سارة عنان تكتب: الدروس المستفادة من أزمة "كابتير"
مقال رأي بقلم سارة عنان، شريك أول في شركة رأس المال المغامر فينتشر سوق. قبل انضمامها إلى فينتشر سوق، التي تقود استثماراتها في مصر، عملت سارة في جلوبال فينتشرز وفلات 6 لابز. بدأت حياتها المهنية في مجال الاستشارات الاقتصادية، حيث عملت كمحللة تركز على دعاوى مكافحة الاحتكار في واشنطن العاصمة، حتى انتقلت إلى مصر وانضمت إلى منصة جوميا للتجارة الإلكترونية. سارة حاصلة على درجة البكالوريوس من جامعة برانديز، مع تخصص ثلاثي في الرياضيات والاقتصاد والأعمال. كما أنها تهوى أيضا تسلق الجبال والتجول والغوص.
في الأسبوع الماضي، أقال مجلس إدارة شركة كابيتر الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية الشريكين المؤسسين محمود وأحمد نوح، في قرار "ساري المفعول على الفور". وسبق الأخبار وتبعها تكهنات ومزاعم انتشرت على نطاق واسع، لا أريد الدخول في أي منها، في ظل استمرار التحقيقات الداخلية والخارجية. ولكن لفهم القصة وراء أزمة كابيتر، هناك بعض الأشياء التي نحتاج إلى أن نكون على دراية بها.
# 1- متلازمة "الصفقة الساخنة": شهد عالم رأس المال المغامر على مستوى العالم ما نحب أن نطلق عليه "متلازمة الصفقة الساخنة" خلال السنوات القليلة الماضية. تطارد الصناديق الاستثمارات "الساخنة" والتي ينظر إليها على أنها جذابة. بالنسبة لمصر، كان الدافع وراء هذه الجاذبية في جزء كبير منها هو انخفاض قيمة الجنيه المرتبط ببعض "الخوف من تفويت الفرص (أو FOMO). السعي وراء صفقة ساخنة لم يؤد فقط إلى التسرع في توجيه رأس المال المغامر إلى الصفقات، بل أدى أيضا إلى صفقات مسعرة بأعلى من قيمتها الحقيقية.
حظيت الشركات الناشئة المحلية بفرص جيدة، مع ضخ المستثمرين الأجانب نحو مليار دولار، كان لدى الشركات الناشئة المصرية التمويل اللازم لبعض الوقت.
لكن هؤلاء المستثمرين المغامرين لم يكونوا بالضرورة قلقين بشأن خسارة 20 مليون دولار، على سبيل المثال، عندما يديرون أموالا تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
وهذا يثير التساؤل حول ما إذا كانت عمليات الفحص النافي للجهالة جرى تنفيذها أم لا. إذا نظرنا إلى السرعة التي تتم بها الصفقات في مصر منذ عام 2020، أتساءل عما إذا كان قد جرى تسريع عمليات الفحص النافي للجهالة، وجرى التغاضي عن إشارات الخطر، وغابت خطط التخفيف من المخاطر.
من ناحية أخرى، المستثمرون المحليون، الذين يبلغ متوسط حجم رؤوس أموالهم 50 مليون دولار، لديهم تمويلات أقل. لذلك سيكون لديهم المزيد ليخسروه إذا فشل استثمارهم. مع وجود شركات باهظة الثمن في السوق، يكاد يكون من المستحيل العثور على مستثمرين محليين تابعين.
# 2- مناخ الاستثمار العالمي: في العامين الماضيين، رأينا ابتكارات متسارعة في مجال التكنولوجيا، مدفوعة بجائحة عالمية. لكن الجائحة نفسها أدت إلى ازدهار الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا أعقبه ركود لا مفر منه. بعد ذلك، ساءت الظروف الاقتصادية العالمية بالتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية.
ولم تكن مصر استثناء. يعاني الاقتصاد المصري من تداعيات هذه الظروف الاقتصادية، ما أدى إلى ضعف العملة تدريجيا، ووصول معدل التضخم إلى 14.6% الشهر الماضي، وتحوم نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي حول 85%.
# 3- فقاعة رأس المال المغامر. كما رأينا مع الفقاعات التاريخية السابقة، كلما زاد رأس المال الذي تخصصه في صناعة ما، زاد احتمال انهيارها. أدى تدفق رأس المال من قبل المستثمرين الرأسماليين إلى خلق فقاعة كان من المتوقع أن تنفجر. وضع رأس المال المغامر رهاناته ونوع محافظه الاستثمارية، على أساس أن حفنة قليلة فقط من الاستثمارات ستزدهر، وبعضها سينجو، ولن تنجح الغالبية في تحقيقه.
