كيف تمول مصر سياسات أجندة التنمية المستدامة 2030؟
كيف تمول مصر سياسات أجندة التنمية المستدامة 2030؟ كان المتحدثون والمشاركون في مؤتمر "فرص التمويل البديل في مصر" برعاية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مندمجين ومتحمسين تماما لخطط الحكومة لفتح الاقتصاد. ولكن مع وجود الكثير من الأمور التي يتعين علينا مواجهتها فيما يتعلق بالتكيف مع تحديات الحرب الروسية الأوكرانية، والتأثير المتبقي للجائحة وتحقيق أهداف رؤية 2030، دارت الكثير من المناقشات حول كيفية تمويل هذه التغييرات. وحضرت إنتربرايز الحدث الذي شهد حضور عدد من الوزراء مثل وزيرة التخطيط هالة السعيد ووزير المالية محمد معيط، بالإضافة إلى كبار اللاعبين في القطاع الخاص والمؤسسات التنموية الدولية.
حاولوا جميعا الإجابة على سؤال واحد: كيف نجعل القطاع الخاص يشارك في أجندة التنمية في مصر؟
كانت الكلمات التي تردد صداها في المؤتمر هما "التمويل المختلط" و"التزاحم الاقتصادي": سلط الضوء كثيرا في الأسابيع الماضية حول أهمية تراجع دور الدولة في الاقتصاد، مع تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65% في غضون ثلاث سنوات، من 30% حاليا. لكن هذا لا يعني أن الدولة تتنازل عن دورها في الاقتصاد، بل يعني أن الدولة ستساعد في توجيه استثمارات القطاع الخاص نحو أهداف التنمية في رؤية مصر 2030. يبدو أن الإجماع من المؤتمر هو أن هذا يجب أن يكون من خلال مزيج من التمويل المختلط، مثل ما تفعله الدولة في التوجه لطرح السندات الخضراء والتنموية، و"التزاحم" للقطاع الخاص، حيث تدفع موارد الدولة الاستثمار الخاص إلى قطاع مستهدف.
يحتاج التمويل المختلط إلى التركيز على رأس المال جنبا إلى جنب أو حتى أكثر من ذلك الدين: يجب أن يشمل مفهوم التمويل المختلط، الذي يمثل أولوية كبيرة بالنسبة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حشد رأس المال، كما أشار بول هوروكس، مدير التمويل الخاص للتنمية المستدامة في المنظمة. وأضاف هوروكس أنه على الرغم من أن الديون تلعب دورا رئيسيا في تمويل التنمية، إلا أن رأس المال مهم أيضا.
ما الذي يمكن أن تفعله مصر لحشد رأس المال؟ قائمة طروحات وإطار تنظيمي مبسط: أشار هوروكس إلى أنه من خلال توفير قائمة لطروحات جديدة، يمكن لمصر جذب المزيد من الاستثمار. وأضاف أنه في حين أن الإطار التنظيمي لمصر قوي، لا سيما بالمقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى، إلا أنه في بعض الأحيان قد يكون شديد التعقيد.
التعاون مع المؤسسات التنموية وجلب مستثمرين محليين: هناك مجال كبير للعمل مع المستثمرين المؤسسيين، بما في ذلك المؤسسات التنموية، في قضايا التنمية بما في ذلك النوع الاجتماعي والمناخ والقطاعات الاجتماعية المختلفة، ويجب أن يكون هذا أولوية، كما يقول هوروكس. وأضاف أن إشراك المستثمرين المحليين يعد أمرا أساسيا أيضا.
نحو 75% من الاستثمار يأتي حاليا من القطاع العام، حسبما قال مارك أهيرن، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي لمصر واليمن وجيبوتي. وأضاف أهيرن أن القطاع الخاص يحتاج إلى بيئة مواتية أفضل لتحفيز الاستثمار، مشيرا إلى أن البنك الدولي قد حدد في تقرير أواخر عام 2020 العديد من القضايا الرئيسية التي تعوق الاستثمار الخاص.
ما الذي تحتاج مصر للتركيز عليه لتحفيز المزيد من الاستثمار الخاص؟
- بناء رأس المال البشري: بناء رأس مال بشري جيد أمر ضروري لمصر للاستفادة من الموارد المتاحة لها، حسبما قال أهيرن. وأشار إلى أن هناك المزيد مما يتعين القيام به في هذا المجال حتى تكون مصر قادرة على المنافسة عالميا كمركز للاستثمار.
