كيف تحرم القوانين نساء العالم من المشاركة الاقتصادية الكاملة؟
تقرير جديد للبنك الدولي يقدم حقائق ثابتة عن القوانين التي لا تزال تحرم المرأة من المشاركة الاقتصادية. هناك طرق عديدة لمعالجة عدم المساواة بين الجنسين تماثل عدد النساء في هذا العالم (حوالي 3.8 مليار). إذا كانت المستجدات على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك تشبه تلك على صفحاتنا، فستعرف أن ضمها جميعا في اليوم العالمي للمرأة يمكن أن يؤدي إلى تضارب في الآراء يجعلنا في حيرة من أمرنا حول كيف ننطلق من هنا. تقرير البنك الدولي حول المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022 (بي دي إف) يجذب الانتباه رغم هذا الضجيج، إذ يهدف المسح الذي شمل 190 اقتصادا إلى الإجابة على سؤال رئيسي واحد: إلى أي مدى تستمر القوانين التمييزية في منع النساء من "المساهمة الكاملة والمتساوية" في اقتصادات دولهن؟
لا تزال معظم النساء لا يتمتعن بالمساواة بموجب القوانين التي تؤثر على الآفاق الاقتصادية. يعطي التقرير الدول درجة من أصل 100 للتكافؤ بين الرجال والنساء في ثمانية مجالات رئيسية تؤثر على مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي: التنقل ومكان العمل والأجور والزواج والوالدية وريادة الأعمال، والأصول والمعاشات التقاعدية. كان المتوسط العالمي للنتيجة 76.5، بزيادة نصف نقطة فقط عن تقرير العام الماضي. أحرزت 12 دولة فقط 100 نقطة في جميع المجالات، وهذا يعني أن المرأة المتوسطة تتمتع فقط بثلاثة أرباع الحقوق التي يتمتع بها الرجل بموجب القانون في المجالات التي جرى قياسها، بينما تعيش حوالي 2.4 مليار امرأة في سن العمل في جميع أنحاء العالم في دول لا تعطيهن قوانينها حقوقا اقتصادية متساوية.
هنا في مصر، نحرز تقدما، ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل لنقطعه. تحسن تقييم مصر للمرة الأولى منذ عام 2016، مرتفعا بنسبة 5.6 نقطة مئوية لتسجل 50.6. ومع ذلك، لا يزال هذا يعني أن المرأة المصرية لا تتمتع إلا بنصف حقوق الرجل في المجالات التي تؤثر على المشاركة الاقتصادية. جاءت مصر في المرتبة 171 من بين 190 دولة جرى تقييمها، وأقل من متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ 53.0، والذي كان بحد ذاته أدنى درجة إقليمية.
ما الذي تحسن بالنسبة للمرأة المصرية؟ ارتفع تقييمنا في قوانين الزواج من 0 إلى 20، بعد أن قدمت مصر أول تشريع على الإطلاق يحمي النساء من العنف الأسري (بي دي إف) على وجه التحديد. وفي الوقت ذاته، جعل كتاب دوري للبنك المركزي (بي دي إف) العام الماضي "الحصول على الائتمان أسهل للنساء من خلال حظر التمييز على أساس الجنس في الخدمات المالية"، حسبما ذكر التقرير في الجزء المخصص لمصر (بي دي إف)، ما رفع درجة ريادة الأعمال لدينا من 80 إلى العلامة الكاملة عند 100.
المجالات التي أبلت فيها مصر بلاء حسنا: ما زلنا نقوم بعمل جيد فيما يتعلق بحقوق مكان العمل، إذ لم يتغير تقييم مصر عند 75 نقطة بفضل التشريع المعمول به الذي يحظر التحرش في مكان العمل والتمييز في التوظيف على أساس الجنس. كما احتفظت مصر بتقييمها المثالي في قطاع المعاشات التقاعدية، نظرا لأن الرجال والنساء يحصلون على نفس مزايا المعاش التقاعدي ولديهم نفس سن التقاعد.
