“كوفيد-19" تشعل شرارة ثورة التكنولوجيا المالية
كان 2020 هو العام الذي أصبحت فيه المدفوعات الإلكترونية الاتجاه السائد: أظهرت بيانات البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم أن جائحة “كوفيد-19” تزامن معها زيادة كبيرة في استخدام مجموعة من منتجات التكنولوجيا المالية. وشهد العام الجاري قفزة في استخدام المدفوعات الرقمية والتحويلات المالية والمدخرات الرقمية وفي الودائع والإقراض وأيضا فيما يسمى تكنولوجيا التأمين، بحسب استطلاع للرأي أجرته كلية إدارة الأعمال بجامعة كامبريدج والبنك الدولي وشمل مشاركة عدد من الجهات التنظيمية. وأظهر الاستطلاع الذي شمل حوالي 1,400 شركة عاملة في مجال التكنولوجيا المالية في 169 دولة أن حجم المدفوعات الرقمية زاد بمتوسط 13%، فيما زادت خدمات إدارة الثروات بنسبة 11%. وشهدت منطقة الشرق الأوسط أقوى نمو، بزيادة قدرها 40% في المتوسط.
ربما كانت جائحة “كوفيد-19” هي ما كانت تحتاجه خطط الشمول المالي في مصر، حيث أصبح المصريون أكثر ولعا بكل شيء إلكتروني. واصل صناع السياسة في مصر لعدة سنوات الضغط من أجل تطبيق الشمول المالي ، ويبدو أن الجائحة جاءت كطوق نجاة لمبادراتهم، إذ قفز عدد المحافظ الإلكترونية في مصر بنسبة 17% على الأقل خلال الفترة من مارس وحتى أكتوبر، كما سجل البنك التجاري الدولي زيادة بنسبة 100% على أساس سنوي في المعاملات البنكية الرقمية خلال شهر يوليو، وحطم عدد المصريين الذين يتسوقون عبر الإنترنت الأرقام القياسية.
تحركت الجهات التنظيمية في الدول الناشئة نحو إعطاء الأولوية للتكنولوجيا المالية: ينظر ما يقرب من ثلثي الجهات التنظيمية في الأسواق الناشئة الآن إلى التكنولوجيا المالية على أنها ذات أولوية، كما يقول أكثر من نصف صانعي السياسات في العالم المتقدم إن الجائحة قدمت مزيدا من الزخم للاتجاه نحو المدفوعات الرقمية، وفقا لما أظهرت الاستطلاع. ويرى أكثر من ثلاثة أرباع البنوك المركزية في الأسواق الناشئة (81%) و70% من البنوك في الاقتصادات المتقدمة أن التكنولوجيا المالية ذات تأثير إيجابي نحو تعزيز أهداف الشمول المالي. أما على الجانب الآخر، من المرجح أن يؤدي نمو التكنولوجيا المالية إلى مزيد من التدقيق من جانب صانعي السياسات وسط مخاوف بشأن قدرتها على تسهيل غسيل الأموال وتهديد الأمن السيبراني.
هل تسرع جائحة “كوفيد-19” الاتجاه نحو العملات الرقمية الوطنية؟ لقد سمعنا منذ بداية تفشي الوباء عن ثلاث خطط على الأقل لتسريع عملية إطلاق عملات رقمية وطنية. ففي وقت كتابة هذا التقرير، تواصل الصين تجربة إطلاق اليوان الرقمي وتخطط لأن تصبح أول دولة في العالم تطرح عملة افتراضية. ويدرس البنك المركزي الأوروبي أيضا إطلاق اليورو الرقمي، حيث قالت رئيسته كريستين لاجارد في أكتوبر الماضي إن الوباء قد غير العديد من جوانب الحياة كطريقة العمل والتجارة والمدفوعات. وأعلنت روسيا مؤخرا أنها تفكر في إطلاق روبل رقمي.