ما هي القطاعات ذات الأولوية في تعميق التصنيع المحلي في استراتيجية مصر إحلال الواردات؟
ما هي القطاعات ذات الأولوية في توطين التصنيع المحلي وخفض الواردات؟ أشارت الحكومة في وقت سابق إلى اهتمامها بزيادة التصنيع المحلي للحد من واردات مصر. منذ ذلك الحين، أصدرت وزارة التجارة والصناعة قائمة بالقطاعات التي تعطي الأولوية للتصنيع المحلي فيها لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، وفقا لتقرير (بي دي إف) يستند إلى دراسة عن إجمالي السلع والخدمات المستوردة في مصر بين عامي 2017 – 2019، للتركيز على أكبر أوجه الإنفاق في فاتورة الاستيراد.
ترتكز منهجية اختيار القطاع على ثلاث ركائز: منتجات تساهم في زيادة القيمة المضافة في الصناعة المحلية (سواء تامة الصنع أو مدخلات إنتاج)، منتجات تؤثر بشكل كبير على عجز الميزان التجاري، والمنتجات التي لديها فرص للنمو.
للتوضيح: لا يحدد التقرير إطارا زمنيا لتطوير هذه القطاعات إلى صناعات محلية قابلة للتطبيق لتحل محل الواردات، كما أنه لا يحدد قيمة الاستثمار المتوقع لتحقيق هذه الأهداف.
أهداف الاستراتيجية: خفض الواردات وتعزيز الصادرات في آن واحد. خلال 2021، بلغت واردات مصر غير البترولية نحو 76.8 مليار دولار، فيما بلغت الصادرات غير البترولية 32.3 مليار دولار، وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة. وتستهدف مصر زيادة قيمة صادراتها إلى 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2025، وفق ما أعلنه رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي الأسبوع الماضي، ضمن خطة الحكومة لزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
من بين 6853 بندا جمركيا، حددت الوزارة 4804 بنود قابلة للتطبيق للتصنيع المحلي. كلفت تلك البنود 60 مليار دولار في عام 2019، أو ما يعادل 85% من إجمالي فاتورة الاستيراد في نفس العام (72 مليار دولار). ومن بين تلك البنوك، هناك نحو 855 بندا، يكلف كل منها 10 ملايين دولار أو أكثر، وشكلت 74% من إجمالي الواردات في عام 2019.
المنتجات التي لا تشملها الاستراتيجية: المنتجات الزراعية والحيوانية والوقود والمنتجات البترولية والحرف اليدوية والمواد الخام من الموارد الطبيعية غير المتوفرة محليا.
تستهدف الحكومة تسع صناعات كبداية: الخشب والأثاث، والصناعات الهندسية، والأغذية والزراعة، والصناعات الكيماوية، والمنسوجات، والصناعات الدوائية والطبية، والطباعة والتغليف، ومواد البناء، والصناعات المعدنية. تحتوي القطاعات ذات الأولوية على 141 فئة من المنتجات، والتي شكلت مجتمعة 23% من فاتورة الاستيراد لعام 2019، أو نحو 17 مليار دولار.
التفاصيل
الصناعات الكيماوية تحتوي على أكثر فرص الاستثمار، والتي تشمل صناعات المطاط والإطارات، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية. بلغت تكلفة الواردات المصرية من المواد الكيماوية 10.3 مليار دولار في عام 2021، لكنها كانت أيضا أكبر مساهم في الصادرات بقيمة 6.8 مليار دولار، وفقا لبيانات وزارة التجارة. حددت الحكومة ستة منتجات تامة (بما في ذلك الإيبوكسي والدهانات وزيوت التشحيم)، و25 مدخل إنتاج (مثل البولي كربونات والبولي إيثرات وكذلك أحبار الطباعة)، وثلاثة منتجات صنفت كمنتجات نهائية ومدخلات إنتاج. وبحسب الاستراتيجية، من المقرر أن يستوعب القطاع 14 مجالا للاستثمار و18 مجالا للتوسع في التصنيع، بينما ستشهد صناعة الإطارات فرصا للاستثمارات الجديدة والتوسعات.
التركيز على صناعة المواد الكيماوية خبر جيد لصناعة السيارات، بالتزامن مع قرب إعلان الاستراتيجية الحكومية لصناعة السيارات، من خلال إنتاج مدخلات مهمة مثل بطاريات الليثيوم (الضرورية لإنتاج السيارات الكهربائية) وأجزاء السيارات المطاطية. تهدف الإستراتيجية إلى زيادة التجميع المحلي، وتنمية صناعة المكونات، وزيادة القدرة التنافسية للقطاع ليصبح مركز إقليمي للتصنيع، وتعزيز حجم الصادرات. وننتظر إطلاق استراتيجية صناعة السيارات بنهاية الشهر الجاري.
