ما مدى عدالة فرص العمل التي توفرها المنصات الرقمية للقطاعات غير الرسمية في مصر؟
منصات العمل الرقمية توفر فرصا للعمل العادل بالقطاعات غير الرسمية في مصر، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه، وفق ما توصل إليه تقرير حديث. تمثل منصات العمل الرقمية طريقة "فريدة ومرنة" للعمالة غير الرسمية في مصر لكسب العيش، لا سيما بالنظر إلى حجم الاقتصاد غير الرسمي الكبير في مصر، ولكن هناك الكثير من المعوقات التي لا يزال يتعين حلها، وفقا لدراسة نُشرت مؤخرا (بي دي إف) أجريت من قبل مشروع العمل العادل ومركز الوصول إلى المعرفة من أجل التنمية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
ما هي منصات العمل الرقمية؟ تشمل منصات العمل الرقمية كلا من المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي تربط بين العاملين والراغبين في الحصول على خدمات، عادة في صناعات الخدمات مثل القيادة أو التنظيف أو الخدمات المنزلية الأخرى، وفقا لمنظمة العمل الدولية. اليوم، تشكل هذه المنصات جزءا أساسيا من اقتصاد الوظائف المؤقتة (الذي يتميز بعقد قصير الأجل أو الفريلانس). إجمالا، يشكل القطاع غير الرسمي في مصر ما يقدر بنحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي و60% من إجمالي العاملين، ويعمل ما يقرب من 90% من الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع غير الرسمي. ويشير التقرير إلى أن التحول الرقمي، بجانب ارتفاع معدل انتشار الإنترنت بسرعة من 30% في 2010 إلى 57.3% في يناير 2021، قد أدى إلى تسريع نمو العمل المرن عبر الإنترنت، وفقا للتقرير.
يهدف مشروع العمل العادل إلى تقييم ما إذا كانت هذه المنصات توفر ظروف عمل عادلة بناء على خمسة مبادئ خاصة بالعمل العادل: الأجر العادل، والظروف العادلة، والعقود العادلة، والإدارة العادلة، والتمثيل العادل. يجري تقييم المنصات بمنحها درجة من عشرة، مع إعطاء كل من المبادئ الخمسة نقطتين.
يفحص التقرير سبع منصات عاملة في مصر، تشمل مزود الخدمة المنزلية "في الخدمة"، وشركتي التوصيل مرسول ومنجز، ومزود الخدمات التعليمية أوركاس، وأوبر وسويفل للنقل التشاركي، ومنصة توصيل الطعام طلبات. اختيرت تلك المنصات لكبر حجمها وتأثيرها في قطاعاتها، لتقدم لمحة عن ظروف العمل في بيئة العمل الرقمية في مصر، حسبما ذكر التقرير.
كيف كان أداء المنصات السبع؟ سجل في الخدمة أعلى تقييم بخمس نقاط، يليه مرسول وأوركاس بأربع نقاط، وسويفل بثلاث، ومنجز وأوبر وطلبات بنقطة واحدة.
منحت ثلاث منصات نقطة على الأقل للأجر العادل: تدفع كل من في الخدمة وأوركاس وسويفل لعمالهم الحد الأدنى للأجور أو أعلى، والذي بلغ ألفي جنيه شهريا لعام 2021، أو 333 جنيها في الأسبوع، وفقا للتقرير. وضعت الدرجات في الاعتبار التكاليف المتعلقة بالعمل، مثل صيانة المركبات والمعدات وأوقات الانتظار. بالنسبة للمنصات الأخرى التي شملها المسح، فإن هذه التكاليف الإضافية تعني أن الموظفين لا يأخذون في الواقع الحد الأدنى للأجور. فقط أوركاس وسويفل يدفعان أجرا عادلا أو أعلى، بقيمة 3500 جنيه شهريا أو 583 جنيها في الأسبوع في عام 2021.
حصلت خمس منصات على نقاط فيما يخص الظروف العادلة، بسبب اتخاذ إجراءات واضحة للتخفيف من المخاطر التي يواجهها العاملون: أظهر التقرير أن منجز ومرسول وفي الخدمة وأوركاس وأوبر جميعهم لديهم وعي بالمخاطر التي يواجهها العاملون لديهم، ويتخذون بعض الإجراءات لحمايتهم. تزود منجز العمال بمعدات الحماية الشخصية، وعلى الرغم من أنها بتكلفة مخفضة، يجري خصمها من رواتبهم كل شهر. تقدم مرسول نظام تعويض عن الحوادث، بحيث يجري تعويض العمال عن أي حوادث طرق وتكاليف التعافي. يوفر في الخدمة دليلا للسلامة كما يقدم تدريبا على السلامة للعمال. أوركاس لديها سياسة إلغاء تحمي دخول العمال. ولدى أوبر تأمين وسياسات أخرى لحماية سائقيها.