- تقليل الحواجز التجارية: التجارة تحتاج أيضا إلى بعض الإصلاح من أجل بناء روابط أفضل، أشا أهيرن. يعد تأثير الحواجز غير الجمركية حاليا عقبة كبيرة أمام التجارة والاستثمار في مصر، ما يجعل التجارة عبر الحدود هنا معقدة ومرهقة.
- زيادة العدالة التجارية: هناك حاليا نقص في اليقين والوضوح عندما يتعلق الأمر بالمسائل القضائية الاقتصادية، وهذا عامل رادع للاستثمار، وفقا لأهيرن. على الرغم من أنه أضاف أن البنك الدولي قد شهد علامات مشجعة مع إقرار قانون الإفلاس منذ سنوات.
- التوازن بين مشاركة الدولة والقطاع الخاص: مؤسسات الدولة بحاجة إلى التراجع لتجنب التنافس مع القطاع الخاص، حسبما قال أهيرن. وأضاف أن الطريقة التي يمكن بها للدولة والقطاع الخاص إدارة مشاركتهما في مختلف القطاعات على أساس أكثر مساواة هي قضية رئيسية يجب حلها لتشجيع الاستثمار.
أولوية صناديق الثروة السيادية في عصر التزاحم: لعبت صناديق الثروة السيادية دورا رئيسيا في تحقيق أهداف التنمية، لا سيما منذ الجائحة، حيث استثمرت الصناديق ثلاثة أضعاف ما يفعله نظرائهم من القطاع الخاص في التمويل الأخضر، كما أشار أمير توما، كبير مديري قطاع الاستثمار السيادي والعالمي في وكالة فيتش. بحكم سبب وجودها، تأخذ الصناديق السيادية نظرة طويلة وتتمتع بحضور قوي في الأسواق شديدة السيولة، ما يمنحها القوة لقيادة الاستثمارات في مجالات التطوير التي نحتاجها.
في النهاية، يتلخص الأمر في "الحوكمة" في آليات الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة: ما تطرحه الصناديق السيادية هو جوانب الحوكمة في الاستثمار. وأضاف توما أنه بينما يتفاعلون مع الصناديق العالمية ويجلسون في المنظمات الدولية الرئيسية، فإنهم مكلفون بالتأكد من أن الاستثمارات تدار في ظل هيكل حوكمة جيد.
سلط الضوء على الأعمال المصرفية والتراث على أنها قصص نجاح عن كيفية تزاحم الصندوق السيادي "بشكل صحيح": شراكة صندوق مصر السيادي مع المجموعة المالية هيرميس لتحويل بنك الاستثمار العربي قبل استحواذ الأخير هو مثال جيد على هذا الدور القيادي، حسبما قال مصطفى جاد الرئيس المشارك للمجموعة المالية هيرميس للاستثمار. قال أحمد الشابوري، الرئيس التنفيذي لشركة تراثنا، إن قطاع السياحة التراثية في مصر كان مستفيدا آخر من التزاحم، حيث سلطت مشروعات مثل إعادة تطوير هضبة الجيزة وتحول باب العزب الضوء على الدور القيادي للصناديق السيادية في جذب الاستثمار في قطاع مهمل بخلاف ذلك.
فيما يلي أهم الأخبار المرتبطة بالحفاظ على المناخ لهذا الأسبوع:
- أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 هذا الأسبوع. وتهدف الاستراتيجية إلى تقليل الانبعاثات الضارة وزيادة الاستثمار في المشاريع الخضراء وتجهيز البلاد لتحمل آثار ظاهرة الاحتباس الحراري.
- الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية قناة السويس ستوقع اتفاقيات نهائية مع الشركات والتحالفات العالمية لإقامة منشآت لإنتاج الوقود الأخضر في العين السخنة بقيمة 10 مليارات دولار على هامش قمة COP27، وفق ما قاله رئيس مجلس إدارة الهيئة يحيى زكي.
- وقعت الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات مذكرة تفاهم مع شركة ريجا جرين إنرجي الإماراتية لإنتاج زيت الطحالب، والذي سيستخدم فى إنتاج وقود الطائرات الحيوي والنافتا الخضراء.
- التقاط الكربون وتخزينه قد يساعد في الحد من الاحترار العالمي، إلا أن التقنية الجديدة لا يمكنها إتمام هذه المهمة منفردة، إذ أن التكنولوجيا ليست منتشرة بعد ولا تزال باهظة.