إنتربرايز تحاور هدى يوسف، كبيرة الاقتصاديين لدى البنك الدولي
تحفيز القطاع الخاص: مقابلة مع هدى يوسف، كبيرة الاقتصاديين لدى البنك الدولي. نشر البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية تقريرا متعمقا في وقت سابق من هذا الأسبوع حول العوائق التي يواجهها الاستثمار الخاص في مصر والتي تمنع الصناعات المحلية من أن تصبح قادرة على المنافسة على الصعيد الدولي والاندماج في سلاسل التوريد العالمية. ويتناول التقرير العديد من الأمور المهمة، من بينها مشاركة الدولة في الاقتصاد، والعوائق التجارية والنظام القانوني، إلى جانب تحديد العوائق الرئيسية أمام تنمية القطاع الخاص، ويقدم وصفا تفصيليا لما يمكن أن يكون عليه المستقبل. ويمكنكم مطالعة التقرير كاملا من هنا.
للتعمق في بعض القضايا التي تناولها التقرير، ولمعرفة مدى استجابة الاقتصاد لجائحة "كوفيد-19"، أجرينا هذه المقابلة مع هدى يوسف كبيرة الاقتصاديين بالبنك الدولي والتي قادت الفريق الذي أعد التقرير. وتعد يوسف خبيرة اقتصادية متخصصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولديها 15 عاما من الخبرة في الأبحاث الخاصة بالاتجاهات الكلية وتنمية القطاع الخاص والاقتصاد السياسي.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في المقابلة:
- مسار التعافي الاقتصادي في مصر والعالم ما زال غير مؤكد
- لا تزال أعباء الديون تمثل مشكلة لمصر، ولكن هناك تقدما من خلال التنويع
- تخفيض الرسوم الجمركية لا يعني بالضرورة وجود صعوبات
- يمكن للخصخصة أن تفعل الكثير لتحقيق تكافؤ الفرص
- قواعد مكافحة الاحتكار الحازمة والعادلة ضرورية لحماية المنافسة في السوق
وإليكم مقتطفات محررة من المقابلة:
التعافي الاقتصادي في مصر – مثل بقية العالم – ما زال غير مؤكد: التوقعات المستقبلية ما زالت غير مؤكدة إلى حد كبير، وسيتوقف تأثير الجائحة على المدة الزمنية للأزمة الحالية وتداعياتها على الصعيدين المحلي والخارجي. وبينما نحن نتحدث الآن، تعيد كثير من دول العالم فرض الإجراءات التقييدية مع مواصلة تفشي فيروس "كوفيد-19"، كما أن حالات الإصابة اليومية في مصر في تزايد مستمر.
لهذا، فإن وتيرة التعافي ستكون متباينة بشكل كبير، فستكون أضعف بكثير في الدول التي تزداد بها حدة تفشي المرض، أو التي تكون متعرضة بشكل أكبر للتداعيات العالمية، إما من خلال السياحة أو الصادرات أو التحويلات أو تدفقات رأس المال. أما بالنسبة لمصر، فإن توقعاتنا الأخيرة للنمو الاقتصادي في العام المالي 2021/2020 تبلغ 2.3%، إلا أن هذه التوقعات يمكن مراجعتها في ظل ما يطرأ من تطورات ومع توافر المزيد من المعلومات.
تمكنت مصر من احتواء تداعيات الأزمة، لكن الاهتمام الآن يتحول إلى المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي: أمام هذه الأزمة الحالية اتخذت مصر إجراءات رئيسية للحد من انتشار الفيروس وتخفيف آثاره السلبية على الاقتصاد. والعديد من هذه الإجراءات كان بشكل استباقي، كما وسعت الحكومة نطاق برامج الحماية الاجتماعية للمساعدة في تخفيف تأثيرات الجائحة على الفئات الأكثر احتياجا، بما في ذلك العمالة غير الرسمية والمستفيدين من برنامج تكافل وكرامة.
ينبغي على الحكومة في الفترة المقبلة أن تركز على مواصلة تطبيق أجندة الإصلاح وأن تشرع في جولة ثانية من الإصلاحات لمعالجة القيود الهيكلية على الاقتصاد، ولتعزيز قدرته على الصمود في مواجهة الأزمات، وأيضا لضمان تحقيق نموذج نمو مستدام وشمولي.