لكن لا أحد يوفر للعمال شبكة الأمان: عدم وجود شبكة أمان هو أحد أكبر المخاطر التي يواجهها عمال الوظائف المؤقتة، ولم تعالج أي من المنصات التي رصدتها الدراسة في مصر هذا الأمر بشكل كامل، حسبما يشير التقرير. يعد مرسول الوحيد الذي تناول الأمر ولو جزئيا، إذ أعادت الشركة لمرة واحدة تعيين عامل غير قادر على أداء مهام وظيفته بسبب إصابة عمل إلى قسم آخر أثناء استمرار الإصابة.
حصلت ثلاث منصات على نقطة واحدة نظرا لوجود شروط وأحكام واضحة في عقودهم: تنص عقود في الخدمة وأوركاس وسويفل على شروط وأحكام واضحة ويسهل تطبيقها، على عكس المنصات الأربع الأخرى، والتي لا تخطر العمال بالتغييرات المقترحة خلال إطار زمني معقول قبل أن تصبح سارية المفعول.
لكن جميعها تفرض على الأقل بعض شروط التعاقد غير العادلة: تنص كل من هذه المنصات على أنها لا تتحمل أي مسؤولية تعاقدية، وهو ما يعتبره التقرير شرطا غير عادل في العقد.
حازت ثلاث منصات أيضا على نقاط في الإدارة، لمراعاتها الإجراءات القانونية الواجبة في القرارات المؤثرة على العمال: توفر منصات في الخدمة ومرسول وطلبات الإجراءات القانونية الواجبة للقرارات المؤثرة على العمال، بما في ذلك وسيلة للاستئناف بشأن الإجراءات التأديبية. أما المنصات الأخرى فلديها إجراءات طعن غير كافية أو أن العمال بطريقة ما "محرومون من الإعراب عن مخاوفهم".
لكن واحدة فقط تقترب من الإنصاف في عملية الإدارة، من خلال اتخاذ خطوات هادفة لتمكين النساء: على الرغم من اقتصار أعمال الصيانة في مصر عادة على الرجال، إلا أن شركة في الخدمة قد اتخذت بعض الخطوات لمعالجة التحيز الجندري من خلال تقديم خدمات التنظيف، والتي تميل إلى جذب النساء العاملات، حسبما يشير التقرير.
ومع ذلك، تبدو اثنتان على الطريق لتكونا أكثر شمولا بشكل عام: في خطوة مشجعة، طبقت أوركاس وفي الخدمة سياسات مناهضة للتمييز مؤخرا، بعد التعاون مع فريق فيروورك إيجيبت، حسبما ورد في التقرير. والهدف من ذلك هو العمل على تحقيق قدر أكبر من المساواة والإدماج والالتزام بعدم التمييز على أساس الخصائص بما في ذلك العرق والدين والجنس والحالة الاجتماعية والإعاقة.
أخيرا، هناك منصة واحدة فقط تركز على التمثيل العادل: كانت مرسول "المنصة الوحيدة التي قدمت دليلا على آليات ذات مغزى للصوت الجمعي للعمال"، وفقا للتقرير. يمكن للعمال أن ينظموا ويظهروا وحدتهم من خلال المنتديات والاجتماعات، وقد أعلنت المنصة علنا أنها تدعم إنشاء نقابة عمال التوصيل، والتي ستدخل معها عن طيب خاطر في مفاوضات.
باختصار: توفر منصات العمل الرقمية سبلا مهمة للعمال المصريين لمتابعة آفاق التوظيف. وتقدم المنصات أيضا آفاق العمل أيضا لعدد كبير من العمال غير الرسميين العاطلين عن العمل. ونظرا لأن العديد منها في مراحلها الأولى، فإنها قد تكون بمثابة مخططات لقطاع الأعمال الأوسع في مصر للمشاركة في ممارسات عمل أكثر عدلا، حسبما يضيف التقرير، والذي يرى أن جعلها أكثر عدلا أمر ممكن بشكل كبير.
أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:
- قابلوا رائدنا لهذا الأسبوع: محمود إبراهيم من شركة هومزمارت.
- جمعت شركة نقلة الناشئة المتخصصة في مجال النقل بالشاحنات 10.5 مليون دولار في جولة ما قبل التمويل الأولي قادتها شركة السويدي كابيتال القابضة، في حين جمعت منصة طلب الأدوية المصرية "شفاء" مبلغا لم يكشف عن قيمته في جولة تمويلية بقيادة مجموعة من شركات رأس المال المغامر الدولية.
- دليلك اللغوي لسوق العملات المشفرة.
- وقع تطبيق النقل الجماعي سويفل شراكة مع شركة باي ناس الناشئة للتكنولوجيا المالية لتزويد سائقيه بالخدمات المالية.