الرجوع للعدد الكامل
الأحد, 5 ديسمبر 2021

كيف يمكن للشركات العائلية تجاوز حقبة ما بعد "كوفيد-19"؟

قدمنا في العدد السابق من نشرتنا المتخصصة "ماذا بعد" نظرة معمقة على الاتجاه المتزايد بين الشركات الناشئة في مراحلها الأولية لشراء شركات ناشئة أخرى كجزء من استراتيجية نموها (معظمها مدعوم برأس المال المغامر، ويتبنى نماذج أعمال تكنولوجية أو مدعومة بالتكنولوجيا). إنها فكرة لم يسمع عنها الكثير منا إلى حد كبير قبل عام.

في هذا الأسبوع، نلقى نظرة على الشركات المملوكة للقطاع الخاص التي قطعت شوطا أكبر في رحلتها: إنها الشركات العائلية، التي يستمر 30% منها فقط بعد وفاة مؤسسيها، ومن المرجح -وفقا للإحصائيات- أن يصمد 3% منها حتى الجيل الرابع أو الخامس.

تعتبر الشركات العائلية شريحة بالغة الأهمية إذا كانت لديك الرغبة لمعرفة من أين يأتي الجيل القادم من الشركات المصرية الكبرى. من دون شك، العديد منها موجود الآن بالفعل بين الشركات الناشئة. لكن مثيلات سويفل – الشركات التي يمكنها النمو لتصبح إحدى الشركات العملاقة القادرة على الطرح في البورصة في غضون سنوات قليلة – تمثل الاستثناء من القاعدة الإحصائية. سيحتاج معظمها إلى مزيد من الوقت حتى تتمكن من أن تصبح قابلة للطرح العام أو البيع. وحتى يحدث ذلك، فإن قائمة الشركات الكبرى التالية التي ستطرح في المستقبل تسيطر عليها الشركات العائلية.

هذا هو الجزء الأول من سلسلة مكونة من ثلاث أجزاء تبحث في ما تحتاج الشركات العائلية للقيام به – ليس للاستعداد للقادم، ولكن للتأكد من أنها لا تزال موجودة كي تكون مستعدة له. وسيتضمن الجزء الثاني بعض النصائح العملية من مسؤولي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية ومؤسسة التمويل الدولية، فيما سيعرض الجزء الثالث قصصا من الشركات العائلية ذات العلامات التجارية التي حولت نفسها بنجاح كبير إلى مجموعات مؤسسية بالكامل.

إليك ما يتعين على الشركات العائلية القيام به إذا ما أرادت أن تكون أكثر قدرة على المنافسة محليا ودوليا.

على كل حال ما بين 50 إلى 60% من الشركات المصرية تأتي ضمن فئة الشركات العائلية، وتشكل 75% من نشاط القطاع الخاص، وفقا لورقة بحثية أعدها مكتب التميمي ومشاركوه للمحاماة والتي استند فيها إلى بيانات من المركز المصري للدراسات الاقتصادية.

تبدو تلك الأرقام منطقية تماما، وحاولنا الحصول على إجماع حول أحدث الأرقام للشركات العائلية في مصر ولم نصل إلى أي جديد. من الأكاديميين إلى مؤسسات تمويل التنمية واللاعبين من شركات الاستثمار المباشر الذين يستثمرون في الشركات متوسطة الحجم، ولكن لم يقدم أي منهم إجابة. ربما هناك ما قد يرغب أكاديمي ناشئ أو مستثمر أجنبي مغامر في البحث عنه بشكل مكثف.

تحتاج الشركات العائلية أن تكون جادة بشأن إضفاء الطابع المؤسسي إلى أعمالها، لمواكبة فترات انحسار جائحة "كوفيد-19"، والتوافق مع المتطلبات السريعة التي سيصطدمون بها كما يحدث، وفقا لدراسة حديثة (بي دي إف) أعدتها بي دبليو سي. ويعني الأمر خلق ثقافات مؤسسية أكثر مرونة ووضع خطط تعاقب واضحة وفتح الأبواب للمواهب الإدارية من خارج نطاق العائلة أو أفراد أسرة المؤسسين. فيما تنظر دراسة بي دبليو سي في هذه القضايا، إلا أنها مشكلات أصابت الشركات العائلية لعقود خلت – كل ما في الأمر أن الجائحة ضخمت من آثارها.

وضعت بي دبليو سي 47 شركة عائلية مصرية تحت المجهر. تناولت الدراسة الاستقصائية الأولى للشركات العائلية في مصر 47 شركة من مختلف الأحجام والقطاعات، في الفترة من أغسطس إلى أكتوبر 2020. تعمل 36% من هذه الشركات في أكثر من قطاع، وتعمل 32% منها في أكثر من دولة، و43% منها تتركز أعمالها بالكامل في مصر وتقتصر على صناعة واحدة. و36% من الشركات ذات ملكية فردية مسيطرة، فيما يشترك الأشقاء في ملكية 45% من الشركات العائلية.

