لماذا لا توفر المدارس الخاصة في مصر منحا دراسية؟
لماذا لا تقدم المدارس الخاصة في مصر من مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية التعليم الثانوي منحا دراسية؟ على عكس المدارس في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن عددا قليلا جدا من المدارس الخاصة الهادفة للربح من مرحلة رياض الأطفال حتى نهاية التعليم الثانوي في مصر تقدم المنح الدراسية الأكاديمية وغير الأكاديمية المصممة لتوسيع نطاق الحصول على التعليم. المدارس الخاصة ملزمة قانونا بتخصيص 5% من إجمالي الرسوم الدراسية السنوية لتقديم مساعدات مالية، لكن الخصومات عادة ما تذهب إلى الطلاب الحاليين الذين تواجه عائلاتهم صعوبات مالية، وفق نموذج خيري، كما ذكرنا الأسبوع الماضي. واليوم نتساءل عن سبب ذلك.
إنها مسألة التكاليف والافتقار للرغبة في توسيع نطاق الوصول إلى خدمات التعليم: اتفق المسؤولون الذين تحدثنا إليهم على أنه اتجاه واضح. ويبدو أن التكلفة تلعب دورا: فليس هناك فائدة تذكر لنموذج الأعمال التجارية الربحية للمدرسة الخاصة في تقديم المنح الدراسية – وهي مكلفة للاستمرار. لكن المصادر تشير أيضا إلى أن تعزيز إمكانية الوصول إلى المدارس الخاصة العليا ليس في الحقيقة أولوية – أو حتى مجرد فكرة مطروحة – داخل المجتمع الأوسع.
بالنسبة للمدارس الخاصة في مصر، لا ينظر إلى تقديم المنح الدراسية على أنه ضروري لنماذج الأعمال الخاصة بهم. ويقول أحد مديري المدارس متحدثا معنا بشكل غير رسمي: "معظم المدارس الخاصة هنا لديها قوائم انتظار طويلة، بحيث لا تحتاج إلى تقديم منح دراسية من منظور الأعمال".
بالنسبة للمدارس الدولية على وجه الخصوص، الرسوم الدراسية المرتفعة سيدة الموقف: بالنسبة للمدارس الدولية في مصر والمنطقة، تؤخذ الرسوم الدراسية المرتفعة في الاعتبار في نماذج أعمالها، بحسب تصريحات مدير المدرسة الأمريكية الدولية كابونو شيوتي، والذي أضاف: "هذه المدارس مكلفة في إدارتها وعادة ما تكون موجودة لغرض ما". وتابع: "إنها إما أن تخدم العملاء المحليين، الذين يمكنهم تحمل تكاليف إرسال أطفالهم إليها. أو إنها تخدم عملاء دوليين موجودين في البلاد لسبب ما. ومن ثم فإن الفكرة السائدة هي أن أصحاب العمل يمكنهم تحمل تكاليف المدارس". وقال المدير التنفيذي لمدرسة الألسن كريم روجرز: "لن أقول إننا نطلب رسوما دراسية باهظة للغاية، لكننا مدرسة باهظة الثمن بالنسبة للآخرين". هناك أيضا كايرو أمريكان كوليدج والمدرسة البريطانية الدولية– كلاهما يعتقد على نطاق واسع أنهما من بين أغلى مدارس القاهرة الدولية – ولم تستجب أي من المدرستين لطلباتنا للتعليق على المشكلات التي تتناولها هذه القصة.
من الطبيعي أن نرى المزيد من الاهتمام بشأن تقديم المنح الدراسية في التعليم العالي كطريقة لإحداث تأثير مباشر وقصير الأجل. وبشكل عام، يهتم مقدمو المنح الدراسية أكثر بتمويل البرامج ذات المدى القصير نسبيا، حيث أظهر المستفيدون التزاما واضحا بأهدافهم، وفق ما قالته مديرة نيوتن لخدمات التعليم نيللي الزيات لإنترابرايز. وأضافت أنه بهذه الطريقة، لا يلتزم مقدمو الخدمات بأموال لفترة طويلة جدا، ويشعرون أنهم يقومون باستثمار شديد التركيز.
