بحر البقر… رقم قياسي جديد لمصر في معالجة مياه الصرف الصحي
افتتحت مصر هذا الأسبوع أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف في العالم: يعد أحد أكبر التحديات التي تواجه مصر في السنوات القادمة هو تأمين ما يكفي من المياه التي تفي باحتياجات النمو السكاني المتسارع والاقتصاد الآخذ في التوسع. ولكن مع التهديدات المتمثلة في تغير المناخ وأزمة سد النهضة الإثيوبي والتي قد تؤثر على إمدادات البلاد من مياه النيل، يتعين على صانعي السياسة اللجوء إلى مصادر بديلة لتجنب الإجهاد المائي.
حول محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر: افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي أول أمس الاثنين محطة بحر البقر لمعالجة مياه الصرف بتكلفة 18 مليار جنيه، والتي تعد الأكبر من نوعها في العالم، إذ تقوم بمعالجة نحو 5 ملايين متر مكعب من المياه يوميا. ويوجد بالمحطة التي تبلغ مساحتها 155 فدانا أربعة خطوط معالجة، بقدرة معالجة 1.25 مليون متر مكعب من المياه يوميا لكل منها.
بدأ العمل على المحطة منذ أكثر من عامين عندما وقع تحالف من شركتي أوراسكوم كونستراكشون والمقاولون العرب في عام 2019 عقدا بقيمة 739 مليون دولار مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بغرض إنشاء وصيانة وتشغيل محطة لمعالجة مياه مصرف بحر البقر بالشرقية خلال الخمس سنوات المقبلة.
ستعمل المحطة على معالجة المياه من مصرف بحر البقر: ويمتد المصرف، الذي يقع شرق قناة السويس، بطول 190 كيلو متر، ويربط الجزء الشرقي من القاهرة الكبرى ببحيرة المنزلة غرب بورسعيد.
كان مصرف بحر البقر يعتبر من أكثر المصارف تلوثا في البلاد، وفقا لورقة بحثية صدرت عام 2018 (بي دي إف)، حيث تصب فيه في نهاية المطاف النفايات الصناعية ومياه الصرف من القاهرة والصرف الزراعي والمبيدات والأسمدة من الدلتا. وسجلت تقييما منخفضا تراوح بين 37 و48 على مؤشر جودة المياه.
يجري استخدام الكثير من هذه المياه للري وصيد الأسماك: ويعاد استخدام المياه المتدفقة إلى المصرف من المزارعين في الري، في حين يصل إلى بحيرة المنزلة – التي تعد موقع صيد مهم – 60 متر مكعب من مياه الصرف من المصرف كل ثانية.
المحطة هي جزء واحد فقط من مشروع أضخم الذي يضم أيضا محطات ضخ ومسار ناقل للمياه، ومن المتوقع أن الانتهاء منها جميعا نهاية عام 2022. وقدر الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والذي يساعد في تمويل المشروع، التكلفة الإجمالية للمشروع في عام 2019 – بما في ذلك الأراضي والاستشارات والمنشآت الزراعية المرتبطة به – بنحو 44 مليار جنيه.
كل هذا يعني المزيد من الأراضي الزراعية: ستساهم المحطة في استصلاح المزيد من الأراضي وزراعة الأراضي شرق قناة السويس في سيناء، إذ سيجري إرسال المياه من المحطة لري نحو 475 ألف فدان من الأراضي على الأقل.
مصادر تمويل المشروع: قدمت صناديق خليجية حتى الآن 220 مليون دينار كويتي (نحو 11.5 مليار جنيه). وقدم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية قرضين بقيمة 75 مليون دينار كويتي (نحو 3.9 مليار جنيه)، كما قدم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي قرضا بقيمة 145 مليون دينار كويتي (7.5 مليار جنيه) على شريحتين، إحداها بقيمة 70 مليون دينار كويتي في عام 2018 والثانية بقيمة 75 مليون دينار كويتي في العام التالي، ويمول القطاع الخاص الجزء المتبقي من التمويل.
تعد محطة بحر البقر جزءا من برنامج تنمية سيناء، وهو عبارة عن مجموعة من مشاريع البنية التحتية ومبادرات التنمية التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد المحلي ورفع مستوى المعيشة لسكان المنطقة. وأنفقت الحكومة بين عامي 2014 و2020 ما بين 600-700 مليار جنيه على مجموعة متنوعة من المشاريع في عدة قطاعات من بينها النقل والري والصرف والبنية التحتية للإسكان.
