كل ما تحتاج معرفته عن الجيل الجديد من عملات إيثريوم المشفرة
إيثريوم قد تكشف هذا الشهر عن تقنية جديدة ستغير قواعد اللعبة: تستعد إيثريوم، ثاني أكبر العملات المشفرة في العالم، لإطلاق التحديث الجديد لنظامها الذي طال انتظاره في 15 سبتمبر. تهدف العملة المطورة، المعروفة باسم "ذا ميرج" (The Merge)، إلى تحقيق أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، والتي يمكن أن تغير قواعد اللعبة في صناعة تعاني من مخاوف بشأن الآثار الضارة لها على البيئة. تغيير بهذا الحجم لم يكن سهلا، إذ تأخرت ذا ميرج لسنوات، ولا تزال تواجه شكوكا من آلاف العاملين في هذا المجال.
لماذا يحتاج قطاع العملات المشفرة إلى هذا التطور: يستهلك تعدين البيتكوين سنويا، والذي يحدث من خلال تسابق الآلاف من أجهزة الكمبيوتر لحل مسائل رياضية معقدة في نظام يعرف بـ "نظام إثبات العمل"، ما يقدر بأكثر من استهلاك بلجيكا من الطاقة، وفقا لمؤشر بجامعة كامبريدج لاستهلاك البيتكوين للكهرباء. ويُقدر استهلاك إيثريوم بنحو ثلث استهلاك بيتكوين، وفقا لوايرد.
كيف سيعمل نظام ذا ميرج على خفض استهلاك الطاقة؟ يقدم ميرج ذلك من خلال التحول من نظام "إثبات العمل" إلى نظام "إثبات الحصة". يعتمد نظام إثبات العمل على استخدام أجهزة الكمبيوتر في تعدين البيتكوين عن طريق التسابق لحل مسائل رياضية معقدة للغاية، وفي المقابل يحصل المعدّن أو مجموعة المعدنين على جزء من البيتكوين كمكافأة. أما نظام إثبات الحصة، والذي يشبه نظام اليانصيب، فبدلا من التعدين لتوثيق المعاملات، يشارك مالكو العملة المشفرة في توثيق المعاملات عبر وضع حصة من ملكيتهم للعملة كضمانة، وبعد ذلك تختار خوارزميات إثبات الحصة أحد المشاركين عشوائيا ليصبح موثق سلسلة الكتلة الجديدة، وتمنحه مكافأة من رسوم المعاملة لمشاركته في عملية التوثيق. وبهذا تنتهي مسألة التعدين والتسابق لحل المسائل الرياضية المعقدة، وتنتهي الحاجة إلى أجهزة الكمبيوتر الضخمة والمعالجات القوية، ويقل استهلاك الكهرباء في نظم العملات المشفرة.
لماذا يعتبر هذا الأمر مكلف جدا؟ يعمل "إيثريوم 32" كحافز للمشاركين ليكون لهم مصلحة في نجاح الشبكة، مما يضمن استخدامهم لبرامج آمنة ومحدثة، كما كتبت فورتشين. ويوفر حوافز مالية للمستخدمين للمشاركة في إيثريوم والاستفادة من عائداتها.
لماذا أطلق عليه اسم "ميرج"؟ لقد اتخذ مبرمجو إيثريوم بالفعل خطوة كبيرة نحو تنفيذ نظام "إثبات الحصة"، بعد إطلاق منصة تشفير لإثبات الحصة تسمى "بيكون تشين" في عام 2020. خضعت المنصة للاختبار على مدار العامين الماضيين، وهي الآن جاهزة أخيرا للاندماج (تعني بالإنجليزية merge) مع سلسلة منصة "إيثريوم بلوك تشين" الرئيسية. تحتوي بيكون تشين حاليا على أكثر من 415 ألف مدقق.
لا يتعلق الأمر فقط بالطاقة، فالعملة المعدلة ستساعد في وضع أسس لمعاملات أكثر بأسعار معقولة: الانتقال إلى إثبات الحصة هو "مقدمة حاسمة" للوصول إلى طبقة أخرى من التكنولوجيا يمكن أن تساعد في تخفيض "رسوم الغاز"، وهي رسوم المعاملات التي يمكن أن تصل إلى 200 دولار عندما يكون هناك طلب كبير على المنصة، والتي لديها قدرة محدودة، بنسبة تصل إلى 100% تقريبا، كما تقول إيثريوم. يرجح مؤسس إيثريوم فيتاليك بوتيرين أن تهبط هذه الرسوم إلى ما يصل إلى 0.002-0.05 دولار، بمساعدة تقنية تعالج المعاملات على سلسلة منفصلة، ثم تسجل نسخة مضغوطة على بلوك تشين إيثريوم الرئيسية للمساعدة في تخفيف بعض الضغط على البلوك تشين.
التطوير قد يجعل إيثريوم أكبر شركة للعملات المشفرة: سيخفف تطوير النظام من "ضغط البيع" المكثف على المعدنين، والذي بدوره سيقلل من "معدل تضخم العرض"، حسبما ذكرت شركة الأبحاث إف إس إنسايت، في تقرير نقله كوين ديسك. سيؤدي هذا إلى خفض إصدارات إيثريوم بنسبة 87%، مما يسمح لها بتجاوز البيتكوين في القيمة السوقية خلال العام المقبل. تبلغ القيمة السوقية الحالية لشركة إيثريوم نحو 226 مليار دولار، أي ما يقرب من نصف قيمة بيتكوين البالغة 461 مليار دولار، وفقا لبيانات كوين ديسك.
التحول لا يخلو من الجدل: في حين أن معظم العاملين في الصناعة يدعمون هذا التحول، فإن البعض، معظمهم من المعدنين الذين يندبون الخسائر التي قد يتكبدونها جراء هذا التحول، يعتبرونه أمرا خطيرا. يشعر البعض بالقلق من أن نظام إثبات الحصة قد يجعل إيثريوم أكثر مركزية وأقل أمانا، وهو قلق يهدد العملات المشفرة منذ فترة. ففي نظام إثبات الحصة، سيأتي ما يسمى بـ "المدققين" من مجموعة من الكيانات التي تمتلك كميات كبيرة من الإيثريوم المتراكم (الإيثريوم المودعة في بيكون تشين). تلك الكيانات تشمل "ليدو فاينانس"، التي تسيطر على 31.2%، و"كوين بيز"، التي تسيطر على 14.7%، و"كراكين" بنسبة 8.5%، وفقًا للبيانات التي جمعتها "شركة ميساري". سيصبح من السهل بالنسبة لهذه المؤسسات الكبيرة أن تصبح جهات مصادقة لأنها تمتلك بالفعل حصصا كبيرة في العملة ولديها القدرة على تنفيذ الودائع الكبيرة المطلوبة، على عكس صغار الملاك العاديين.
تعمل هذه المؤسسات أيضا كوصي على صغار الملاك، مما يعني أنهم لا يمتلكون في الواقع معظم ما لديهم. ومع ذلك، فإن المخاوف من أن تصبح العملة المشفرة أكثر مركزية، وفي بعض الأحيان، محتكرة، هو أمر سائد في مجتمع العملات المشفرة، وقد يهدد نظام إثبات الحصة بتفاقم هذه المشكلات.