المزيد من الأخبار السيئة للأسواق الناشئة
ستاندرد أند بورز تخفض توقعاتها للنمو في الأسواق الناشئة عام 2022: تدخل الأسواق الناشئة العام الجديد مع توقعات بنمو أقل من وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني، والتي خفضت توقعاتها لنمو الأسواق الناشئة بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 3.5%. وعزت الوكالة التغيير إلى استمرار الظروف المصاحبة للجائحة والتباطؤ في الصين، لكنها حافظت على توقعاتها طويلة المدى عند متوسط 3.1% بين عامي 2023 و2024.
جاء التراجع مدفوعا إلى حد كبير بتباطؤ نمو الأسواق الناشئة في أمريكا اللاتينية: شهدت أمريكا اللاتينية (ممثلة في الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وتشيلي والمكسيك) تعديل توقعات النمو الجماعي هبوطا بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 1.9%، ويمثل هذا انخفاضا بنسبة 4.3 نقطة مئوية عن النمو المتوقع لعام 2021 عند 6.2%، وهو ما أرجعته الوكالة إلى ارتفاع التضخم. وتوقعت ستاندرد أند بورز أن مع تباطؤ النمو وضيق سوق العمل، سيؤدي التضخم المتواصل إلى استمرار الحاجة في المنطقة إلى إجراءات التحفيز المالي. ورفعت ستة بنوك مركزية في البرازيل وتشيلي وكولومبيا والمكسيك وبولندا وروسيا وجنوب أفريقيا معدلاتها على مدار شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، وبعضها فعل ذلك مبكرا، مما يعكس بشكل جزئي "استقرار توقعات التضخم بصورة أضعف على المدى المتوسط".
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا: استقر النمو المتوقع للأسواق الناشئة الرئيسية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا (بولندا وروسيا والسعودية وجنوب أفريقيا وتركيا) كما هو عند متوسط 3.2%، بانخفاض نقطتين عن معدل النمو هذا العام البالغ 5.2%. وفي هذا الصدد، ألقت ستاندرد أند بورز باللوم على انخفاض الطلب العالمي على السلع والمنتجات المصنعة، وسحب الدعم المالي، وظروف التمويل المتقلبة. ووضع عدد من البنوك المركزية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا تشديد السياسات في مقدمة أولوياتها، إما من خلال البدء فيها أو تسريعها. أما على جانب الصعود، تتوقع الوكالة أن يشهد اقتصاد دول المنطقة نموا أعلى من المتوسط، خصوصا في ظل أنها لا تزال تتعافى من الجائحة.
2021 لم يكن عاما جيدا على الأسواق الناشئة، بدءا بأزمة إيفرجراند في الصين، ثم تقليص برنامج الاحتياطي الفيدرالي لشراء السندات، وأخيرا متحور أوميكرون الجديد، وكل هذا تسبب في خروج تدفقات رأس المال. البداية بأزمة عملاق العقارات إيفرجراند الذي تسبب في خروج تدفقات كبيرة من سندات الأسواق الناشئة، إذ سحب المستثمرون ما يقرب من 83 مليار دولار من صناديق السندات المتداولة في الأسواق الناشئة خلال سبتمبر، في إطار اندفاعهم للانسحاب من الديون ذات المخاطر العالية. وشهد أكبر صندوق سندات في الأسواق الناشئة، وهو صندوق آي شيرز جي بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة المتداولة والمقومة بالدولار الأمريكي، سحب مديري المحافظ 781 مليون دولار الأسبوع الأخير من سبتمبر فحسب، وهو أكبر تدفقات خارجة أسبوعية له في نحو سبعة أشهر.