"حتى على المستوى الجامعي، نرى أيضا عددا أكبر من الأشخاص الراغبين في تمويل منح الدراسات العليا أكثر من المنح الدراسية للطلاب الجامعيين في مصر، لهذا السبب"، حسبما قالت الزيات. وأضافت أنها تعتقد أنه يمكن تطبيق نفس المنطق على حالة منحة التعليم قبل الجامعي". واتفق شيوتي على أن هذا اتجاه يمكن ملاحظته، حتى على الصعيد العالمي، وقال: "لا أعرف لماذا هو اتجاه، لكن هذا صحيح للغاية. كلما تقدمت في مستوى أعلى، زاد الاهتمام بتمويل المنح الدراسية".
لكن بعيدا عن الاعتبارات المالية، يبدو أن البعض لا يريد التوسع في إمكانية الوصول إلى المدارس الخاصة في مصر: هناك الكثير من الأسباب الاجتماعية لتقييد المساعدات المالية والوصول إلى مدارس مراحل التعليم ما قبل الجامعي الخاصة، بحسب روجرز، والذي يرى أن تقديم المساعدة المالية للطلاب من خلفيات فقيرة للغاية سيشهد إغراق المدارس الخاصة بطلبات المنح الدراسية، بينما سيواجه الأطفال من الخلفيات المهمشة صعوبة في الاندماج. وقال مشيرا إلى مدرسة الألسن: "نحن مدرسة انتقائية اجتماعيا".
"أعتقد أن الأنظمة الطبقية في مصر ينظر إليها وقبولها على أنها راسخة إلى حد ما"، بحسب شيوتي، والذي أضاف أن فكرة التنقل بين الطبقات – السائدة جدا في الولايات المتحدة كمفهوم – لا تنطبق حقا في مصر.
البعض يحاول التخلص من هذا الأمر: منصة مصر للتعليم (جيمس مصر سابقا) – إحدى المؤسسات القليلة جدا التي وجدناها تقدم منحا أكاديمية – تقول إنها تحاول على وجه التحديد زيادة التنوع. وترى المنصة أن نظامها الأساسي يوفر تعليما جيدا لجميع القطاعات، وفقا لما قاله مدير الاتصالات بالمنصة عمرو شريف. وأضاف "ستجد التنوع في برامجنا، حيث نقدم هذه الفرص لأننا نريد تمكين طلابنا من تطوير مهاراتهم".
أشار شريف إلى أن الطلاب الموهوبين من خلفيات أقل ثراء يستفيدون بشكل واضح أكاديميا من برامج المنح الدراسية الرسمية. وقال إن إحدى المستفيدين من المنح الدراسية في منصة مصر انتقلت من مدرسة تقدم المناهج الحكومية إلى مدرسة تقدم المناهج الدولية، وهي الآن واحدة من أفضل الطلاب في فصلها أكاديميا، فضلا عن كونها رياضية مميزة.
شهدت مدرسة الألسن، التي لا تقدم منحا أكاديمية رسمية، نتائج إيجابية من رعاية طالب موهوب – ولكن كمسعى خيري. شاركت مدرسة الألسن في رعاية طالب متميز أكاديميا، بعد أن اتصل بهم والدا أحد الطلاب الحاليين الذين اقترحوا الفكرة كمبادرة خيرية، وفقا لما قاله روجرز. وأضاف: "كان هناك طفل واحد قمنا بهذا من أجله، وكان عبقريا. جاء من خلفية اجتماعية مختلفة. وأخبرنا الآباء الذين اقترحوا ذلك أنه كان استثنائيا. وقد تكفل الوالدان ببعض التكاليف وقمنا بتغطية المتبقي".
