المركزي يثبت أسعار الفائدة للمرة الثامنة على التوالي
أبقى البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة على التوالي في اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس الماضي، وسط ارتفاع التضخم العالمي والتوقعات ببدء الاحتياطي الفيدرالي في تقليص برنامج التحفيز قبل نهاية العام. وبموجب القرار، يظل سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة 8.25% و9.25% على الترتيب، فيما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان 8.75% لكل منها، حسبما ذكر البنك في بيان (بي دي إف) عقب الاجتماع. وأشار المركزي إلى التباطؤ العالمي في النشاط الاقتصادي بسبب اضطرابات سلاسل التوريد، فضلا عن التوقعات بأن الظروف المالية العالمية ستظل ملائمة على المدى المتوسط باعتبارها من بين العوامل التي تحفز تثبيت أسعار الفائدة.
القرار لم يكن مفاجئا: توقع 12 محللا وخبيرا اقتصاديا ومصرفيا شملهم استطلاع إنتربرايز الدوري لأسعار الفائدة أن يترك البنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير في أكتوبر.
تظل أسعار الفائدة الحقيقية لمصر بذلك أحد أعلى أسعار الفائدة في العالم، وهو الأمر الذي سيكون ضروريا للحد من التقلبات التي قد تتعرض لها البلاد في حال ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية أو ارتفاع معدل التضخم المحلي بشكل كبير في الأشهر المقبلة. وقالت علياء ممدوح من بلتون المالية في مذكرة بحثية عقب الاجتماع "نعتقد أن سندات الخزانة المصرية ستظل جذابة، مدعومة باستقرار الجنيه والحفاظ على أسعار الفائدة الحقيقية". وأضافت: "من بين الأسواق الناشئة ذات العوائد المماثلة، لا تزال مصر تتميز باقتصاد أقل تأثرا نسبيا من تداعيات جائحة كوفيد-19 لأنه يتيح إمكانات للنمو".
ظلت تدفقات المحافظ الأجنبية مصدرا هاما للعملة الصعبة لمصر التي يواصل اقتصادها التعافي من جائحة كوفيد. وارتفعت حيازات الأجانب في أدوات الدين المصرية إلى مستوى قياسي بلغ 33 مليار دولار هذا العام، ما يساعد في تمويل العجز التجاري مع استمرار تعافي السياحة.
لكن وقت تقليص التحفيز يقترب: قال مسؤولون لدى الاحتياطي الفيدرالي في وقت سابق إن المجلس يمكن أن يبدأ في تقليص برنامج شراء السندات الشهري البالغ 120 مليار دولار في نوفمبر، وأوضحوا أنه سيبدأ بعد ذلك في رفع أسعار الفائدة. قد يثير ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة مشكلات للأسواق الناشئة حيث سيتجه المستثمرون إلى التخلص من الأصول ذات المخاطر الأعلى لصالح سندات الخزانة الأمريكية مرتفعة العائد.
سعت وزارة المالية للتأكيد على الثقة قبيل بدء الاحتياطي الفيدرالي في تقليص برنامج التحفيز المالي، إذ صرح وزير المالية محمد معيط لوكالة بلومبرج الشهر الماضي أن صناع السياسة "يراقبون عن كثب" التأثيرات المحتملة لأي ارتفاع لأسعار الفائدة الأمريكية على تكاليف الاقتراض بالنسبة لمصر"، مضيفا أن مصر لديها خبرة كبيرة في التعامل مع تقلبات الأسواق الناشئة.
يعد التضخم مصدر قلق لصناع السياسة: قال البنك المركزي إن الارتفاع الحاد في معدل التضخم السنوي الشهر الماضي إلى أعلى مستوى في 20 شهرا عند 6.6% كان نتيجة لتأثير سلبي متوقع لسنة الأساس وارتفاع أسعار السلع العالمية، إذ ارتفع معدل التضخم السنوي للغذاء للشهر الخامس على التوالي ليسجل 10.6% في سبتمبر.
لكن البنك المركزي لا يدق ناقوس الخطر بشأن الأسعار: لا يوجد ما يشير إلى رفع أسعار الفائدة لتعويض التضخم في أي وقت قريب، إذ قال البنك المركزي إن سياسته الحالية ستعمل على استقرار الأسعار على المدى المتوسط وتتماشى مع تحقيق مستهدف التضخم البالغ 7% (±2%) بحلول الربع الأخير من عام 2022.
ارتفاع التضخم سيكون مؤقتا، بحسب كابيتال إيكونوميكس التي قالت إن معدلات التضخم في الحضر ستظل عند مستوياتها الحالية حتى مطلع 2022، لكنها قد تتراجع دون الحد الأدنى للنطاق المستهدف من جانب البنك المركزي بحلول منتصف العام المقبل.
لا خفض لأسعار الفائدة في المستقبل القريب: لا يرى المحللون أن هناك فرصة كبيرة لاستئناف البنك المركزي لدورة التيسير النقدي مع استمرار الضغط على الأسعار العالمية. وقالت أرقام كابيتال، في مذكرة بحثية لها: "بالنظر إلى مخاطر ارتفاع التضخم في المدى القريب واتساع عجز الحساب الجاري، لا نتوقع أن يقوم البنك المركزي بتيسير سياسته النقدية في المدى القريب". كما يرى نعمان خالد من أرقام كابيتال ومنى بدير من برايم القابضة أن المركزي سيحافظ على أسعار الفائدة كما هي حتى بداية عام 2022 على الأقل. وقالت بدير في استطلاع إنتربرايز قبل الاجتماع: "احتياجات التمويل المرتفعة هيكليا لمصر في وقت يتزايد فيه خطر تشديد الأوضاع العالمية ستبقي السلطات النقدية حذرة". كما استبعد جيمس سوانستون محلل الاقتصاد الكلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية، أن يخفض البنك المركزي معدلات الفائدة قبل منتصف عام 2022، متوقعا أن خفض معدل الإيداع لليلة واحدة بإجمالي 150 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2023.
من المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي لآخر مرة هذا العام في 16 ديسمبر المقبل.