الدين العام لمصر ما زال مرتفعا ولكن هناك تقدم في التنويع. دخلت مصر أزمة "كوفيد-19" ولديها بيئة اقتصاد كلي مستقرة على نطاق واسع، وكان ذلك بدعم من إجراءات الإصلاح المهمة التي اتخذتها. ومع ذلك، ما زالت مستويات الدين مرتفعة على الرغم من تراجعها من 108% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 87% خلال الثلاثة أعوام الماضية. الدين الخارجي الحكومي بالقيمة المطلقة أعلى بشكل ملحوظ مما كان عليه قبل الإصلاحات، إذ قفز من 35 مليار دولار إلى 69.4 مليار دولار خلال الفترة ذاتها.
هناك تطور إيجابي فيما يتعلق بهيكل آجال استحقاق الديون، والذي بدأت مصر في تمديده بمتوسط فترة استحقاق 3.3 عام في العام المالي 2020/2019 مقارنة بـ 1.9 عام في العام المالي 2018/2017. ومع ذلك، أظهرت أحدث البيانات الرسمية المتاحة أن هيكل استحقاق الدين المحلي ما زال غير مواتيا، إذ تمثل الديون قصيرة الأجل 67% من إجمالي الدين. وبينما نتوقع أن تتجاوز مستويات الدين أهداف ما قبل الجائحة، تواصل مصر تنويع مصادر التمويل الخارجي – بما في ذلك إصدار أول سندات خضراء سيادية لها – وتوسيع قاعدة المستثمرين لديها.
يمكن للخصخصة أن تفعل الكثير لتحقيق تكافؤ الفرص: الأمر لا يتعلق بالخصخصة فحسب، ولكن هناك حاجة إلى ضمان تكافؤ الفرص في القطاعات والأسواق التي تتنافس فيها الشركات من القطاعين العام والخاص. ويمكن أن يؤدي عدم وجود فصل واضح بين الهيئات التنظيمية والتشغيلية التابعة للدولة في قطاعات معينة إلى حدوث تضارب في المصالح، فقد يكون لدى الجهات التنظيمية محفزات لحماية الكيانات الحكومية الخاضعة تحت إشرافها، وهو ما يمكن أن يخلق مخاطر للقطاع الخاص. فعلى سبيل المثال، تشرف وزارة الاتصالات على كل من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات والشركة المصرية للاتصالات – وهي شركة مملوكة للدولة بنسبة 80% وتحتل مكانة مهيمنة في هذا القطاع.
ولكن يمكن أن يؤدي هذا إلى تحسين أداء الشركة، وأيضا تحسين أوضاع المالية العامة، وحدوث تأثيرات اقتصادية كلية إيجابية – عندما يتم ذلك بالشكل الصحيح. ومع اعتزام الدولة طرح 3 شركات تابعة للقوات المسلحة أمام المستثمرين، فهي بحاجة إلى التركيز على كيفية إجراء عملية الخصخصة. فعلى وجه التحديد، ستكون هناك حاجة لخلق بيئة مشجعة من خلال إجراء إصلاحات أخرى لتعزيز المنافسة وضمان تكافؤ الفرص، فضلا عن إعداد الشركات لطرحها على المستثمرين من خلال القيام بالإفصاحات اللازمة حول أدائها.
سيكون من المهم أيضا أن تجرى عملية الطرح بشكل منفتح ومن خلال عملية شفافة. وسيكون من الضروري أيضا توفير الحماية اللازمة لمساهمي الأقلية، وذلك نظرا لاحتمال أن تتضمن بعض عمليات الخصخصة احتفاظ الحكومة بحصة لها أو مشاركة مستثمرين كبار من القطاع الخاص أو الأمرين معا.
إن تعزيز التشريعات الخاصة بمكافحة الاحتكار أمر أساسي: تعد القدرة على التحكم في الآثار الضارة بالمنافسة والتي تنتج عن عمليات الاندماج ميزة مهمة لأنظمة المنافسة، كما أن معظم قوانين المنافسة في جميع أنحاء العالم تتضمن مثل هذه الصلاحيات. وتسمح مراقبة الاندماجات للسلطات المعنية بحماية المنافسة بالتصرف بشكل مسبق وليس بشكل لاحق. بعبارة أخرى، يمكن لتلك السلطات أن تحد من المخاطر بشكل مسبق بدلا من الانتظار حتى حدوث الممارسات الضارة بالمنافسة.
إلا أنه لا يجب أن ننسى أن توحيد السوق هو جزء من الأعمال اليومية للقطاع الخاص، لا سيما في سياق "كوفيد-19". ولهذا، يجب أن تسمح سياسة مراقبة الاندماجات بإجراء تغييرات ديناميكية مفيدة في هيكل السوق دون زيادة تكلفة ممارسة الأعمال بشكل غير مبرر.