المحطة تدخل موسوعة جينيس: في مقابلة تلفزيونية أجريت في وقت سابق من هذا الأسبوع (شاهد 12:32 دقيقة)، قال الرئيس التنفيذي للشريك المحلي لموسوعة جينيس أحمد مقلد إن محطة بحر البقر حطمت ثلاثة أرقام قياسية في موسوعة جينيس، لأنها ليست فقط أكبر محطة معالجة في العالم، إذ تقوم بمعالجة 64.8 متر مكعب من المياه في الثانية، بل لأنها أيضا أكبر محطة لمعالجة الحمأة وأكبر محطة لتوليد الأوزون وتشغيله في العالم.
مصر تواصل تحطيم أرقامها القياسية في مشروعات المياه: تعاقدت الحكومة منتصف فبراير الماضي مع تحالف يضم أوراسكوم كونستراكشون وحسن علام للإنشاءات والمقاولون العرب وشركة ماتيتو الإماراتية لمعالجة المياه، لإنشاء محطة معالجة مياه الصرف الزراعي بمنطقة الحمام في الساحل الشمالي بقدرة 6 ملايين متر مكعب يوميا- أي أكبر من قدرة محطة بحر البقر- توجه إلى ري نحو نصف مليون فدان من الأراضي في منطقة دلتا النيل. ومن المتوقع البدء في المحطة في فبراير المقبل.
يأتي إنشاء المحطة فيما تواجه مصر ضغوطا مائية متزايدة: سيعني ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتسارع الزيادة السكانية إلى جانب توسع الاقتصاد أن مصر ستواجه في مسارها الحالي ضغوطا مائية متنامية خلال السنوات المقبلة. كما أشارت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن مصر قد تواجه أزمة ندرة مياه شديدة خلال العقد الحالي ولن تكون مياه نهر النيل وحدها كافية. كما تأتي مصر ضمن الدول التي تعاني من الشح المائي لا سيما وأن النصيب السنوي للفرد يبلغ 560 مترا مكعبا، وهو أقل بمقدار النصف تقريبا من مستوى الألف متر مكعب لندرة المياه عالميا، حسبما أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي للأمم المتحدة في وقت سابق.
ولا تزال مصر تعتمد بشكل كبير على مياه نهر النيل، ولا تزال قدرتها على إعادة استخدام المياه محدودة. وتمكنت البلاد من توفير أقل من 20% من إمدادات المياه السنوية من مياه الصرف المعالجة في عام 2019/2018. ومن الـ 80.25 مليار متر مكعب التي جرى استخدامها في ذلك العام، وفرت محطات معالجة المياه 13.65 مليار متر مكعب فقط، مقارنة بـ 55.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل. وتدرك الحكومة هذا الأمر جيدا، لذا جعلت من إنشاء المزيد من محطات معالجة المياه جزءا أساسيا من استراتيجيتها المائية، إلى جانب خطتها التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الجنيهات لزيادة طاقة تحلية مياه البحر في البلاد.
سد النهضة يفاقم الأزمة: أخفقت مصر وإثيوبيا والسودان حتى الآن في التوصل إلى اتفاق بشأن حصص الدول الثلاث في مياه نهر النيل بعد الانتهاء من سد النهضة في غضون سنوات قليلة، ما يعزز من احتمالات أن تواجه مصر نقصا كبيرا في نصيبها من مياه النيل. ووفقا لبعض التقديرات، يمكن أن تخسر مصر 12% من إجمالي الرقعة الزراعية بها إذا فقدت 5 مليارات متر مكعب من مياه النيل بشكل دائم بسبب السد.
ومن أبرز أخبار البنية التحتية هذا الأسبوع:
- بعض شركات مواد البناء غير راضية عن خفض إمدادات الأسمنت: تعتزم شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية الاجتماع هذا الأسبوع لمطالبة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بوقف قرار السماح لشركات الأسمنت بخفض الإنتاج، إذ يضع ارتفاع الأسعار الشركات في القطاع تحت ضغوط. وبدأ تطبيق هذه التخفيضات في يوليو الماضي للحد من تراجع أسعار الأسمنت بسبب زيادة المعروض.
- شل تستكمل التخارج من أصولها في الصحراء الغربية: استحوذت شركة شيرون المصرية وشريكتها كيرن إنرجي المدرجة في المملكة المتحدة على أصول شركة شل البرية في الصحراء الغربية في صفقة بقيمة 926 مليون دولار.
- إحدى الشركات التابعة لشركة بالم هيلز للتعمير ستحصل على قرض بقيمة 2.5 مليار جنيه من بنكي مصر والأهلي المصري لتنفيذ مشروع بالم هيلز القاهرة الجديدة.