النتائج: "العمل كالمعتاد" لن ينجح مع الشركات العائلية العالقة في طرقها القديمة. يظهر التقرير أن الشركات العائلية التي تمتلك خططا استراتيجية متوسطة المدى تدار بشكل جيد نسبيا ستتجاوز كل الاضطرابات التي أحدثتها الجائحة. لكن الأساليب التي شهدتها خلال حقبة كوفيد لن تكون بالضرورة مناسبة لاقتصاد ما بعد الجائحة. لا تعطي العديد من الشركات العائلية المصرية الأولوية للتقنيات الرقمية التي تحول مشهد الأعمال العالمي. الأسوأ من ذلك: أن عددا كبيرا لا يمتلك هياكل إدارية وأعمالا ورقية أساسية – مثل اتفاقيات المساهمين – التي تسمح لهم بإضفاء الطابع الرسمي (وتنظيم) مواقف أفراد العائلة في الشركة (ناهيك عن عدد المرات التي يمكن لأفراد العائلة السحب من احتياطيات الشركة).

ما الذي يؤرق بالهم منذ تفشي الجائحة؟ السيولة النقدية في الغالب: قالت 45% من الشركات المشاركة في الاستطلاع إن السيولة النقدية وإدارة رأس المال العامل كانا من أبرز المخاوف التي أرقتها خلال الجائحة. شعرت 21% من الشركات بالقلق حول حماية موظفيها وتنظيم فريق العمل لديها، وشعر 9% منها بالحاجة إلى الابتكار أو إجراء تغييرات على نماذج الأعمال، فيما ركزت 6% من تلك الشركات على التحول الرقمي. تحسين الربحية يتصدر أولويات المشاركين في الاستطلاع، يليه تنويع أسواقها وتعديل استراتيجية الاستثمار وإجراء مراجعات على المحافظ الاستثمارية للشركات القائمة ومعالجة اضطرابات سلاسل التوريد والنظر في إعادة الهيكلة المالية وأخيرا تدويل الأعمال.

أبلت الشركات العائلية التي تمتلك خططا استراتيجية متوسطة المدى جيدا خلال الجائحة، مما عزز من ثقتها. من بين 57% من الشركات المشاركة في الاستطلاع التي لديها خطط استراتيجية ديناميكية تمتد من "ثلاث إلى خمس سنوات"، حققت نموا خلال ثلاثة أرباعها تقريبا رغم تداعيات "كوفيد-19"، حسبما ذكرت بي دبليو سي. جاءت قطاعات الصناعات الأغذية والإمدادات الطبية في المقدمة، والمألوف في الأمر أن كلا القطاعين شهدا ارتفاعا في الطلب خلال الجائحة. قالت 21% من الشركات إنها فكرت في طلب المساعدة أثناء الأزمة من أفراد العائلة الآخرين خارج الشركة ممن يتمتعون بمهارات وخبرات مختلفة.

لكن بي دبليو سي تحذر من كون هذا المستوى العالي من الثقة قد لا يبشر بالخير بعد الجائحة. "حقيقة أن الشركات العائلية في مصر قد نجت بشكل عام من حالة الطوارئ العاجلة لكوفيد-19 لا تضمن أنها مهيأة لتزدهر في اقتصاد ما بعد الجائحة"، وفق ما ورد بالتقرير. تشير النتائج إلى ضرورة حذر الشركات العائلية من افتراض أن الهيكل التنظيمي والثقافة التي خدمتهم جيدا في السابق مناسبة لما هو قادم. وقد يكون الاقتراب من مستقبل ما بعد كوفيد – إذ ستحتفظ الشركات التي تدار بصرامة وذكاء في مجال التكنولوجيا فقط بميزتها التنافسية – أمرا مزعجا للشركات المذكورة.

ليس هناك ما يحرم أفراد العائلة من الدخول في الشركة، طالما أنه جزء من خطة تعاقب قوية، حسبما ذكر التقرير. وقالت 94% من الشركات التي شملتها الدراسة إنها تسمح لأفراد العائلة بالعمل في الأعمال التجارية، لكن 55% منها فقط تمتلك خطة تعاقب قائمة، وفقا للتقرير. كما يسمح 53% من الشركات للأزواج من أسرة واحدة بالعمل في الشركة.

الأكثر إشكالية في الأمر أن 64% من الشركات التي شملها الاستطلاع لا تطبق هياكل حوكمة رسمية. ولا تمتلك الغالبية العظمى آليات لحل النزاعات أو إجراءات دخول وخروج موثقة لأفراد العائلة أو عمليات وساطة تابعة لجهات خارجية. ولدى 11% فقط من الشركات نوع من اللوائح الداخلية أو البروتوكولات الخاصة بالأسرة. كما يمتلك 11% من الشركات سياسة رسمية خاصة بالأسرة، و6% لديهم مجلس عائلي، وشركة واحدة فقط في الاستطلاع لديها عملية وساطة طرف ثالث في حالة الخلافات بين أفراد الأسرة.

