختيار ما بين 4-6 صناعات رئيسية موجهة للتصدير ولها عرض قيمة واضح والتركيز عليها لجذب المستثمرين العالميين والمحليين، وإعلان نفسها مركزا صناعيا إقليميا قادرا على خدمة أسواق الشرق الأوسط وشرق أفريقيا. فالسياق الصناعي العالمي الحالي وإعادة توزيع سلسلة التوريد العالمية يعد فرصة لا بد من استغلالها. مصر لديها وضع جيد للغاية بالفعل على المدى البعيد في بعض القطاعات الواعدة مثل الهيدروجين، مع الإعلان عن استثمارات ضخمة في قمة المناخ COP27. علينا اغتنام الفرصة والبناء على تلك الاستثمارات للاستفادة محليا من القيمة المضافة.
إنتربرايز: لماذا التصدير والاستثمار الأجنبي هما الحل؟
جليل بنسودة: لأن الطريق معروف، وخطة إنتربرايز المكونة من خمس خطوات واضحة تماما، ومناسبة جدا لمصر في السياق الحالي لإنشاء منحنى تصاعدي جديد للنمو.
يذكرني هذا الموقف بما فعله المغرب في أواخر عام 2000، حين أطلق مشروع مخطط التنمية الاقتصادية بهدف تسريع نمو القطاعات الموجهة للتصدير. اختار المغرب خمس صناعات شملت السيارات والملاحة الجوية والإلكترونيات والأغذية وخدمات التعهيد، وكل ذلك بناء على الميزة التنافسية العالمية للمغرب.
وقتها انصب تركيز المغرب بالكامل على خلق بيئة مناسبة للأعمال وبنية تحتية متكاملة، وتدريب المواهب المحلية لجذب المستثمرين المحليين والأجانب. الاهتمام الحكومي تركز بدءا من مكتب رئيس الوزراء على هدفين رئيسيين: التنفيذ والسرعة، من أجل جذب المستثمرين الرئيسيين وبناء الزخم. شركة رينو قادت المهمة في مجال السيارات من خلال مصنع بقدرة إنتاجية تصل إلى 400 ألف وحدة سنويا، بينما تولت بومباردييه قيادة قطاع الطيران.
اليوم وبعد 12 عاما، أصبح المغرب قوة تصديرية في قطاعات كانت لا تزال ناشئة في عام 2008. ومن المتوقع أن تصل صادراته من السيارات هذا العام إلى 10 مليارات دولار وإنتاج 600 ألف سيارة، مع نسبة مكون محلي تبلغ 70%. ويحقق مجالا الطيران والإلكترونيات 3 مليارات دولار من مبيعات التصدير لكل منهما. حققت المغرب عائدات بقيمة ملياري دولار من خدمات التعهيد، مع توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل. وشهدت كل هذه الصناعات ازدهارا في النظام الإيكولوجي الصناعي المحلي بما يتجاوز المشاريع الرئيسية الأولية، مع شركات متعددة الجنسيات لها أسماء كبيرة مثل رينو وستيلانتس وبوينج وبومباردييه.
أنا على يقين من أن مصر بإمكانها أن تحقق انطلاقة أكبر وأسرع، بالنظر إلى نقطة انطلاقها من حيث الحجم والمزايا التنافسية، بما في ذلك موقعها الجغرافي وتكاليف العمالة والطاقة "الخضراء" والتنافسية. لكن فعل ذلك يتطلب التركيز على القطاعات الرئيسية، واتخاذ قرارات سريعة الخطى، ورحلة استثمار أكثر ذكاء وانسيابية، والأهم بناء الثقة مع القطاع الخاص للسماح لهم بالاستثمار في ظل رؤية واضحة للإطار القانوني والتنافسي. هناك سوق تنافسية للغاية على مستوى العالم لجذب الاستثمار الصناعي الأجنبي، ويمكن لمصر بالتأكيد أن تلعب دورا رابحا في هذه السوق.