رويترز: استمرار هبوط التضخم قد يستوجب مشاورات مع صندوق النقد
استمرار هبوط التضخم إلى أدنى مستوى له في 10 سنوات ربما يستوجب مشاورات مع صندوق النقد: قد تضطر مصر إلى إجراء مشاورات مع صندوق النقد الدولي إذا استمرت قراءة التضخم لشهر سبتمبر عند المستوى الحالي الذي يعد الأقل فيما يزيد عن عقد كامل، وفق ما كتبه باتريك وير في رويترز. تأتي تلك المشاورات بموجب شروط اتفاق الاستعداد الائتماني الذي وافق عليه الصندوق في وقت سابق من العام بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة عام . وبموجب الاتفاق تلتزم السلطات المصرية، بإجراء مشاورات مع فريق فني من الصندوق إذا كان التضخم بصدد الهبوط دون مستوى 6% بنهاية سبتمبر، ومع المجلس التنفيذي للصندوق إذا انخفض التضخم السنوي دون 4%.
إلى أين وصل معدل التضخم؟ تباطأ التضخم من 4.2% في يوليو الماضي، إلى 3.4% في أغسطس، ليقترب من أدنى مستوياته منذ 2005. وبحسب رويترز، يتوقع بعض الاقتصاديين قراءة مماثلة لشهر سبتمبر. وعادة يجري إعلان قراءة التضخم في العاشر من كل شهر وهو ما يوافق السبت المقبل. وتوقع بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال في مذكرة بحثية الشهر الماضي، تراجع التضخم بحلول نهاية العام الحالي لأقل من النطاق الأدنى الذي يستهدفه البنك المركزي، وهو 6% إلى 12%، نظرا لاستمرار تراجع الاستهلاك وخاصة في الأغذية والمشروبات.
ما هي التوقعات؟ تشير رويترز إلى أن صندوق النقد قد يوصي بخفض أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المقرر في 12 نوفمبر. وقد يمثل ذلك مأزقا لصناع السياسة النقدية الذين باتوا حذرين في إجراء أي تيسير نقدي منذ الخفض التاريخي الطارئ في مارس بواقع 300 نقطة أساس لتحفيز تعافي الاقتصاد من تداعيات "كوفيد-19". وقال محمد أبو باشا، رئيس وحدة الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس، "لا أعتقد أنهم مستعدون لتقليص أسعار الفائدة بينما الموازين الخارجية ما زالت تحت ضغط. ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية يحافظ أيضا على تجارة الأجانب في فروق أسعار الفائدة". يعني ذلك أن المركزي يميل حاليا إلى الإبقاء على أسعار الفائدة لحماية العملة المحلية ومشتريات الأجانب في أدوات الدين المصرية، التي تعد مصدرا رئيسيا للعملات الأجنبية والاحتياطي الأجنبي، وسيكون التيسير النقدي الخيار الأمثل لصناع السياسة بعد التأكد من تعافي مصادر التدفقات الدولارية، بما في ذلك السياحة وتحويلات المصريين في الخارج، وفق الاقتصاديين الذين تحدثوا إلى رويترز.
وفي اجتماعها الأخير في سبتمبر الماضي وعلى خلاف التوقعات، خفضت لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، وهو ما عزته إلى مؤشرات رئيسية خلال الصيف تنبئ بتعاف تدريجي للنشاط الاقتصادي. وقال بنك أوف أمريكا جلوبال ريسيرش إن قرار الخفض الأخير ربما كان خطوة استباقية لمواجهة ضغوط صندوق النقد لتقليص الفائدة في نوفمبر المقبل. ومن المقرر إجراء المراجعة الدورية الرسمية مع صندوق النقدي في ديسمبر المقبل.
وما الضرر في التضخم المنخفض؟ تراجع التضخم يعني تراجع النشاط الاقتصادي لكنه ليس سببا له. إذا هبط التضخم في أي اقتصاد أقل مما ينبغي، فإن هذا يعد إشارة إلى أن الأشخاص لا ينفقون ما يكفي من المال على الاستهلاك والاستثمار. لقد نجحت مصر في كبح التضخم بعد أن قفز إلى ذروة بلغت 33% في يوليو 2017 بعد قرار تعويم العملة وإطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي بدعم من صندوق النقد الدولي، وفق تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين لدى رينيسانس كابيتال، والذي أكد أن "كبح التضخم إلى هذه الدرجة في سوق ناشئة منخفضة الدخل مثل مصر إنجاز استثنائي". وتابع: "لكن أرى حاجة لتغيير بؤرة التركيز في 2021 و2022 إلى دعم النمو". وأشار إلى أن الاستثمار في الصناعات التحويلية ضعيف لعدة أسباب من بينها وباء "كوفيد-19".
هل ستكون المشاورات جزءا من جدول أعمال المراجعة المقررة في ديسمبر؟ لم يحدد تقرير خبراء صندوق النقد الدولي بشأن اتفاق الاستعداد الائتماني الذي تناولته إنتربرايز في أغسطس الماضي، الفترة التي سيعتمد عليها في تقييم التضخم أو موعد عقد أي مشاورات. ومع ذلك قال الصندوق إنه سيتابع مدى نجاح مصر في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي من خلال إجراء "مراجعات نصف سنوية"، والتي سيكون أولها في ديسمبر 2020. وقال وزير المالية محمد معيط في الشهر الماضي إن بعثة من صندوق النقد الدولي ستزور مصر في ديسمبر المقبل، لإجراء المراجعة الأولى من بين مراجعتين لأداء الاقتصاد المصري، والتي تسبق صرف الشريحة الثانية بقيمة 3.2 مليار دولار من قرض الـ 5.2 مليار دولار الذي وافق الصندوق على منحه لمصر بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني المبرم في وقت سابق من العام الحالي.
لقد كان للمركزي دور كبير في دعم الاقتصاد خلال الجائحة، بما في ذلك خفض الفائدة ومبادرات التحفيز التي أطلقها لدعم قطاعات محددة. لكن خفض الفائدة على المدى القصير سيكون تأثيره محدود في تحفيز الشركات على الإنفاق. وعلى أية حال مع استمرار تعافي الطلب في السوق، فليس هناك ما يجعل الشركات تقدم على الاقتراض في ظل أن معدل توظيف الأموال أقل بكثير من 100%. وعلى الرغم من ذلك يمكن أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي قليلا.
وهناك أيضا الحاجة للحفاظ على جاذبية السوق لتجارة الفائدة، وقد أشارت صحيفة فايننشال تايمز إلى أن مصر قد تواجه منافسة من الأسواق الناشئة الأخرى التي تقوم برفع أسعار الفائدة لديها، ومن بينها تركيا والمجر.
ولمزيد من التفاصيل يمكنك قراءة فقرة إنتربرايز تشرح: تجارة الفائدة.