هل حس المغامرة مفيد لصحتنا؟
هل هناك ما هو أفضل من الشعور بالإثارة؟ لا فارق في هذا بين القفز الحر من فوق جبال الألب أو الغوص بجوار أسماك القرش في عمق البحر، الكثير من الناس في أنحاء العالم ينجذبون إلى الأنشطة التي تحتوي على بعض عناصر المخاطرة. هل هو اندفاع الأدرينالين؟ هل من أجل التباهي؟ ربما، وربما توقظ الإثارة نزعة متأصلة في لا شعورنا نحو ترويض الخطر، الذي نفتقده في حياتنا الحديثة التي يمكن توقع أحداثها في كثير من الأحيان.
أغلب الظن أن الأمر يعود إلى كيمياء الدماغ: حاول أن تتذكر موقفا خطيرا واجهته ولم تكن تضمن النجاة تماما، ستجد أن وقتها بدأت معدتك في الانقباض ويداك في التعرق، وهي ردود أفعال طبيعية من عقلك. عندما تواجه موقفا نتيجة غير معروفة، ينتقل عقلك تلقائيا إلى وضع النجاة. يبدأ المخ في ضخ المواد الكيميائية المفيدة مثل الأدرينالين والدوبامين في مجرى الدم، من أجل تحفيزك على التغلب على الظروف الصعبة من خلال إرسال إشارات إلى عقلك بأنه قد تكون هناك مكافأة تنتظرك بعد تجاوز هذه المحنة.
صدق أو لا تصدق، لكن جسمك يتغير أيضا: بمجرد أن يتأكد عقلك من وجود خطر في محيطك المباشر، يغمر مجرى الدم بالتستوستيرون لإعدادك بشكل أفضل لبذل مجهود بدني عنيف. أما الأدرينالين فيزيد من معدل ضربات قلبك، مما يؤدي إلى ضخ المزيد من الأكسجين في عقلك وعضلاتك، للمساعدة في منحك فرصة أفضل للنجاة من الخطر الذي يحدق بك.
هذه التغييرات يكون أن تكون مفيدة في غير حالات الخطر: أولئك الذين يمارسون هواية تتضمن تدفقا عاليا للأدرينالين غالبا ما يكونون منغمسين تماما في الأنشطة التي يمارسونها، أي أنهم يكونون في حالة تركيز عقلي تام. وجد الباحثون أن هذه الحالة من التركيز الشديد يمكن أن تكون مفيدة في تعزيز الحالة المزاجية والإبداع وتقليل الإجهاد، وجعل الناس يشعرون بالسعادة بشكل عام.
التطور جزء من السبب: "أسلافنا الأوائل عاشوا على الجمع والالتقاط. كان الصيد أحد أوائل طرقنا في التعبير عن البحث عن الإحساس، خاصة عندما بدأ صيد الثدييات الكبيرة وما تنطوي عليه من مخاطر عالية"، حسبما يقول مارفن زوكرمان عالم النفس بجامعة ديلاوير الأمريكية لموقع ذا أتلانتك. والآن، تعد سباقات السرعة وتسلق الجبال والقفز بالحبال نوعا من مكافآت الصيد في العصر الحديث، على الأقل وفق مصطلحات كيمياء الدماغ. بالطبع يمكن أن يتعرض أجدادنا القدماء لصدمة لو عرفوا أن الناس يتعمدون دخول هذه الحالات العصبية عالية الكثافة، لكن لا بد أنهم سيفهمون حين يعرفون أن النتيجة النهائية أكثر متعة بكثير من القلق المستمر بسبب هجوم الذئاب.
ليست مناسبة للجميع: الميل إلى البحث عن المخاطر أو الوقوع في حب الأنشطة الخطيرة يختلف من شخص لآخر، وهو ما يسميه بعض الباحثين "مقياس البحث عن الإحساس". الأشخاص الذين لديهم ميل طبيعي للبحث عن المشاعر المرتبطة بالمخاطر يعتبرون من ضمن الأعلى على هذا المقياس، بينما لا يهتم الأشخاص الأدنى في المقياس كثيرا بتجربة هذه الأحاسيس الجسدية والعصبية.
جرب إضافة بعض الأدرينالين إلى حياتك: لن تكون مضطرا للسفر بعيدا من أجل تجربة دفعة من الأدرينالين. هناك ركوب الأمواج على الكثبان الرملية في الفيوم، أو ركوب الدراجات الترابية في سقارة مع رايد ناو إيجبت. لو كنت تريد المزيد، جرب الطيران الشراعي فوق الأهرامات أو التزلج الهوائي في البحر الأحمر. أما أقصى درجات الأدرينالين فيمكن الحصول عليها من القفز بالمظلات فوق الأهرامات، لكن جهز نفسك لطلب قرض قرض لتغطية التكاليف.
تحذير: قد تجد نفسك ميالا للمزيد. من عيوب الإفراط في الأنشطة عالية الأدرينالين أنك قد تحتاج إلى زيادة الجرعة باستمرار للوصول إلى نفس الشعور الذي تحبه. الأمر يشبه تناول المواد المخدرة أو المسكرة، إذ تجد عقلك وجسمك يتحملان جرعة الإثارة التي توفرها ويميلان إلى طلب المزيد.السبب في هذا أن العقل والجسد يصبحان أكثر قدرة على قياس الأنشطة التي تهدد الحياة بالفعل، وبالتالي يعيد المخ ضبط أنظمة الإنذار الخاصة به وفقا للتجارب التي خاضها وتمكن من النجاة منها. هناك عوامل وراثية تتحكم في هذا الشعور أيضا، مثل كمية المادة البيضاء والرمادية الموجودة في الدماغ، والتي تحدد مدى سرعة مخك في التعود على المغامرات التي تخوضها، لذلك لا تقلق بشأن استمرار خوفك الشديد من القفز الحر أو ركوب المنحدرات الرملية.