وبعد ذلك، هناك تأثيرات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يستعد لتقليص برنامجه لشراء السندات بسرعة مضاعفة وإجراء ثلاث زيادات لأسعار الفائدة في 2022، وهو ما قد يعرض ديون الأسواق الناشئة (بما فيها السندات المصرية وأذون الخزانة) لخطر أن تصبح أقل جاذبية للمستثمرين الأجانب. ومع اعتناق الفيدرالي سياسة نقدية أكثر تشددا، فإن الأسواق الناشئة ستكون عرضة لانخفاض التدفقات الأجنبية، إذ يسعى المستثمرون في الولايات المتحدة إلى تجنب المخاطرة وتحقيق عوائد أكثر أمانا. ومع ذلك فإن الاحتياطيات الأجنبية القوية في مصر، وسرعة نمو الاقتصاد، والتحول إلى آجال استحقاق طويلة في السنوات الأخيرة، تعني أن مصر هي الدولة الأكثر استعدادا لمواجهة عاصفة محتملة بين الأسواق الناشئة. من الناحية التاريخية، لم يكن لتحركات الأسعار العالمية تأثير كبير على الصورة في مصر، حسبما نقلت وكالة بلومبرج في وقت سابق عن شامايلا خان، رئيسة قسم ديون الأسواق الناشئة في شركة ألاينس بيرنشتاين بنيويورك، والتي قالت إنه "إذا تعرضت الأسواق الناشئة الأخرى لضغوط، أتوقع أن تستمر مصر في الأداء الجيد على أساس نسبي".
ثم جاء أوميكرون: حذر المحللون من أن الأسواق الناشئة ستتعرض لضرر أكبر إذا تدهور وضع الصحة العالمية جراء المتحور الجديد، أو في حالة فرض قيود سفر جديدة على نطاق واسع لفترة طويلة. وقال المحللون لبلومبرج إن عملات الأسواق الناشئة التي تواجه بالفعل ضغوطا من بنك الاحتياطي الفيدرالي وارتفاع سعر صرف الدولار، ولا سيما العملات التي لديها تعرض لقطاعي الطاقة والسياحة، قد تتعرض لمزيد من الضغط إذا استمر الوضع الصحي العالمي في التدهور. ويسجل مؤشر إم إس سي آي لعملات الأسواق الناشئة حاليا تراجعا مقارنة ببداية العام نتيجة هروب المستثمرين من الأصول الخطرة، ومع وصول الدولار لأعلى مستوياته منذ يوليو 2020، فإن البلدان التي أقدمت على رفع أسعار الفائدة بصورة كبيرة تكافح الآن من أجل منع خسائر عملاتها.
كل هذه العوامل أثرت بالفعل على الأسواق الناشئة: في نهاية الشهر الماضي، سحب المستثمرون ما يزيد عن 850 مليون دولار من الصناديق المتداولة بالأسواق الناشئة مع الكشف عن متحور أوميكرون وإعلان الرئيس الأمريكي إعادة ترشيح جيروم باول رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي لأربع سنوات أخرى، وفقا لبلومبرج. وشهدت صناديق السندات أكبر تدفقات خارجة، إذ خسرت 640.2 مليون دولار خلال الأسبوع، كما امتدت تلك التأثيرات إلى أسواق الأسهم، والتي سجلت أيضا خروج 213.9 مليون دولار. وسجل صندوق آي شيرز جي بي مورجان أسوأ أداء أسبوعي له منذ بداية تفشي الجائحة في مارس 2020، إذ انخفض بنسبة 2.6% بعد أن سحب المستثمرون 709.5 مليون دولار.
الكثير من الأسواق الناشئة شهدت ارتفاعات مستمرة في التضخم على مدار العام، على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود. وارتفع مؤشر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) لأسعار الغذاء للشهر الرابع على التوالي في نوفمبر، ليسجل أعلى مستوى له منذ يونيو 2011 عند 134.4 نقطة. لكن ستاندرد أند بورز تعتقد أن التضخم سيصل إلى ذروته خلال الربع الرابع من عام 2021، إذ يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تراجع الطلب.
الأمور تتحسن في مصر، إذ تراجع معدل التضخم السنوي للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر الماضي من أعلى مستوى له في 20 شهرا، مع استمرار تراجع الضغط على أسعار المواد الغذائية. وتراجع معدل التضخم السنوي في الحضر إلى 5.6% الشهر الماضي من 6.3% في أكتوبر، وهو أدنى معدل له منذ يوليو الماضي، ويأتي عند الحد الأدنى ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (±2%) حتى الربع الأخير من عام 2022. وسجل معدل التضخم العام الشهري ارتفاعا طفيفا بنسبة 0.1%، من زيادة قدرها 1.1% في أكتوبر.