# 4 – النبوءة التي تتحقق من ذاتها. دعونا لا ننسى الدور الذي تلعبه النميمة والشائعات في تكوين الشركة أو فشلها. شائعات عن أزمة كابيتر – وهي قاسم مشترك في ظل الظروف الحالية – جعلت المستثمرين أكثر حذرا، مما يصعب على كابيتر إمكانية جمع أموال جديدة.
أضف إلى ذلك، أن فكرة الشركات الناشئة "الفشل والخسارة" كانت موجودة بقوة في القطاع. فكرة أن "الأمور ستزداد سوءا بالنسبة للشركات الناشئة عالميا" جعلت الأمور تزداد سوءا بشكل أسرع، بل وأكثر من ذلك في مصر.
وجاء ذلك بعد أن بلغ الضجيج أعلى مستوياته على الإطلاق. أشاد المستثمرون بمصر باعتبارها سوقا ساخنة. ثم قام المؤسسون بإفراط في البيع كوسيلة لجذب انتباه المستثمرين الدوليين. وبعد زيادة جولات الاستثمار، أدرك المؤسسون أنهم بالغوا في الوعود واضطروا إلى تجاوز بعض المحطات لتحقيق ذلك.
بالنظر لكابتير، تثير هذه النقطة الكثير من الأسئلة. هل يقع اللوم على رأس المال المخاطر العالمي؟ ليس بالضرورة. يجب أن تكون الشركة قادرة على جمع الكثير من رأس المال والاستمرار في استخدامه بطريقة مسؤولة. نتائج كبيرة ممكنة – هل تتذكرون فوري؟ هل كان أعضاء مجلس إدارة كابيتر مؤتمنين بالشكل الكافي؟ هل كان المؤسسون شفافين؟ عندما نظر المستثمرون في البداية إلى كابتير، التقط بعضهم علامات الخطر، لكن هل توقع أي منهم ما يمكن أن يحدث؟ لم يصدر القرار النهائي بعد.
لكن للمضي قدما، هناك شيء واحد يتعين علينا القيام به: التمسك بوعد "المؤسسين أولا". يحتاج أصحاب رأس المال المغامر إلى العمل كمستشارين موثوقين يقدمون التوجيه ولهم قيمة مضافة كبيرة للمؤسسين. ستؤثر معاملة المؤسسين باعتبارهم أصحاب مصلحة متساوين بشكل إيجابي على المسافة التحذيرية التي يحافظ عليها المؤسسون فيما بينهم وبين المستثمرين. من السهل أن تضيع في البيروقراطية عندما يأتي كل صاحب مصلحة بأجندة خفية.
وتشكيل مجلس إدارة مؤثر. يعد سد الفجوة أمرا مهما، ولهذا السبب تحتاج إلى مجلس إدارة يركز على مصلحة الشركة ويوجهها نحو قرارات سليمة ومعقولة.
الخلاصة: مصر ليست غريبة عن الأزمات وهذه مجرد عثرة أخرى في الطريق. القطاع مرن، والسوق لا يزال ناضجا والإمكانيات هائلة. توقعاتي للربعين المقبلين هي أنه إذا ساءت الأمور قبل أن تتحسن، فعندئذ تكون على أعتاب أن تصبح جيدة للغاية. دعونا نكتب فصلا جديدا معا وننشئ سوقا مبنية على الحوكمة والعمل الجاد والتفكير طويل المدى للاستفادة حقا من الإمكانات الكاملة لمصر.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:
- أقال مجلس إدارة شركة كابيتر الناشئة الرئيس التنفيذي للشركة ومدير العمليات وسط اتهامات بارتكاب مخالفات مالية، وهو ما نفاه الرئيس التنفيذي محمود نوح. وعين مجلس الإدارة المدير المالي للشركة ماجد الغزولي رئيسا تنفيذيا مؤقتا.
- أتمت شركة فايف كوارترز الناشئة في مجال التدريب الطبي جولة تمويلية تأسيسية – لم يكشف عن قيمتها – من مستثمر ملائكي سعودي.
- انضمت المستثمرة الملائكية بيولا ألابي (لينكد إن) إلى صندوق كايرو إنجلز سنديكيت فند التابع لشبكة الاستثمار الملائكي كايرو إنجلز، كمستثمر شريك.
- وقعت شركة تيراداتا مصر اتفاقيتين مع وزارة الاتصالات وجامعة مصر للمعلوماتية للتعاون في مجال التدريب وبناء القدرات بتخصصات تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة وطلاب الجامعة.