"إضفاء الطابع المؤسسي" لا يمكن أن يكون رمزيا – إنه يتطلب جهود عملية. وجد التقرير أن 45% من الشركات التي شملها الاستطلاع ليس لديها مجلس إدارة رسمي، و39% لا تمتلك لجان للمخاطر والتدقيق والامتثال. إنه أحد أسباب اتهام مالكي الشركات العائلية غالبا بعدم المؤسسية.

لكن مجرد وجود لائحة في حد ذاته لا يكفي وحده لتصحيح ذلك. من بين 55% ممن شملهم الاستطلاع والذين لديهم مجلس إدارة، لا يطلب نصفهم مراجعات المحفظة وإجراءات قياس الأداء لتحديد الوحدات الأضعف أداء. ونحو 25% من الشركات ليس لديها ثقة بجاهزية مجلس الإدارة الكاملة لإدارة المخاطر المتعلقة بجائحة "كوفيد-19". وقال 43% إنها لا تملك خطة استراتيجية ديناميكية لمدة 3-5 سنوات مقبلة، على الرغم من أن 80% قالت إنها من المحتمل أن تجهز واحدة.

تبني التكنولوجيا هو أيضا أمرا محوريا لازدهار هذه الشركات: قال 9% فقط من المشاركين في الاستطلاع إنهم بحاجة إلى الابتكار أو إجراء تغييرات على نموذج أعمالهم، وصنف 6% فقط التحول الرقمي على أنه مصدر كبير للقلق. تسلط بي دبليو سي الضوء على "حاجة الشركات العائلية في مصر إلى العمل بجدية أكبر لإدخال التقنيات الرقمية عبر شركاتهم، من إدارة سلاسل التوريد إلى مبيعات العملاء وعلاقاتهم".

إذًا، كيف يمكن للشركات العائلية التعلم بشكل أفضل من مغامرتهم مع كوفيد؟ طرح الأسئلة الصعبة يجب أن يساعد في تحديد الثغرات الإدارية والتشغيلية. يمكن أن تشمل هذه: هل لدينا أفضل المديرين التنفيذيين في فريق الأزمات، مع مساءلة واضحة؟ هل لدينا خطة استجابة فعالة للأزمات على مستوى المؤسسة؟ هل تواصلنا بشكل فعال وسريع مع الموظفين وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين؟ هل تفاعلنا بسرعة مع استجابة منافسينا للأزمة؟ هل استخدمنا التكنولوجيا والبيانات المناسبة لإدارة استجابتنا للأزمة؟

الخلاصة: يجب إضفاء الطابع المؤسسي على الشركات العائلية، حسبما تقترح بي دبليو سي. وهذا يشمل ضمان رقابة مجلس الإدارة المستقلة والتدقيق الصارم ووظائف الامتثال وإدارة المخاطر. كما يستلزم أيضا تخطيطا أكثر صرامة للتعاقب، وتدعيم الجيل القادم بالمهارات والمؤهلات الصحيحة، وإنشاء القواعد والبروتوكولات لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات التجارية بين أفراد الأسرة. كما يعني التحضير لمستقبل ما بعد كوفيد من خلال وضع خطط استراتيجية واضحة تستفيد من قوة التقنيات الرقمية. وخلص التقرير إلى أن "الشركات العائلية التي تتبنى هذه التغييرات – بدلا من مقاومتها – ستكون في أفضل وضع للبقاء والازدهار مع تعافي مصر من الجائحة".


أبرز أخبار الشركات الناشئة في أسبوع:

  • تتطلع ست شركات مصرية ناشئة إلى جمع تمويلات قدرها 250 مليون دولار في عام 2022. والشركات الست، هي تريلا، وبوسطة، ومزارع، وبريمور، وتجارة دوت كوم، وكوينز.
  • تطلق شركة بوسطة الناشئة لخدمات الشحن عملياتها في الإمارات والسعودية خلال عام 2022 عقب الجولة التمويلية الكبيرة التي أجرتها في وقت سابق من هذا العام.
  • أطلقت منصة الأثاث والسلع المنزلية هومزمارت عملياتها في المملكة العربية السعودية، وذلك بعد مضاعفة حجم عملياتها في مصر ثلاث مرات هذا العام.
  • تخطط البنوك الحكومية الثلاثة الكبرى – البنك الأهلي المصري وبنك مصر وبنك القاهرة – لإطلاق صندوق جديد للاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة قبل نهاية العام الجاري، على أن تبلغ قيمة إغلاقه الأول 85 مليون دولار.
  • جمعت شركة التكنولوجيا المالية الناشئة "رصيدي" 850 ألف دولار في جولة تمويلية ما قبل تأسيسية بقيادة شركة رأس المال المغامر اليابانية ساموراي إنكوبيت التي تركز على أفريقيا، ومستثمر أوروبي لم تكشف هويته، ومجموعة من المستثمرين الحاليين وهم "500 جلوبال" وفلك ستارت أبس وشركة إي إف جي للتكنولوجيا المالية.
  • جمعت المنصة القانونية الإلكترونية "حقوقي" مبلغا لم يكشف عن قيمته في جولة تمويلية ما قبل تأسيسة من شركة نما فينتشرز السعودية.

هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).

الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©

نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).