مجالات بها مساحة للتحسن: أسوأ مجال في مصر في عدم المساواة هو الأجور، وما زال ما رصيدها صفرا بسبب الافتقار إلى القوانين التي تفرض أجرا متساويا مقابل العمل المتساوي، فضلا عن القيود المفروضة على عمل المرأة بنفس الطريقة التي يعمل بها الرجل في الليل، في الوظائف التي تعتبر خطرة، وفي القطاع الصناعي، وهو ما يقول التقرير إننا "قد نرغب في التفكير" في تغييره.
هناك أيضا مجال للتحسن في القوانين التي تؤثر على الزواج والوالدية والتنقل وملكية الأصول. لا تزال حقوق الطلاق والزواج غير متكافئة، ولا تزال إجازة الأمومة والرعاية الأبوية الكافية غير منصوص عليها في القانون، ولا تزال المرأة تواجه قيودا على الحركة (بما في ذلك الإجراءات غير المتكافئة للحصول على جواز سفر).
نتوقع أن نرى مصر تحرز المزيد من التقدم في تقرير العام المقبل: مشروع قانون العمل، الذي حصل على الموافقة النهائية من مجلس الشيوخ في فبراير، سيزيد إجازة الأمومة مدفوعة الأجر إلى أربعة أشهر من ثلاثة أشهر حاليا. من المتوقع أن يمثل مقياسا رئيسيا في مقياس الأبوة في التقرير، والذي يعطي نقاطا للدول التي تفرض إجازة مدفوعة الأجر للأمهات لمدة 14 أسبوعا على الأقل.
أداء الدول الأخرى في المنطقة: احتلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المرتبة الأخيرة من بين المناطق السبع التي شملها الاستطلاع، لكنها كانت الأفضل تحسنا في التقرير، حيث سنت دول المنطقة 10 إصلاحات تشريعية من أصل 39 إصلاحا أدت إلى تحسين الحقوق الاقتصادية للمرأة العام الماضي. نفذ حوالي 25% من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إصلاحا واحدا على الأقل، ما رفع النتيجة الإقليمية بمقدار 1.5 نقطة. ومع ذلك، لا تزال المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه بعضا من أكثر العوائق رسوخا أمام المشاركة الاقتصادية، حيث احتلت 11 دولة في المنطقة المراكز العشرين الأخيرة على مستوى العالم. احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة المركز الأخير على مستوى العالم، حيث حصلت على 26.3 درجة، بينما جاءت اليمن وقطر أيضا بنتائج أقل من 30 نقطة.
على الجانب المشرق: قد نشهد مساواة بين الجنسين في الواقع أكثر مما ينص عليه القانون. استطلع تقرير هذا العام الخبراء المحليين حول عدم المساواة بين الجنسين، في محاولة لقياس الفجوة بين نص القانون وطريقة تنفيذه عمليا. منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "هي المنطقة الوحيدة التي أشارت فيها آراء الخبراء إلى المزيد من المساواة بين الجنسين في الممارسة العملية أكثر مما يشير إليه المؤشر"، وسجلت مصر وعمان أكبر فارق إيجابي.
لماذا هذا مهم؟ بصرف النظر عن كون ذلك خطأ واضح، فإن استمرار عدم المساواة بين الجنسين له تأثير اقتصادي واسع النطاق. على الصعيد العالمي، يبلغ الفرق بين إجمالي الأرباح المتوقعة مدى الحياة للرجال والنساء 172.3 تريليون دولار، أو ضعف الناتج المحلي الإجمالي العالمي. حجة التقرير هي أنه فقط من خلال دعم النساء للعمل وامتلاك الأصول والشركات واتخاذ قراراتهن الخاصة بشأن الزواج والتنقل ورعاية الأطفال، يمكننا أن نأمل في الوصول باقتصاديات العالم إلى المرونة والصمود المرغوب.