سعيا للاستفادة من تراجع الأسعار.. "السلع التموينية" تشتري شحنة ضخمة من القمح
"السلع التموينية" تنفذ أكبر عملية شراء للقمح منذ عقد مع تراجع العقود الآجلة: اشترت الهيئة العامة للسلع التموينية الأسبوع الماضي 815 ألف طن من القمح الفرنسي والروماني والروسي والبلغاري، للشحن في أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، نقلا عن بيان للهيئة. وتعد هذه أكبر عملية شراء للقمح تجريها هيئة السلع التموينية منذ عام 2012 على الأقل، حسبما أظهرت بيانات بلومبرج.
التفاصيل: توزعت الشحنات بواقع 350 ألف طن من القمح الفرنسي، و240 ألف طن من القمح الروماني، و175 ألف طن من القمح الروسي، و50 ألف طن من القمح البلغاري. وتعد هذه ثالث مناقصة ناجحة تطلقها الهيئة العامة للسلع التموينية منذ نشوب الحرب الروسية الأوكرانية. وكانت روسيا وأوكرانيا توفران معا نحو 80% من واردات مصر من القمح قبل اندلاع الحرب.
تأتي المناقصة للاستفادة من انخفاض الأسعار: اشترت هيئة السلع التموينية شحنات القمح بسعر يتراوح ما بين 430 و440 دولار للطن على أساس التكلفة والشحن، وكانت أقل الأسعار لشحنات القمح من رومانيا والأعلى من فرنسا، وفقا لرويترز، نقلا عن تجار. وتعد هذه الأسعار أقل بنحو 8-10% من آخر عملية شراء أجرتها الهيئة للقمح الروماني في يونيو، على الرغم من أنها لا تزال أعلى بنسبة 58% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وعلى نحو غير اعتيادي، يكون الشراء للشحنات الموزعة على مدى عدة أشهر بدلا من أسابيع، بحسب بلومبرج، والتي أشارت إلى أن الهيئة العامة للسلع التموينية سعت لتأمين أكبر قدر ممكن من الحبوب عندما كان السعر مناسبا.
يرجع ذلك لتوقعات الركود الأخيرة: أدى اندلاع الحرب في أوكرانيا في نهاية فبراير إلى ارتفاع أسعار الحبوب إلى أعلى مستوياتها في 14 عاما وأثار الحديث عن أزمة أمن غذائي عالمية. إلا أن الحديث بشأن احتمالية حدوث ركود عالمي يلوح في الأفق مع محاولة البنوك المركزية كبح التضخم أدى إلى تهدئة الأسواق. وتتداول العقود الآجلة في بورصة شيكاجو الآن عند أدنى مستوياتها منذ فبراير، إذ هبطت بنحو الثلث منذ منتصف مايو.
هل تواصل الحبوب الفرنسية الارتفاع؟ تقدم هذه المناقصة الأخيرة دليلا جديدا على أن فرنسا أصبحت موردا مهما لمصر بعد توقف شحنات القمح الأوكراني بسبب الحرب. وتعهدت فرنسا بدعم مصر في مجال الأمن الغذائي وقادت الموردين في أول مناقصة ناجحة لهيئة السلع التموينية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، في حين شهدت المناقصة الثانية في يونيو شراء القمح من قبل الموردين الرومانيين والروس والبلغاريين. كما اشترت مصر شحنات القمح مباشرة من الموردين، بما في ذلك شحنة بحجم 180 ألف طن من الهند مؤخرا.
من المتوقع أن يصل إجمالي واردات مصر من القمح للعام المالي 2023/2022 إلى 10 ملايين طن، حيث تتطلع الحكومة لاستيراد نحو 5-5.5 ملايين طن (مع شراء القطاع الخاص للجزء الآخر)، حسبما قال وزير التموين علي المصيلحي الأسبوع الماضي. كما تعمل الحكومة أيضا على تقليص واردات البلاد من القمح من خلال زيادة المحصول المحلي والاستفادة القصوى من الكميات المتوفرة، إذ تدرس الحكومة خططا لزيادة نسبة الدقيق المستخرج من القمح بعد الطحن والغربلة، وإضافة البطاطا بجانب القمح في صنع الخبز المدعم.
كيف ستمول مصر مشتريات القمح؟
رسميا.. مصر تحصل على قرض بقيمة 500 مليون دولار من البنك الدولي لتعزيز أمنها الغذائي. ووافق مجلس إدارة البنك الأربعاء الماضي على القرض الذي أعلن عنه لأول مرة في يونيو، وفقا لبيان البنك (بي دي إف).
دعم الواردات والإنتاج المحلي: سيخصص القرض لتمويل واردات القمح لتغطية ما يعادل إمدادات شهر واحد لبرنامج الخبز المدعم على مستوى الدولة، حسبما جاء في البيان. كما سيساعد في تطوير وتوسيع صوامع القمح وتعزيز إنتاج الحبوب في إطار الجهود المبذولة لتحسين القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
التفاصيل: ذكرت وثيقة سابقة للبنك الدولي (بي دي إف) أن البرنامج سيوفر 350 مليون دولار لهيئة السلع التموينية لشراء ما يصل إلى 700 ألف طن من القمح، وتشمل 117.5 مليون دولار لزيادة السعة التخزينية للصوامع، وزيادة استخدام أنواع القمح عالية الإنتاجية، وتحسين القدرة على التكيف مع المناخ؛ و2.5 مليون دولار لإدارة المشروع.
"تأتي هذه العملية الطارئة في مرحلة حرجة للغاية مع تعرض الأمن الغذائي للعديد من البلدان للتهديد بسبب الحرب في أوكرانيا"، حسبما قالت المديرة القطرية لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي مارينا ويس. ويمكنكم مطالعة المقابلة التي أجريناها مؤخرا مع ويس حول تحول الطاقة، وتمويل المناخ، وأهمية مشاركة القطاع الخاص.