"النقد الدولي" في آفاق الاقتصاد الإقليمي: اللامساواة في توزيع اللقاحات يهدد النمو في منطقة الشرق الأوسط
تعافي ما بعد جائحة "كوفيد-19" في مصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيظل "غير متوازن وغير مكتمل"، بالرغم من التقدم المحرز في المنطقة منذ بداية العام، وتوقعات النمو الأكثر تفاؤلا، وفقا لما قاله صندوق النقد الدولي في تقريره المحدث حول آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا. وقال الصندوق إن التعافي سيكون غير متوازن بشكل خاص في البلدان الناشئة ومتوسطة الدخل في المنطقة، إذ من المرجح أن تتعافى البلدان التي أحرزت تقدما قويا في معدلات التطعيم (مثل الأردن والمغرب وتونس) بشكل أسرع من تلك التي تشهد تقدما بطيئا. لقراءة التقرير كاملا من هنا (بي دي إف).
ورفع صندوق النقد توقعاته للنمو في 2021 لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل طفيف لتصل إلى 4.1%، مقارنة بـ 4% في التقرير السابق الصادر في أبريل. ويتوقع الصندوق ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنفس النسبة في عام 2022، وهو الذي يعد زيادة طفيفة مقابل التوقعات السابقة البالغة 3.7% للعام المقبل. ويعد كلا التوقعين زيادة كبيرة عن الانكماش المسجل العام الماضي والبالغ 3.4% في جميع أنحاء المنطقة. ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم في المنطقة إلى 12.9% خلال هذا العام على خلفية الزيادات الكبيرة في أسعار الغذاء والطاقة قبل أن يستقر عند 8% في عام 2022.
تعد توقعات النمو الأخيرة لمصر أعلى من المتوسط مقارنة بالمنطقة. وأشارت توقعات النمو الأخيرة لصندوق النقد للاقتصاد المصري إلى أنه سيصل إلى 5.2% في العام المالي 2022/2021، بانخفاض قدره 0.5 نقطة مئوية مقارنة بتوقعات الصندوق البالغة 5.7% في أبريل. وفي غضون ذلك، توقع الصندوق مؤخرا أن يبلغ معدل التضخم في مصر 6.6% في المتوسط خلال العام المالي 2022/2021، قبل أن يرتفع إلى 6.9% العام المقبل.
لكن الرياح المعاكسة لا تزال قائمة: تعد مصر من بين البلدان ذات معدلات التطعيم الأبطأ من المتوسط، وفقا للبيانات الصادرة في التقرير. وقالت وزارة الصحة مؤخرا إنه جرى تطعيم نحو 13 مليون شخص حتى الآن من إجمالي عدد السكان البالغ أكثر من 100 مليون شخص بجرعة واحدة على الأقل من اللقاح. ومن ناحية أخرى، قال صندوق النقد الدولي إن معظم دول الخليج وصلت معدلات التطعيم بها إلى 40% وتتوقع أن تصل تلك النسبة إلى 70% بنهاية عام 2021.
بشكل عام، تسارعت معدلات التطعيم على مستوى المنطقة: وقال الصندوق: "وفقا للوتيرة الحالية للتلقيح، من المتوقع أن تصل تغطية عملية التطعيم في المتوسط إلى نحو 40 بالمائة من السكان بحلول منتصف عام 2022 و70 بالمائة بنهاية عام 2022".
الأخبار السارة: أوضح الصندوق أن مصر من بين "الدول القليلة" التي شهدت تعافيا كبيرا في النصف الثاني من عام 2020 والربع الأول من عام 2021 إلى جانب تحقيق نمو اقتصادي قوي. وتشير البيانات الحكومية لهاتين الفترتين (النصف الأول من 2021/2020 والربع الثالث من 2021/2020) إلى تحقيق نمو اقتصادي قدره 1.3% و2.9% على الترتيب.
مصر تحقق تقدما على صعيد التوظيف: قال صندوق النقد الدولي: "على الرغم من أن عددا قليلا من البلدان قد شهد انتعاشا قويا في النصف الثاني من عام 2020 والربع الأول من عام 2021 (مثل مصر وجمهورية قيرغيزستان وأوزبكستان) … فإن التوظيف في معظم البلدان لا يزال دون ما كان عليه قبل الجائحة".
لا تزال الاحتياجات التمويلية في المنطقة مرتفعة: قال التقرير إن إجمالي الدين الحكومي للدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك مصر، ارتفع بشكل كبير خلال جائحة "كوفيد-19"، وأضاف أن ذلك أدى إلى زيادة بنحو 50% في "إجمالي الاحتياجات التمويلية خلال 2022/2021" لتصل إلى 390 مليون دولار مقارنة بالفترة 2019/2018.
من المتوقع أيضا أن يصل إجمالي الدين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 91.7% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام، مقارنة بـ 86.8% في عام 2020. ومن المتوقع أن ينخفض تدريجيا بعد ذلك خلال الفترة بين عامي 2022 و2026، ليصل في النهاية إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول عام 2023، وفقا لما قاله صندوق النقد الدولي. وأشار الصندوق إلى أنه من المتوقع أن تصبح مستويات الدين أقل مما كانت عليه قبل جائحة كوفيد في دول مثل مصر والأردن، وأعلى في دول من بينها تونس وذلك جراء "الديناميكيات المتباينة عبر البلدان على المدى المتوسط".
تأتي هذه التوقعات المحدثة لصندوق النقد الدولي تجاه المنطقة بعد أيام قليلة من إصدار الصندوق لتقرير آفاق الاقتصاد العالمي، والذي قال فيه إن التعافي العالمي من الجائحة مهدد في ظل عدم المساواة في توزيع اللقاحات، وأشار إلى اتساع الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية.
من الموضوعات الأخرى التي أثيرت في التقرير:
- البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة عرضة لخطر موجة جديدة من فيروس "كوفيد-19"، وتلك التي تأخرت في عملية التطعيم إما أنها بلدان منخفضة الدخل أو تعاني من النزاعات وتعتمد على الدعم متعدد الأطراف للحصول على اللقاحات.
- يحد التضخم من النمو المدفوع بالتحفيز النقدي في البلدان الناشئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤدي إلى تفاقم مشكلة "محدودية حركة السياسة المالية" والارتفاع الكبير في أسعار السلع.
- لا يزال من المتوقع أن يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي دون توقعات ما قبل الأزمة بنحو 2.4% في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرجع ذلك بالأساس إلى عدم المساواة في عملية التعافي.
- عدم المساواة في المنطقة آخذ في الارتفاع، مع انخفاض معدلات العمالة الماهرة ومع كون فئات الشباب والمرأة والعمال المهاجرين الأكثر تضررا من الجائحة، إلى جانب الشركات الصغيرة، لا سيما تلك الموجودة في القطاعات الأكثر عرضة لتلك التأثيرات.