أزمة أشباه الموصلات مستمرة وتضر بالقدرات الإنتاجية
أزمة أشباه الموصلات العالمية باقية: ربما تستغرق الأزمة العالمية في أشباه الموصلات اللازمة لصناعة الأجهزة الإلكترونية عدة سنوات، لأن المصانع المنتجة لا تزال بحاجة إلى إضافة عدد كبير من خطوط الإنتاج، حسبما قال الرئيس التنفيذي لشركة إنتل بات جيلسنجر لحضور معرض كومبيوتكس الافتراضي في تايبيه اليوم (شاهد 43:50 دقيقة). وتعمل الشركات على معالجة العجز قصير الأجل الذي نتج عن زيادة الطلب بشكل ضخم مع اتجاه الملايين إلى العمل والدراسة من المنزل خلال الوباء، لكن الأمر ربما يستغرق "عامين على الأقل حتى يتمكن النظام البيئي من التغلب على نقص المسبوكات والمادة الفعالة والمكونات"، طبقا لجيلسنجر. وسبق أن أعلن رئيس شركة فوكسكون للإلكترونيات يونج ليو، والذي يقود شركة أخرى ذات وزن ثقيل في القطاع، أن الأزمة مستمرة حتى بداية عام 2022 فقط.
جيلسنجر ليس أول رئيس تنفيذي يحذرنا من طول مدة الأزمة: سبق وحذر تشاك روبينز الرئيس التنفيذي لشركة سيسكو من أننا ربما نحتاج إلى ستة أشهر أخرى قبل انتعاش الإنتاج مجددا، موضحا أنه حتى هذا سيكون علاجا قصير المدى، في حين أننا سنحتاج إلى ما بين 12 إلى 18 شهرا قبل أن يتمكن مقدمو الخدمة من تعزيز قدراتهم. وفي تلك الأثناء تخوض الشركات منافسة شرسة على المخزون المتاح من أشباه الموصلات، وهو ما وصفه الرئيس التنفيذي لشركة نوكيا بيكا لوندمارك في حديثه لوكالة بلومبرج بأنه "معركة يمكن أن تستمر لمدة عام أو حتى عامين".
الأزمة تؤثر على المصنعين والمستهلكين سواء بسواء: اضطرت شركات مثل أبل وسامسونج إلى تقليص إنتاجها، وأعلنت إرجاء إصدارات أحدث هواتفها الذكية. وتسعى سوني ومايكروسوفت أيضا لمواكبة الطلب على منصاتها للألعاب، ومن المرجح أن ترفعا الأسعار في حالة عدم وجود المزيد من الرقائق. حتى الشركات المصنعة للأجهزة المنزلية مثل ويرلبول الأمريكية التي تنتج أجهزة الميكروويف والثلاجات، تكافح لتلبية الطلب على سلعها بسبب نقص بنسبة 10% في الرقائق في مارس الماضي.
من المتوقع أن تتلقى شركات صناعة السيارات الأمريكية الضربة الأكبر، وتخسر ما يقرب من 60 مليار دولار من المبيعات هذا العام بسبب الظروف الصعبة في السوق. وقلصت شركة فورد موتورز بالفعل حجم إنتاجها بمقدار 1.1 مليون وحدة هذا العام بسبب نقص أشباه الموصلات، وهو ما يعني خسارتها 2.5 مليار دولار من المبيعات، وفقا لأحدث إفصاح للشركة (بي دي إف). لكن رغم هذا فإن أسهم أشباه الموصلات آخذة في الارتفاع، إذ قفزت أسهم شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC)، أكبر لاعب في القطاع، بنسبة 11% هذا العام.
وفي مصر، تعرض قطاع صناعة السيارات لصدمة مماثلة، إذ اضطرت الشركات الكبرى ومنها جي بي أوتو إلى خفض الإنتاج. وعجز مصنعو السيارات عن الحصول على ما يكفي من المكونات الرئيسية المستخدمة للتحكم في الأنظمة الكهربائية في المركبات خلال الأشهر القليلة الأولى من عام 2021، حسبما صرح الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات خالد سعد في بداية مايو.
