تماشيا مع التوقعات.. المركزي يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة السادسة على التوالي
أبقت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير للمرة السادسة على التوالي، في اجتماعها الخميس الماضي، في مسعى من صانعي السياسة النقدية إلى السيطرة على التضخم، بحسب بيان صادر عن البنك المركزي (بي دي إف). ويظل سعرا العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 8.25 و9.25% على الترتيب، وسعر العملية الرئيسية عند 8.75% بحسب البنك المركزي الذي أبقى أيضا على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 8.75%.
القرار كان متوقعا من قبل جميع المحللين والاقتصاديين الـ 12 الذين استطلعت إنتربرايز آراءهم قبل الاجتماع. وجاءت التوقعات بأن يحافظ البنك المركزي على معدلات عند مستوياتها الحالية لإبقاء الضغوط التضخمية تحت السيطرة وسط ارتفاع أسعار السلع العالمية، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الطاقة والمواد الخام محليا.
يتوافق القرار مع "النطاق المستهدف للتضخم والبالغ 7% (±2%) في المتوسط حتى الربع الرابع من عام 2022، واستقرار الأسعار المحلية على المدى المتوسط"، بحسب البنك المركزي.
الاقتصاد المصري لا يزال مدعوما "بالمساهمات الموجبة لقطاعات التجارة والتشييد والبناء والاتصالات، بالإضافة إلى قطاع استخراجات الغاز الطبيعي"، كما تظهر المؤشرات أيضا تحسن على مستوى أغلب القطاعات، وفق ما أكده البنك المركزي في بيانه.
وفي نفس الوقت رجح المركزي، استمرار الظروف الاقتصادية العالمية في كونها "ملائمة وداعمة للنشاط الاقتصادي على المدى المتوسط"، إلا أن الأمر يعتمد على "فعالية اللقاحات وقدرة الدول على احتواء انتشار الجائحة، لا سيما في ظل ظهور سلالات جديدة من الفيروس مؤخرا".
الأسعار المحلية ظلت مستقرة رغم ارتفاع أسعار السلع العالمية: في مفاجأة إيجابية، تباطأ التضخم في يوليو حيث انخفض المعدل الرئيسي السنوي إلى 4.2% متأثرا بسنة الأساس المواتية وانخفاض أسعار المواد الغذائية محليا. وارتفع التضخم السنوي في المدن إلى 4.9% بوتيرة أبطأ من المتوقع في يونيو، بعدما تسارعت المعدلات بأسرع وتيرة لها العام الحالي في مايو لتصل إلى 4.8%. لا يزال معدل التضخم أقل من الحد الأدنى للنطاق المستهدف من البنك المركزي منذ بداية 2021. ولا يرغب المنتجون المحليون في التأثير على حجم مبيعاتهم عبر رفع الأسعار محليا، في محاولة لتجنب الضغط على الطلب الهش خاصة في ظل القوة الشرائية الضعيفة، حسبما قالت رئيسة قسم البحوث لدى فاروس رضوى السويفي في تصريحات لإنتربرايز.
لكن الضغوط التضخم في الأفق: من المتوقع ارتفاع قراءة التضخم في يوليو وأغسطس إلى متوسط 5.5-6.5%، بحسب السويفي. ومن المحتمل أن يكون التضخم مدفوعا بارتفاع فاتورة الكهرباء وأسعار السجائر مع بداية شهر يوليو، إضافة إلى أسعار الوقود، التي ارتفعت أيضا خلال الربع الثاني على التوالي في يوليو، كما ترجح السويفي، أن يلقي ارتفاع أسعار السلع العالمية بظلاله على التضخم محليا.
وهناك أيضا تأثير سنة الأساس: "من المتوقع استمرار التأثير السلبي لسنة الأساس على المعدلات السنوية للتضخم على المدى القريب"، وفقا لبيان البنك المركزي. وكان التضخم السنوي العام قد بلغ في الشهرين المقابلين من العام الماضي 4.2% في يوليو 2020، و3.4% في أغسطس 2020.
وتعد مصر واحدة من أكثر البلدان جاذبية في تجارة الفائدة على مستوى العالم بامتلاكها أحد أعلى أسعار العائد الحقيقية عالميا، وهو ما ساعد في التصاعد المستمر في استثمارات الأجانب في محفظة أدوات الدين منذ مايو 2020، بعد الموجة البيعية التي شهدتها الأسواق الناشئة بشكل عام خلال الموجة الأولى من الجائحة في مارس 2020.
والعديد من الأسواق الناشئة باتت تشدد سياستها النقدية ردا على ارتفاع التضخم: رفعت روسيا والمكسيك وتشيلي أسعار الفائدة مؤخرا أسعار الفائدة، فيما قررت البرازيل يوم الخميس الماضي رفع الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، وهي الزيادة الأكبر منذ عام 2003.
لكن مصر لا تزال تقدم قيمة جذابة للغاية من حيث مقاييس المخاطرة والعائد، نظرا لانخفاض المخاطر والعائد المرتفع مقارنة ببقية بلدان الأسواق الناشئة الأخرى، لا سيما البرازيل، حسبما تضيف السويفي.
الحيازات الأجنبية عند مستوى مطمئن: تبلغ حيازات الأجانب من الدين المحلي حاليا نحو 28 مليار دولار، وفق ما ذكره وزير المالية محمد معيط في تصريحات لقناة العربية يوم الخميس. ولا تزال الحيازات مستقرة عند المستوى الذي سجلته في مايو الماضي، عندما صرح معيط أن الحيازات بين 28-29 مليار دولار، وفي فبراير عندما سجلت مستوى قياسيا بلغ 28.5 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة المزيد من التدفقات خلال العام الجاري: تنتظر الحكومة نحو 3-4 مليارات دولار إضافية من التدفقات الأجنبية إلى سوق الديون الحكومية، إذا أصبحت الديون المصرية المصرية "قابلة للتسويق باليورو" بعودة السندات بالجنيه المصري إلى مؤشر جي بي مورجان للأسواق الناشئة في وقت لاحق من العام الجاري.
نظرة مستقبلية: انقسم المحللون حول ما إذا كان البنك المركزي سيقدم على تخفيض أسعار الفائدة هذا العام، حيث يرى المحلل في أرقام كابيتال نعمان خالد: " نافذة لخفض سعر الفائدة بنهاية العام مع انطلاق السياحة كبديل رئيسي لتدفقات الديون المحلية" ومع ذلك يتوقع رينيسانس كابيتال ومنى بدير من برايم القابضة، أن يتوقف المركزي عن إجراء المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة لبقية العام. وبالنسبة لعام 2022، توقع معظم المحللون ممن استطلعت إنتربرايز، آرائهم أن يستأنف البنك المركزي دورة التيسير النقدي طوال عام 2022، حيث من المرجح أن يظل التضخم تحت السيطرة وأقل من النطاق المستهدف.