سياسات أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة تهدد بمزيد من التقلبات
تواجه البنوك المركزية في الأسواق الناشئة معضلة تاريخية، وهي الحيرة بين رفع أسعار الفائدة للإبقاء على مستويات التضخم منخفضة، أو السماح للتضخم بالارتفاع وسكب مزيد من الزيت على النار. وقد يؤدي الاختيار الأول للتحكم في ضغوط الأسعار، في الوقت الذي يتعافى فيه العالم من تداعيات "كوفيد-19"، ولكنه قد يتسبب في وقف النمو بسبب أسعار الفائدة المرتفعة.
ظهر الصراع بين الحاجة للنمو والخوف من ارتفاع التضخم جليا الأسبوع الماضي، عندما رفعت عدة بنوك مركزية أسعار الفائدة بشكل غير متوقع تحسبا لارتفاع متسارع في التضخم. ورفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة لأول مرة منذ 2018، فيما رفعتها البرازيل لأول مرة منذ 6 سنوات وبنسب تجاوزت توقعات الاقتصاديين.
في كلا الحالتين، "ربما يؤدي الشد والجذب بين السياسات الاحتوائية والنمو المطرد إلى زيادة التقلبات"، بحسب كريستيان كيلير ومايكل جابين من باركليز كابيتال، في تقرير نشرته بلومبرج. ويعزز ارتفاع تكاليف الاقتراض في الولايات المتحدة بالتحديد من تحديات الأسواق الناشئة، خاصة مع ارتفاع عائدات سندات الخزانة وقوة الدولار.
السندات الأمريكية شهدت موجة بيعية عنيفة في الأسابيع الماضية، وسط مخاوف من زيادة التضخم وارتفاع سابق لتوقعات أسعار الفائدة من المستثمرين ذوي الدخل الثابت. واستمر العائد على سندات أجل 10 سنوات مرتفعا الأسبوع الماضي لفترة هي الأطول منذ بدايات 2018، وذلك للأسبوع السابع على التوالي، طبقا لبلومبرج.
قد يشكل ارتفاع العائدات في الولايات المتحدة تكاليف اقتراض أعلى في الأسواق الناشئة. ويقول داني فانج المحلل في بنك بي بي في إيه، إن الارتفاع المستمر في عائدات سندات الخزانة الأمريكية إلي جانب ارتفاع التضخم الناتج عن الحزمة التحفيزية، "سيؤدي لمزيد من الآلام" بالنسبة للأسواق الناشئة. ويوضح أن بعض الأسواق الناشئة لديها أيضا مخاوف بشأن التضخم، ولكن بالنظر لما هو أبعد، فأسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة قد تزيد أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة أيضا على المدى القصير.
حتى الآن، تبعث أصول الأسواق الناشئة برسائل متناقضة، إذ ارتفعت العملات الأسبوع الماضي بعد أطول موجة من الخسائر الأسبوعية منذ أغسطس 2019، بحسب بلومبرج أيضا. ومع ذلك، أنهى مؤشر MSCI لأسهم الأسواق الناشئة الأسبوع بأول انخفاض له منذ فبراير الماضي. ويبقى مستوى تقلبات الأسهم منخفضا أيضا، وفقا لمؤشر CBOE لتقلبات صناديق الاستثمار المتداولة في الأسواق الناشئة، على الرغم من انخفاضه مقارنة بذروة الارتفاع أثناء الجائحة. كما استمرت التدفقات الإجمالية الإيجابية لأكبر صناديق الاستثمار المتداولة للأسواق الناشئة، وذلك للأسبوع العشرين على التوالي.
ومن المقرر أن يبحث مسؤولون من تايلاند وجنوب أفريقيا والمكسيك أسعار الفائدة عندما يلتقون الأسبوع الجاري، مع توقعات بأن تركز تايلاند على الدعوة لاتخاذ "إجراءات محددة"، فيما قد تميل المكسيك وجنوب أفريقيا إلى الاكتفاء بمراقبة الوضع. ومن المتوقع أيضا أن تحافظ المجر والتشيك ونيجيريا وغانا على أسعار الفائدة دون تغيير.