شركات التكنولوجيا الكبرى ليست وحدها في المأزق: المنتجات التي تعتمد بشكل قليل على التكنولوجيا، مثل المصابيح الكهربائية وأفران التحميص والغسالات وقطع غيار السيارات، والتي زاد اعتمادها على أشباه الموصلات في السنوات الأخيرة لتزويد المستهلكين بأنظمة تحكم ذكية، بدأت تعاني أيضا من الأزمة. وتتفاقم المشكلة بشكل خاص مع هذه الشركات لأن معظمها يوجه إنتاجه نحو مجموعة متنوعة من أشباه الموصلات الأكثر تطورا وتكلفة، مما يعني أن الأمر قد يستغرق وقتا أطول قبل أن نرى انتعاشا في العرض.
كيف تتصرف الشركات؟ تتوقع شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (تي إس إم سي) أن ترفع من نفقاتها الرأسمالية إلى 28 مليار دولار هذا العام، مقابل 18 مليار دولار قبل عام واحد، بينما من المرجح أن تنفق سامسونج نحو 116 مليار دولار على مدى العقد المقبل لتوسيع عملياتها. وتتطلع إنتل، الشركة الرائدة في مجال تصنيع الرقائق، إلى الاستفادة عبر إنفاق 20 مليار دولار لإنشاء مصنعين جديدين في ولاية أريزونا وفتح مصانعها الحالية للعملاء الخارجيين.
في الولايات المتحدة، يجري العمل على توفير حوافز ضريبية للمصنع الذي تنوي شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات تأسيسه في أريزونا بقيمة 12 مليار دولار، ومصنع سامسونج الذي من المحتمل إنشاؤه في تكساس بقيمة 17 مليار دولار، للمساعدة في تعزيز سلسلة التوريد المحلية واستقلال صناعة أشباه الموصلات. ويمكن أن يتحرك الاتحاد الأوروبي أيضا في نفس الاتجاه، إذ تتركز الأنظار على تعزيز إنتاج الرقائق لتصل إلى 20% من السوق العالمية بحلول عام 2030، بمساعدة سامسونج وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات.
ما الذي يسبب الأزمة بالتحديد؟ اقتطع الطلب الكبير على الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة خلال الجائحة جزءا كبيرا من الإمداد العالمي من الرقائق في العام الماضي. وفي الوقت نفسه، خفض مصنعو السيارات، الذين يعتمدون أيضا بشكل كبير على أشباه الموصلات، طلباتهم الجديدة من الرقائق تحسبا للتعافي على المدى الطويل من الوباء. لكن مصنعي الرقائق أصيبوا بصدمة عندما انتعش استئناف الطلب على السيارات في وقت سابق من العام الجاري، فهرعوا لتقديم طلبات جديدة للرقائق، مما تسبب في أزمة في العرض. وجاء ذلك في وقت تعرضت فيه سلسلة إمداد الرقائق المتعثرة بالفعل لمزيد من الأزمات، بفعل سلسلة من الحرائق في المصانع اليابانية وجفاف كبير في تايوان وعاصفة ثلجية في تكساس، مما أجبر منشآت التصنيع الرئيسية على الإغلاق وعطل الإنتاج بشكل كبير.
وهناك المزيد: بعض الشركات المصنعة لأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، مثل هواوي، بدأت في وقت مبكر في تخزين أشباه الموصلات تحسبا للنقص، مما زاد من نقصها في السوق. وهناك كذلك التخزين الكبير في الصين، والتي شهدت إنفاق الشركات نحو 380 مليار دولار على الرقائق عام 2020 بسبب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والتي هددت بمنع وصولها إلى الشركات المصنعة، مما أدى إلى استنفاد المخزونات المتاحة من رقائق السيليكون بصورة أكبر.
وقد تناولنا تلك الأزمة بالتفصيل وقت أن تصدرت عناوين الأخبار لأول مرة في فبراير الماضي. اضغط هنا لقراءة شرح إنتربرايز للأزمة.