المدفوعات الرقمية تكتسب زخما في مصر

عصر المدفوعات الرقمية في مصر: على مدار العام الماضي، استخدم نحو 88% من المستهلكين في مصر طريقة دفع رقمية واحدة على الأقل، وفق الاستطلاع الذي أجرته شركة ماستر كارد (بي دي إف). من بين ألف شخص شملهم الاستطلاع، قال نحو 35% إنهم استخدموا محافظ الهاتف المحمول، بينما استخدم 27% إحدى خدمات تحويل الأموال عبر الإنترنت، ودفع 24% باستخدام رمز الاستجابة السريعة (كيو أر كود).
المدفوعات الرقمية آخذة في الازدياد: أشار نحو ثلثي من شملهم الاستطلاع إلى أنهم زادوا استخدامهم "لطريقة دفع رقمية واحدة على الأقل في العام الماضي"، طبقا للتقرير، مشيرا إلى أن نسبة المصريين الذين جربوا خدمة رقمية جديدة العام الماضي أعلى من المتوسط العالمي الحالي البالغ 61%. ويتضمن هذا استخدام البطاقات الرقمية، والدفع باستخدام الرسائل القصيرة (إس إم إس)، وتطبيقات تحويل الأموال، وخدمات الدفع الفوري. النقطة الأهم في التقرير أن 15% أكدوا استخدامهم النقود خلال العام الماضي بشكل أقل من الاستخدام الطبيعي.
لكن دعونا لا نستبق الأحداث، فالنقود لا تزال الحاكم الفعلي للتعاملات في مصر: رغم نمو المدفوعات الإلكترونية والتكنولوجيا المالية في السوق المصرية خلال السنوات الأخيرة، لا تزال النقود تمثل الجزء الأكبر من المعاملات المالية. في عام 2020، عندما دفعت جائحة "كوفيد-19" في اتجاه المدفوعات الرقمية، كان النقد يسيطر على ثلاثة أرباع المدفوعات في البلاد.
الأمن هو أهم المخاوف المتعلقة بالمدفوعات الرقمية: أشار ما يقرب من 39% ممن شملهم الاستطلاع من مصر إلى أن الأمن هو أكبر ما يشغلهم بشأن الاستقرار على طريقة دفع رقمية جديدة. وبخلاف الأمان، هناك أولويات أخرى يضعها المستهلكون المصريون في اعتبارهم أيضا، مثل برامج المكافآت، والعروض الترويجية، وسهولة الاستخدام. وذكر نحو 31% أنهم يأخذون في الاعتبار الفوائد الاجتماعية والبيئية عند اختيار خدمة جديدة، رغم أن مدى أهمية هذه العوامل في عمليات اتخاذ القرار لدى الأشخاص لا يزال غير واضح.
خطط التمويل قصيرة الأجل تكتسب زخما: قال نحو 81% من المشاركين في الاستطلاع إنهم يعرفون طريقة الشراء الآن والدفع لاحقا، وأشار نصفهم إلى أنهم سيرتاحون لاستخدام هذه الخدمات لسداد المشتريات الكبيرة على أقساط. وذكر التقرير أن "المستهلكين يعتبرون الشراء الآن والدفع لاحقا مفيدة في الحالات الاستثنائية، مثل ضبط الميزانية والتخطيط المالي".
… وكذلك التحويل من حساب لآخر: معظم من شملهم الاستطلاع (80%) صاروا مرتاحين لحفظ حساباتهم المصرفية على المنصات التجارية من أجل عمليات الشراء المستقبلية، وذلك بسبب "وجود مرونة أكبر لتحسين مدفوعات الفواتير، ومنح الأولوية للتحكم، والمرونة، والراحة".
جزء من ذلك يعود إلى الوصول لخيارات دفع الفواتير الأكثر ملاءمة: أوضح ثلثا المشاركين في الاستطلاع أن خيارات الدفع المرنة، حيث يمكن تعديل التواريخ الدقيقة للفواتير الشهرية المتكررة لاستيعاب تدفقات الدخل غير المنتظمة، ستكون مفيدة أكثر لهم. وقال أكثر من ثلثي المشاركين إنهم يفضلون خيارات الدفع التلقائية لفواتيرهم المنزلية.
زيادة الثقة في التكنولوجيا المالية تلعب دورا أيضا: قال أكثر من 60% ممن شملهم الاستطلاع إنهم يثقون في تطبيقات الهاتف المحمول في تحويل أموالهم من هواتفهم إلى أطراف أخرى، فيما قال أقل من نصف المشاركين إنهم مستعدون لمشاركة بياناتهم المالية للوصول إلى خدمات التمويل الشخصي وخدمات الدفع.
يأتي معظم النمو من الجيلين زد والألفية الأقرب لاستخدام وسائل الدفع اللاتلامسية أكثر من الأجيال الأقدم. نحو 40% من المستهلكين الأصغر سنا في مصر استخدموا على الأرجح وسيلة دفع جديدة مثل بطاقة دفع لاتلامسية أو جهاز قابل للارتداء، في حين أن نسبة أقل تبلغ 26% من الجيل إكس قد فعلوا الشيء نفسه. تعود الفجوة الجيلية جزئيا إلى التباين في التصورات السائدة حول الأمان وخصوصية البيانات المرتبطة بوسائل الدفع الرقمية، إذ تميل الأجيال الشابة إلى أن تكون أقل ارتيابا بشأنها، وفق التقرير.
لكن الجائحة كان لها يد أيضا في زيادة شعبية وسائل الدفع الجديدة: قال قرابة ثلثي المشاركين في استطلاع شركة ماستر كارد في عام 2021 حول عادات الإنفاق في المنطقة، إنهم جربوا وسيلة دفع جديدة لم يكونوا ليستخدموها لو لم تتفش الجائحة. وكشف التقرير أيضا أن أكثر من نصف المستهلكين سيتجنبون التعامل مع الشركات التي لا تقبل المدفوعات الإلكترونية، وقال 68% من المشاركين في الاستطلاع إنهم أكثر ميلا للتعامل مع الشركات التي تقدم خيارات دفع مختلفة.
ويمكننا ترقب زيادة في الطلب على خيارات الدفع غير النقدية في مستقبل ليس ببعيد: توقعت جمعية التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أبريل الماضي أن قرابة سبعة من أصل 10 معاملات في المنطقة ستكون رقمية في عام 2023، وحددت الجمعية وتيرة النمو السنوي المركب للمدفوعات الرقمية عند معدل 20%. ستضع هذه الأرقام الدفع الرقمي على المسار الصحيح لتحقيق ما يتجاوز 20 مليار دولار العام المقبل، وهو ما يمثل أكثر من ضعف حجم المعاملات الرقمية التي جرى تتبعها في المنطقة خلال عام 2019.