الاتحاد الأوروبي يحارب "الغسل الأخضر"
أعلن الاتحاد الأوروبي عن قوانين جديدة لتنظيم الاستثمارات الملتزمة بالمعايير الحوكمة البيئة والاجتماعية والمؤسسية، ومكافحة ظاهرة الغسل الأخضر. وتأتى القوانين الجديدة ضمن خطة أوسع للاتحاد لتنظيم التمويلات الخضراء والتي تستهدف تصنيف الاستثمارات كقابلة للاستدامة وغير قابلة للاستدامة، حسب ما ذكرته فايننشال تايمز. وفي المرحلة الأولى ستصنف الاستثمارات بالألوان الأخضر الداكن والأخضر الفاتح أو كغير قابل للاستدامة وذلك بحسب تأثيرها على المناخ وعلى المجتمع. وسيتعين على أي مدير أصول يسعى للحصول على تصنيف إيجابي أن يمر بإجراءات دقيقة للكشف عن تأثير استثماراته. وفي المرحلة الثانية، والمتوقع أن يبدأ تطبيقها في 2022، سيجري إلزام الصناديق بالكشف عن حجم انبعاثات مشروعاتها الكربونية واستثماراتها في الشركات التي تستخدم الوقود الأحفوري وارتباطها بصناعة الأسلحة سيئة السمعة مثل القنابل العنقودية.
ولكن إزالة الغابات وغيرها من المؤشرات استبعدت من المعادلة، بعد ضغوط مكثفة الشهر الماضي من صناعة إدارة الأصول البالغة قيمتها 17 تريليون يورو، دفعت بروكسل إلى إزالة عدد من المؤشرات التي كان على مديري الأصول أعداد تقارير عنها، وفقا لفايننشال تايمز.
ما هو الغسل الأخضر؟ يشير المصطلح إلى تقديم الشركات معلومات مضللة بشأن امتثالها لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية بغرض جذب المستثمرين، في ظل تصاعد أهمية تلك الأهداف في الاتجاه العام للاستثمار، بحسب وول ستريت جورنال.
من أبرز الأمثلة: على الرغم من توقيع كل من شركتي بلاك روك وفانجارد للاستثمار المباشر التزامات بعنوان "مبادئ الاستثمار المسؤول" لمراعاة أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في القرارات الاستثمارية، جاءت الشركتان ضمن قائمة من 30 مؤسسة تستثمر في الفحم. بل وجاءت فانجارد على رأس القائمة وبلاك روك في المركز الثاني، وفي نفس الوقت، هددت فانجارد بالتصويت ضد رؤساء الشركات ممن لا يتفقون مع الأهداف الدولية للوصول لصفر انبعاثات الكربون بحلول 2050. ويمكنكم الاطلاع على المزيد حول القائمة في عدد سابق من إنتربرايز.
ومع تصاعد ظاهرة الغسل الأخضر، حول المشرعون اهتمامهم لكيفية تعريف المستثمرين للمشروعات القابلة للاستدامة. وتقول ماريا فان دير هايد، رئيسة الوحدة الأوروبية بمنظمة شير أكشن الخيرية للاستثمار المسؤول، في تصريحات لفايننشال تايمز، إن القوانين الجديدة تعد رائدة و"تسمح للمستثمرين للمقارنة بين المنتجات المختلفة والتعرف على مدى قابليتها للاستدامة والكشف عن جهود مديري الأصول للالتزام بالاستدامة". من جهتها تقول الأستاذة بجامعة روهامبتون، مولي سكوت كاتو، إن القوانين التي تأخر إصدارها، على حد وصفها، ستمكن المستثمرين من "فهم تأثير استثماراتهم على الكوكب والناس بشكل أفضل".
هل يمكن أن تتبع الولايات المتحدة خطوات الاتحاد الأوروبي؟ بعد أن عارض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تبني أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، بل وقام بسن قوانين تصعب على صناديق المعاشات تبنيها، يمكن لإدارة الرئيس الحالي جو بايدن أن تكون نقطة التحول. وبدأ بايدن ولايته بإعادة الانضمام لاتفاقية باريس للمناخ التي انسحب منها ترامب.
وأدت المخاوف من استهداف القوانين الجديدة لتدافع الشركات للإعلان عن التزامها بالأهداف البيئية. وأعلن الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون، مايك ويرث، عن خطة طريق للوصول لصفر انبعاثات كربونية خلال العقود المقبلة، وذلك بعد تردد عملاق النفط الأمريكي في اتخاذ تلك الخطوة خوفا من تراجع الإيرادات بسبب التحول الحاد نحو أنشطة أعمال جديدة وغير مألوفة بالنسبة للشركة، حسبما كتبت بلومبرج. وكذلك أعلنت شركة إكسون موبيل قبل أسبوع أنها ترى فرصة لتحقيق المكاسب من وراء تخفيض الانبعاثات وعقد شراكات مع صناديق الاستثمار المغامر لتمويل السيطرة على الكربون.
واتبع العديد من صناديق المعاشات ومديرو الأصول نفس التحول، فأطلقت مجموعة المستثمرين المؤسسيين لمكافحة التغير المناخي هذا الأسبوع "إطار عمل لاستثمارات صفرية الكربون"، لتقديم إرشادات عملية لوقف الانبعاثات الضارة من المشروعات وزيادة الاستثمارات في المساعدة على حل مشكلة التغير المناخي، بحسب بيان عن المجموعة. وقام 33 من مديري ومالكي الأصول بإجمالي 9.8 تريليون دولار بتبني إطار العمل الجديد. وخلال الشهر الجاري أعلنت شركات أبرزها ويلز فارجو وجولدمان ساكس وسيتي جروب التزامها بالوصول لصفر انبعاثات الكربون، دون أن تذكر المزيد من التفاصيل عن تطبيق ذلك، بحسب بلومبرج.
وازدهرت الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة في 2020 بسبب الجائحة والقلق المتزايد من التغير المناخي، لتسجل إجمالي الأصول في الصناديق المشتركة المتخصصة في الاستثمارات المستدامة رقما قياسيا بلغ 1.7 تريليون دولار، بزيادة 50% عن العام 2019. وتفوقت معظم صناديق الاستثمارات على نظيراتها التقليدية لآجال عام و3 و5 و10 سنوات، بحسب دراسة لمورننج ستار. وتفوقت 90% من مؤشرات الاستدامة الكبرى على مؤشراتها الأم خلال الربع الأول من 2020 وأظهرت مرونة كبيرة خلال العام الذي شهد تقلبات عديدة، طبقا لبحث أجرته بلاك روك.