وداعا "إيفر جيفن"
هناك ما لا يقل عن 113 سفينة ستعبر الممر الملاحي لقناة السويس في كلا الاتجاهين منذ استئناف حركة الملاحة بالقناة مساء أمس وحتى الساعة الـ 8 صباح اليوم، كما سيكون هناك المزيد من السفن التي ستعبر القناة بعد ذلك، بحسب تصريحات رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع في مؤتمر صحفي عقد أمس (شاهد 32:00 دقيقة). وعادت حركة الملاحة البحرية بقناة السويس لطبيعتها أمس بعد تعويم السفينة العملاقة "إيفر جيفن" والتي جنحت لتسد المجرى الملاحي طيلة ستة أيام، مما استدعى القيام بأعمال تكريك هائلة وأيضا الاستعانة بالعديد من القاطرات لتحريك السفينة.
هناك ما يقرب من 422 سفينة عالقة حاليا بسبب السفينة الجانحة وسيتطلب الأمر 3 إلى 4 أيام لعبور هذا العدد الكبير من السفن من خلال القناة، وفقا لما قاله رئيس الهيئة. وقررت العشرات من السفن تغيير خطها الملاحي إلى طريق رأس الرجاء الصالح.
التحقيقات الآن جارية لتحديد الأسباب وراء أزمة السفينة الجانحة وأيضا تحديد المسؤول عنها، على أن يسمح بعد ذلك للسفينة بمغادرة مصر. وتشير التقارير الأولية إلى أن سفينة "إيفر جيفن"، التي تديرها شركة "إيفر جرين" التايوانية جنحت بعرض القناة بعد أن تسببت الرياح الشديدة والعاصفة الترابية في أن فقد طاقم السفينة السيطرة عليها بينما كانت في طريقها إلى روتردام الهولندية قادمة من الصين. وستبحث التحقيقات أيضا احتمالية وقوع خطأ بشري وسيخضع للتحقيق كل من قائد السفينة واثنين من المرشدين كانا على متن السفينة وكان المنوط بهم تقديم المشورة بشأن توجيه السفينة، بحسب صحيفة واشنطن بوست. وأشارت الصحيفة إلى أنه، ووفقا للقانون المصري فإن المرشدين لا يتحملون مسؤولية أية أضرار تلحق بالسفن التي يكونون على متنها.
وبمجرد الانتهاء من التحقيقات، ستقوم هيئة قناة السويس بدراسة تقديم التعويضات اللازمة للسفن التي ظلت عالقة خلال فترة توقف الملاحة، بحسب تصريحات ربيع. وأشار إلى أن فترة توقف حركة الملاحة بالقناة والتي امتدت لستة أيام أثرت على الإيرادات اليومية للقناة والتي تقدر بنحو 15 مليون دولار. وقال رئيس هيئة قناة السويس في وقت سابق إن إيرادات القناة تتراوح ما بين 12 إلى 14 مليون دولار يوميا وإنها تأثرت بحادث جنوح السفينة. وقال رئيس هيئة قناة السويس السابق ومستشار رئيس الجمهورية مهاب مميش خلال مداخلة مع أحمد موسى في برنامج "على مسؤوليتي" إنه يحق لمصر مطالبة الشركة الملكة لإيفر جيفن بتعويضات (شاهد 16:52 دقيقة).
هناك أخبار جيدة أخرى، وهي أن ميزان المدفوعات الخاص بمصر لن يشهد تأثيرات كبيرة بسبب حادث السفينة الجانحة، وذلك بفضل عائدات قناة السويس التي تفوقت على أية خدمة أخرى عابرة للحدود خلال أزمات سابقة، بحسب ما قالته مؤسسة موديز في تقرير المراجعة الدورية للتصنيف الائتماني لمصر، والذي لم يتضمن أية تحديثات تخص التصنيف الائتماني أو النظرة المستقبلية لمصر. وأشارت الوكالة إلى أن إيرادات قناة السويس ظلت مستقرة تقريبا، إذ تراجعت بنسبة 0.7% فقط خلال جائحة "كوفيد-19" والتي أثرت على الاقتصاد العالمي خلال 2020. وقالت موديز: "نتوقع عدم تأثر المصدرين الآخرين الذين يعتمدون على قناة السويس، ومن بينهم الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط لغياب الاضطراب الممتد". وأكدت الوكالة التصنيف الائتماني لمصر عند B2، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
المزيد من الأخبار الجيدة: من المتوقع أن يسهم إعادة تعويم السفينة الجانحة في تعزيز حركة ثقة شركات الشحن في قناة السويس، لا سيما أن عملية الإنقاذ واستئناف حركة الملاحة تمت بأسرع مما كان متوقعا، حسبما ذكر مميش في مداخلة مع عمرو أديب في برنامج "الحكاية" (شاهد 1:09 دقيقة).
من ناحية أخرى، استغلت روسيا أزمة السفينة الجانحة للحديث عن مميزات مسار بحر الشمال التابع لها وكيف أنه يعد بديلا آمنا لقناة السويس، بحسب وكالة رويترز. وكانت موسكو صرحت عام 2019 أنها تخطط لجعل مسار بحر الشمال نشطا على مدار العام (وليس فقط خلال الفترة من يوليو وحتى أكتوبر) بحلول 2030 وأنها ستقدم التغطية التأمينية لشركات الملاحة التجارية التي تتحمل المخاطر المتمثلة في حدوث اضطرابات في سلاسل التوريد.
ولكن لا ينبغي القول بضرورة حفر قناة جديدة للحفاظ على تنافسية قناة السويس، إذ أنه ليست هناك جدوى اقتصادية لمثل هذه الخطوة، وفقا لما قاله ربيع في المؤتمر الصحفي أمس.
وما زال خبر تعويم السفينة يأتي في صدارة تغطية الصحافة العالمية لمصر هذا الصباح، كما في وول ستريت جورنال، وبلومبرج، ورويترز، وسي بي إس نيوز، وبي بي سي.