ما الذي يعرقل نمو مراكز البيانات في مصر؟
ما الذي يعوق نمو مراكز البيانات في مصر؟ شهدت خطة تحويل مصر لمركز دولي لنقل البيانات تقدما في السنوات الماضية، مع مشروعات كبرى لشركات من القطاع الخاص مثل أورنج وشركة المصرية للاتصالات المملوكة للدولة في مجال مراكز نقل البيانات بهدف جذب مقدمي الخدمة السحابية (التخزين الافتراضي) ومقدمي خدمات بث المحتوى عبر الإنترنت. وتناول عدد سابق من هاردهات الجهود المبذولة في هذا المجال، كما تناول عدد الأسبوع الماضي أسباب ازدهار قطاع نقل البيانات في مصر، وهذا الأسبوع نناقش معوقات تحقيق المزيد من التقدم في هذا المجال.
مراكز البيانات أولوية استثمارية للمصرية للاتصالات: أكدت شركة المصرية للاتصالات لإنتربرايز على أهمية مراكز البيانات لخطة التحول الرقمي لمصر، وهي تعد من أولويات الشركة الاستثمارية. وشكل الاستثمار المباشر في إنشاء مراكز البيانات جانبا صغيرا من الإنفاق الرأسمالي للشركة في 2019 و2020 والذي وجه أغلبه لتطوير البنية التحتية والشبكات، وهي متطلبات لتأسيس مراكز نقل بيانات ناجحة. ويتوقع أحد ممثلي المصرية للاتصالات أن تكون المراكز بين أكبر مصادر الدخل للشركة على المدى البعيد، ولكنها لن تحقق دخلا كبيرا على المدى القصير.
ولدى مصر حاليا مميزات استراتيجية لنمو مراكز البيانات وبينها موقعها الجغرافي ووفرة الكابلات البحرية العابرة من خلالها، بالإضافة لمشاركة المصرية للاتصالات في مشروع كابل 2 أفريكا البحري الرابط بين أوروبا والشرق الأوسط و16 دولة أفريقية، إلى جانب وفرة إنتاجها من الكهرباء وقانون حماية البيانات الشخصية الذي تم إقراره مؤخرا، وهو ما عددته مصادر لإنتربرايز.
وللاستفادة من تلك المميزات والتحول لمركز نقل للبيانات، لا بد من تطوير البنية التحتية المحلية مثل شبكة الألياف الضوئية من ناحية زيادة عدد الكابلات وسعة التردد، بحسب يوسف أمين، مدير معلومات السوق في مؤسسة مصر لنشر المعلومات وهي مشروع مشترك بين البورصة المصرية وبورصة ناسداك الأمريكية، والتي تتولى إدارة إحدى المراكز المشتركة لنقل البيانات بين 13 مركزا.
وتعد سرعة الشبكات والسعة الترددية في مصر أقل من المتوسط العالمي، بحسب موقع التحليلات ذا جلوبال إيكونومي ومركز وورلد بوبيوليشن ريفيو. وتقوم المصرية للاتصالات بزيادة السعة باستمرار، وتمكنت من زيادة سعة البيانات الإجمالية لمصر إلى 3.7 تيرابيت في الثانية بنهاية 2020، حسبما أفادت الشركة إنتربرايز. وأظهر تقرير (بي دي إف) نمو السعة من 1.8 تيرابيت في الثانية في 2019 إلى 2.5 تيرابيت في يناير. ولكن لا تتحمل البنية التحتية في البلاد السعة الإضافية، بحسب ما ذكرته مصادر لإنتربرايز في يوليو الماضي. وتحتاج مصر لاستثمارات تقدر بـ 120 مليار جنيه للتوسع في استخدام الألياف الضوئية محليا وتحسين سرعة الإنترنت، وفق تقديرات حمدي الليثي، نائب رئيس شعبة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات المصرية، في يوليو الماضي.
كما يجب تخفيض الأسعار، بحسب طارق علي، مدير التكنولوجيا بإنك تانك، الذي يوضح أن الأسعار التي تقدمها مراكز البيانات المحلية هي ضعف ما تقدمه نظيرتها الأجنبية. ويقدم مركز إي سي سي سوليوشنز المحلي باقته للأعمال بسعر 127 دولار، فيما تقدم أمازون ويب سيرفسز الباقة بـ 57 دولار. ويوضح أمين أن الأسعار المرتفعة للمراكز المصرية ترجع إلى ارتفاع تكلفة خدمة الإنترنت. ويتفق الليثي مع وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق خالد نجم في أن أسعار خدمات الإنترنت أعلى مما يجب أن تكون عليه بالنظر لجودتها.
ويتعين خفض رسوم مرور البيانات الدولية بالتحديد، لتحفيز الشركات الخاصة على افتتاح مراكز نقل بيانات رئيسية في البلاد، بحسب أحد المصادر اشترط عدم ذكر اسمه.