تتطلع الحكومة أيضا إلى تطوير قطاع الصناعات الهندسية، لكن الكثير منه سيبدأ من الصفر: مع ثاني أكبر عدد من مجالات الاستثمار (21) يعد قطاع الصناعات الهندسية ركيزة أساسية في خطة إحلال الواردات. ومع ذلك، فإن جميع مجالات الاستثمار في هذا القطاع ستتطلب استثمارات جديدة، حسبما يوضح التقرير. تستهدف مصر التصنيع الكامل لـ 10 منتجات بما في ذلك الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية وغلايات المياه، إلى جانب 10 مكونات (ومنها مفصلات الأبواب وشرائح الخلايا الشمسية). تهدف الخطة أيضا إلى إنتاج منتجات ومكونات كاملة للمحركات الكهربائية. وفي عام 2021، شكلت واردات الصناعات الهندسية نصيب الأسد من الواردات بقيمة 22 مليار دولار، فيما بلغت صادرات القطاع 3.4 مليار دولار.
مصر يمكنها التوسع في تصنيع مجموعة من أشباه الموصلات الأقل تعقيدا، مثل تلك الموجودة في الأجهزة المنزلية، كالثلاجات والميكروويف، حسبما ذكر مصدر بصناعة الإلكترونيات لإنتربرايز فضل عدم ذكر اسمه. وأضاف أن هذه الصناعات تحتاج إلى نفقات رأسمالية وخبرة فنية أقل، ويمكن أن تصبح مصر مركزا إقليميا لتصنيعها.
وبالمثل، يحتاج قطاع مواد البناء والمعادن مشروعات جديدة للتوسع: من الصلب المقاوم للصدأ إلى الألواح المعدنية، سيشهد القطاع تصنيع المكونات لجميع فئات المنتجات، مع استثمارات جديدة في جميع تلك الفئات. بلغت واردات القطاع 11.4 مليار دولار في 2021، في حين بلغت صادرات القطاع 6.6 مليار دولار، وهو ما يمثل ثاني أكبر رقم سواء من حيث الواردات أو الصادرات.
الصناعات الطبية: يحتاج القطاع أيضا إلى استثمارات جديدة لبدء تصنيع أجهزة التشخيص والمواد الخام للأدوية. كان الفارق بين صادرات وواردات القطاع كبيرة العام الماضي، إذ سجلت الصادرات 692 مليون دولار، مقارنة مع الواردات التي بلغت 5.12 مليار دولار.
في قطاع الأغذية والزراعة، تستهدف الحكومة تقديم تيسيرات لتعزيز المنتجات الزراعية مثل التمور والفواكة المجففة والبصل المجفف، مع التوسع في إنتاج الزيوت الطبية والعطرية ومنتجات الألبان. وتساهم العديد من هذه المنتجات في أرقام الصادرات المصرية، فعلي سبيل المثال، جلبت صادرات التمور 52 مليون جنيه في 2021، بزيادة قدرها 21% على أساس سنوي.
الطباعة والتغليف والورق ستحتاج إلى استثمارات جديدة في جميع المجالات، فيما ستحتاج صناعة النسيج إلى التوسع وتحديث مصانعها القائمة، وساهم هذان القطاعات بأكبر قدر من حصيلة الصادرات في الربع الأول من 2022. وأخيرا ستشهد صناعة الأخشاب زيادة في إنتاج الخشب المضغوط وخشب الأبلاكاج.
الخطوة التالية – وفي نوفمبر الماضي، أعلن رئيس مجلس الوزراء عن تشكيل مجلس تنفيذي جديد برئاسة وزيرة التجارة والصناعة بوضع خطوات لتشجيع الاستثمار وإحلال الواردات وتعميق الإنتاج المحلي في القطاعات المستهدفة. وسيعمل المجلس بالمشاركة مع القطاع الخاص لتحديد الأنشطة الصناعية المستهدفة لتحقيق الاستفادة المثلى من إمكانات كل جهة وضمان عدم تكرار الأنشطة الصناعية لتجنب الفجوة السوقية في المنتجات المستهدفة. وشكل اتحاد الصناعات المصرية لجنة مماثلة واجتمعت للمرة الأولى يوم الاثنين الماضي لمناقشة استراتيجية إحلال الواردات في ضوء أوضاع السوق العالمية الحالية، وفق ما ذكره رئيس اللجنة بسيم يوسف لإنتربرايز.