زيادة الطلب على النحاس تهدد مستقبل التحول الأخضر
حذر خبراء الأسواق من نقص في النحاس قد يطرق أبوابنا عاجلا وليس آجلا. يكمن سبب هذا النقص المرتقب في المعدن الأساسي بسبب الطلب الضخم عليه رغم ارتفاع الأسعار، ويرجع الفضل في ذلك إلى أهميته في الصناعات الخضراء في المستقبل بما في ذلك إنتاج السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية.
لماذا يجب أن نهتم بهذه المشكلة؟ لم نشهد حتى الآن ترجمة الأسعار المرتفعة الجديدة إلى معروض جديد، وإذا لم يحدث ذلك، فإن العالم سيواجه خطر حدوث نقص لا مفر منه والذي سيسفر بدوره عن عواقب وخيمة، وفق ما يوضحه هذا الفيديو من سي إن بي سي (شاهد 8:52).
أهمية المعدن: سيصبح النحاس المكون الرئيسي في التحول الأخضر العالمي لأن السيارات الخضراء تحتاج إلى نحو أربعة أضعاف كمية النحاس مقارنة بالمعادن الأخرى التقليدية، كما تحتاج شبكات الطاقة المتجددة، التي سيعتمد عليها العديد من دول العالم في المستقبل، أيضا إلى الكثير من هذا المعدن أكثر مما تنتجه الصناعة العالمية حاليا. جميع ما سبق يعني زيادة محتملة في الطلب مع مرور الوقت.
قفزت الأسعار منذ تفشي الجائحة عالميا: ارتفعت أسعار العقود الآجلة لأكثر من الضعف منذ مارس 2020 وبلغت مستوى قياسيا في مايو بسبب اتساع الفجوة بين العرض والطلب.
ولا ترجع أسباب ذلك فقط إلى البلدان التي تكثف جهودها في التقنيات الخضراء: ساهم الاضطراب التجاري المرتبط بالجائحة والمشكلات المحلية في الدول الكبرى المنتجة للنحاس والتضارب الذي تقوده الحزم التحفيزية في تغيير ديناميات العرض والطلب.
وقد يهدد ذلك طموحات إنقاذ الكوكب: حذرت وكالة الطاقة الدولية في مايو الماضي من أن تعيق الأسعار المرتفعة التحول إلى التقنيات الخضراء. سيرتفع الطلب على النحاس وغيره من المعادن بمعدل أربع مرات إذا لم يحقق العالم أهداف اتفاق باريس للمناخ، وهو مسار لن يكون مستداما بمستويات الأسعار الحالية، وفق ما قاله المدير التنفيذي للوكالة الدولية فاتح بيرول.
الحاجة إلى تكثيف جهود التعدين: ليست المسألة أنه ليس لدينا نحاس كاف، لكن في واقع الأمر، استخرج البشر نحو 12% فقط من النحاس الموجود على الكوكب عبر التاريخ، ويجري تداول الكثير مما جرى استخراجه وإعادة استخدامه. الأزمة الحقيقة هي أن البنية التحتية الحالية للتعدين وإعادة التدوير عاجزة على مواجهة الطفرة المتوقعة التي تقودها "ثورة الطاقة الخضراء".
القضايا المحلية: توفر تشيلي وبيرو ما يقرب من 40% من إمدادات العالم من النحاس لكن الأحداث الأخيرة تبطئ من قدرة البلدين في التوسع في الإنتاج. اعتمدت تشيلي قواعد بيئية جديدة خلال العام الجاري وربما تقر أيضا رسوم جديدة، وكلا القرارين يجعلان تعدين النحاس أقل ربحية. في بيرو، لم يجر الانتهاء من مشروع نحاس بقيمة 1.4 مليار دولار كان من المفترض أن يبدأ العمل في 2011 بسبب معارضة المشروع محليا.
علامة على النمو الاقتصادي: تعتبر سوق النحاس عادة مؤشرا على النمو الاقتصادي نظرا لشيوع استخدامه. غالبا ما يطلق العاملون في الصناعة على المعدن مازحين "د. نحاس" للتأكيد على أهميته وتأثيره على الاقتصاد. لذلك، طالما أن الطلب مرتفع على النحاس والإمدادات تواكب هذا الطلب، إذن فالأخبار عن أي طفرة في الطلب عليه تعد جيدة للاقتصاد.