ويأتي ذلك في وقت تدرس فيه جوجل إنشاء شبكة بلو رامان للألياف الضوئية مرورا بالسعودية وإسرائيل وبعيدا عن مصر، وذلك لتجنب كثافة استخدام الإنترنت في مصر، بحسب مصادر مقربة من مشروع بلو رامان في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال. وتقول الصحيفة "تفرض الحكومة المصرية رسوما من بين الأعلى على مشغلي الاتصالات مقابل مرورها عبر الأراضي أو المياه المصرية، ما قد يصل إلى 50% من تكلفة خط رابط بين أوروبا والهند". كما تهدد كثافة الاستخدام في مصر بحدوث انقطاعات للإنترنت خاصة في حالة قطع الكابلات البحرية بسبب حركة السفن الكبيرة، بحسب الصحيفة. ويتكون مشروع بلو رامان من كابل يربط بين الهند وحتى أوروبا مرورا بالسعودية والأردن وإسرائيل ثم في قاع البحر المتوسط.
ولكن قد لا يظهر المشروع للنور بسبب عدد الحدود التي يجب المرور خلالها والاتفاقيات المتعددة التي يجب عقدها مع المشرعين في الدول المشاركة، بحسب مصادر لوول ستريت جورنال. وقد يشجع ذلك مصر على مراجعة الأسعار التي تقدمها لجعلها أكثر تنافسية، خاصة مع رغبة العديد من الأطراف في إنهاء اعتماد القطاع على مصر لعقود وسعي الدول المشاركة لإيجاد خط بديل أقل تكلفة، بحسب وزير الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال الأردني.
وقد تدعم مراجعة الأسعار وعقد المزيد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص نمو سوق نقل البيانات في مصر. وتعتمد شركات القطاع الخاص العاملة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حاليا على البنية التحتية للمصرية للاتصالات، والتي تفرض رسوما كبيرة على استخدام كابلاتها. ويؤكد نجم أن الأسعار المرتفعة وعدم المرونة يحد من فرص مصر، موضحا أن إنشاء مراكز نقل البيانات ليس مكلفا للغاية، إذ تتراوح تكلفة المركز الواحد ما بين 100 إلى 150 مليون دولار، ولكن تحتاج المصرية للاتصالات لتكون أكثر مرونة، لدخول لاعبين جدد إلى السوق، بحسب الوزير السابق. ويدعو أمين إلى دخول القطاع الخاص باستثماراته إلى جانب الحكومة، أو في شراكة معها، لتطوير البنية التحتية، مما قد يزيد من التنافسية ومن كفاءة الألياف الضوئية والكابلات، وهو ما يصب في مصلحة السوق.
قانون حماية البيانات مهم للغاية، لكن يجب تسليط الضوء عليه وتطبيقه ليصبح أكثر جذبا لكبار موفري المحتوى، بحسب شريف المصري، العضو المنتدب لشركة كورنيت إليفيتيد للتكنولوجيا.
كما يجب توفير الخبرة التقنية اللازمة لإنشاء مراكز نقل البيانات الكبيرة وفقا لمواصفات مقدمي خدمات بث المحتوى عبر الإنترنت وفهم احتياجاتهم لجذبهم لاستخدام الخوادم (السيرفرات) في السوق المحلية، بحسب المصري. ويضيف أنه يجب مراعاة إمكانية التوسع لدى إنشاء المراكز. كما يجب أن تتضمن الاستثمارات في البنية التحتية استثمارا في تعليم تدريب المهندسين والفنيين، بحسب نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في أورنج مصر، هشام مهران، في تصريح لإنتربرايز.
والخلاصة هي أنه حتى يمكن الاستفادة من الموقع الاستراتيجي وغيره من المميزات، ينبغي على مصر أن تتبنى فكرا استراتيجيا فيما يتعلق بالأسعار المقدمة والشراكات بين القطاعين العام والخاص، بحسب المصادر. وتوضح المصادر أنه يجب أن تقابل خطط مقدمي خدمات بث المحتوى عبر الإنترنت لإنشاء مراكزها لنقل البيانات الكبرى هنا أسعار تنافسية تهدف لتطوير البنية التحتية.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
- السيارات الكهربائية: تخطط شركة زيتك الإسبانية لإنشاء 100 محطة لشحن السيارات الكهربائية في مصر هذا العام، بعد أن أنشأت بالفعل 35 محطة على مستوى الجمهورية خلال العام الماضي.
- الأتوبيسات الكهربائية: ستعمل شركة صناعة وسائل النقل (إم سي في) مع مصنع 200 الحربي التابع لوزارة الإنتاج الحربي، لتجميع الأتوبيسات الكهربائية محليا في غضون الأشهر الثمانية المقبلة.
- السكك الحديدية: يدرس البنك الأهلي المصري ترتيب قرض طويل الأجل بقيمة ملياري جنيه لصالح الهيئة القومية لسكك حديد مصر لتحديث أسطولها من عربات السكة الحديد خلال الثلاثة أعوام المقبلة.
- القطار الكهربائي: مجلس الوزراء يوافق على التعاقد مع شركة RATP Dev الفرنسية لإدارة وتشغيل وصيانة خط القطار الكهربائي "السلام-العاصمة الإدارية-العاشر من رمضان".
- الطاقة المتجددة: مجلس الوزراء يوافق على السير في إجراءات توقيع اتفاقية تنفيذ مشروع محطة لطاقة الرياح بخليج السويس مع تحالف "سيمنس-جاميسا"، والذي ينفذ على مرحلتين، بقدرة إجمالية 500 ميجاوات، وبسعر 3 سنت للكيلووات ساعة.