كم يبلغ حجم المخاطرة في استثماراتك

لا يوجد شيء اسمه استثمار مضمون 100%، ولكن بالطبع هناك الكثير من الاستثمارات المحفوفة بالمخاطر مقارنة بغيرها. أدى تصاعد الاهتمام بالعملات المشفرة وأسهم الميمز في السنوات الأخيرة إلى ظهور المزيد من خبراء الاستثمار المزعومين على وسائل التواصل الاجتماعي، لتقديم وعود بثروات خيالية لصغار المتداولين المستعدين لتحمل مخاطرة كبيرة، في الوقت الذي ينسحب فيه كبار المستثمرين المؤسسين من أسواق النمو المتقلبة بسبب مخاوف من شبح الركود الاقتصادي. في المناخ الحالي، كيف يمكن تقييم المخاطرة في استثمار معين؟ وما مقدار المخاطرة التي يمكن أن تتحمله إذا كان الأمر يتعلق بثروتك؟
أي استثمار هو مخاطرة في حد ذاتها. المهم هو أن تعرف قدر المخاطرة التي تريد وتستطيع تحملها. قبل أن يقرر المستثمر أن يريد أن يوجه أمواله، عليه أن يحدد ملف المخاطرة الخاص به. هذا التقييم الذاتي يتيح للمستثمر التفكير في ماهية أهدافه الاستثمارية، والأهم من ذلك، مدى استعداده لتحمل الخسارة قبل أن يصل إلى تحقيق الأرباح. تعد شية الفرد للمخاطرة مكونا رئيسيا في هذه المعادلة. يمكن أن يساعدك مستشارك المالي في تحديد شكل ملف المخاطر الخاص بك بالتفصيل. وهناك الكثير من الاستبيانات على الإنترنت تساعدك في وضع تصور مبدئي لذلك.
امتلاك الكثير من الأموال الفائضة تتيح لأصحابها القيام بمخاطرات أصعب وتحقيق أرباح أكبر: الأشخاص الأكثر ثراء، لديهم قدرة أكبر – بطبيعة الحال – على القيام بمخاطرات كبيرة، وبالتالي لديهم فرصة أكبر لتحقيق المزيد من الأموال مقارنة بغيرهم. وهي إشكالية تسمح للأثرياء دائما بمراكمة المزيد من الثروة. المستثمرون ذوو الوزن الثقيل لديهم قدرة أكبر على التحوط عبر توزيع أموالهم على الكثير من الاستثمارات المتنوعة، من الأقل خطورة إلى الأكثر خطورة. ولديهم وسائل أمان عديدة إذا لم تحقق بعض تلك الاستثمارات العائد المرجو. أما بالنسبة لمعظم الأشخاص الذين يتطلعون إلى استثمار مبلغ صغير من الأموال الفائضة، فإن الحذر هو الأساس. هذا ينطبق بشكل خاص على أولئك الذين لديهم التزامات مالية كبيرة أخرى لإدارتها.
لرفاهية امتلاك الوقت أيضا دور في هذه المعادلة: عادة، كلما طالت مدة قدرة الشخص أو الكيان على الاستغناء عن رأس المال كانت النتيجة أفضل، وهذا ينطبق بشكل خاص على الأصول الأكثر خطورة مثل الأسهم على سبيل المثال، إذ عادة ما يكون الصمود والبقاء في الأسواق المتقلبة مربحا على المدى الطويل.
تختلف درجة المخاطرة اعتمادا على نوعية الاستثمار: بشكل عام، عادة ما يتناسب العائد من الاستثمار عكسيا مع حجم المخاطرة. وضع أموالك في البنك هو أقل مخاطرة ولكنه سيمنحك فقط ما يكفي لتأمين تقاعدك. السندات تقع في المنتصف، إذ تقدم عائد أعلى قليلا مع درجة تعرض محدودة للمخاطر. وتعد الأسهم من فئات الأصول ذات المخاطرة العالية، ولكن في نفس الوقت بعوائد مرتفعة على المدى الطويل.
الأصول البديلة مثل العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال أكثر خطورة، لكنها تحمل إمكانية تحقيق عوائد فلكية، والتي كانت بالنسبة للعديد من المستثمرين سببا جيدا كفاية للتنافس للحصول على حصة من هذه الأصول. لسوء الحظ، مع الأصول البديلة مثل العملات الرقمية، ينتهي الأمر بالمستثمرين العاديين في كثير من الأحيان إلى مجرد الاكتفاء بالمشاهدة، بينما يكون المستثمرون الكبار السبب في صعود أو انهيار عملة جديدة.
لا يقتصر الأمر على مهاراتنا في تحليل البيانات لتقييم المخاطر: هناك مجموعة كاملة من العوامل النفسية والعاطفية التي تلعب دورا فيما يتعلق بإدارة الأموال. هناك الخوف من فوات الشيء، ثقة المستثمر الزائدة، مغالطة التكلفة الغارقة، وتأثير الأصدقاء، تلك هي بعض السلوكيات غير العقلانية التي يمكن أن تؤدي إلى قرارات استثمارية خاطئة.
وحتى الخبراء لا يستطيعون التنبؤ بالمخاطر بشكل دقيق: المستثمرون النشطون لم يتمكنوا تاريخيا من الوصول إلى نفس مستوى العوائد التي تحققها الصناديق غير النشطة التي تتعقب فقط مؤشر ستاندرد أند بورز 500، على سبيل المثال. وعلى مدار فترة امتدت لـ 20 عاما، تفوقت صناديق المؤشرات من جميع الأحجام على نظيراتها النشطة، وفقا لدراسة أجريت في عام 2020. وحتى على مدار ثلاث سنوات فقط، تفوقت أكثر من نصف صناديق المؤشرات على الصناديق النشطة.