يذكر أن الجامعة الأمريكية بالقاهرة – التي تعتبر عموما أكثر مؤسسات النخبة في مصر – لديها برنامجا للمنح الدراسية خصيصا لتعزيز إمكانية الوصول. يستهدف صندوق المنح الدراسية للمدارس العامة خريجي المدارس الحكومية المصرية، الذين يتمتعون "بسجل أكاديمي متميز، والذين يظهرون حاجتهم المالية"، كما يوضح موقع الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وتغطي المنحة الرسوم الدراسية لجميع المستفيدين، والسكن والمواصلات للبعض. وقال نائب رئيس الجامعة إيهاب عبد الرحمن لإنتربرايز: "صمم برنامج المنح الدراسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة لزيادة إمكانية الوصول إلى الجامعة الأمريكية بالقاهرة والتأكد من أننا نقوم بضم أفضل الطلاب من بين مجموعة متنوعة".
ولكن بشكل عام، لا يبدو أن زيادة التنوع الاجتماعي في المدارس الخاصة بمصر يمثل أولوية في السوق. ينظر إلى دعم الطلاب الأقل حظا من الناحية المالية للذهاب إلى جامعات جيدة على أنه أكثر إلحاحا من دعمهم للذهاب إلى المدارس العليا، حسبما ذكرت الزيات وكريم مصطفى من إيديوهايف. وقالت الزيات: "على المستوى الجامعي، حتى الشخص العادي يعرف أن بعض الناس، إذا لم يحصلوا على دعم مالي، لن يتمكنوا من الالتحاق بالجامعة". وأضافت: "لكن الناس لا يقومون بنفس الاستنتاج في مستوى التعليم ما قبل الجامعي".
بالنسبة للكثيرين، الفكرة ببساطة ليست على راداراتهم: هناك تصور داخل قطاع التعليم ما قبل الجامعي أنه نظرا لأن التعليم ما قبل الجامعي إلزامي، فإن الآباء سيفعلون كل ما في وسعهم لضمان وصول أطفالهم إلى أفضل الآفاق المتاحة لهم، وفقا لما قاله شريف. وأضاف: "لذلك لا أعتقد أن معظم مدارس التعليم قبل الجامعي ترى أن المنح الدراسية أو المساعدات المالية ضرورية. واتفقت معه الزيات حيث قالت: "هناك افتراض بأن الجميع سينتهي بهم الأمر بالذهاب إلى المدرسة بطريقة ما". وأضافت أن فكرة منح المزيد من الناس إمكانية الحصول على تعليم أفضل ليست مطروحة لكثير من الناس.
أبرز أخبار قطاع التعليم في أسبوع:
- "طلبات" تخطط للتوسع في مجال التعليم: تبحث شركة "طلبات" لتوصيل الطعام مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إنشاء أكاديمية لبناء قدرات الشباب في مجال البرمجة، بحسب البيان الصادر عن الوزارة.
- منصة لايتهاوس تتجاوز استثماراتها المستهدفة: أتمت منصة لايتهاوس للاستثمار في التعليم في مصر الإغلاق الأول لها بقيمة 560 مليون جنيه، لتتخطى بذلك إجمالي الاستثمارات المستهدفة. وسيوجه الصندوق، الذي يساهم فيه صندوق مصر السيادي، الأموال للاستثمار في التعليم ما قبل الجامعي، وكان يستهدف في البداية جمع 500 مليون جنيه في الإغلاق الأول له.
- منصة تكنولوجيا التعليم "أو تي أو" تحصل على استثمار جديد: حصلت منصة "أو تي أو كورسيز" لتكنولوجيا التعليم المصرية على استثمارات بقيمة 400 ألف دولار من من شركة رأس المال المغامر إدفينتشرز التابعة لشركة نهضة مصر للنشر، على شكل خدمات عينية وسيولة نقدية، من أجل مساعدتها في توسيع منصة التعلم عن بعد التابعة لها وقاعدة مستخدميها.