"المركزي" يخفض أسعار الفائدة الرئيسية بمقدار 50 نقطة أساس
"المركزي" يفاجئ الأسواق.. ويخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ مارس: قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي في اجتماعها الخميس الماضي، خفض أسعار الفائدة الرئيسية بواقع 50 نقطة أساس، وذلك للمرة الأولى منذ الخفض التاريخي في مارس الماضي بواقع 300 نقطة أساس لاحتواء أزمة "كوفيد-19"، وفق بيان صادر عن البنك المركزي (بي دي إف)،
وجاء قرار مخالفا لأغلب التوقعات، ومنهم 11 محللا وخبيرا اقتصاديا استطلعت إنتربرايز آرائهم الأسبوع الماضي، توقعوا جميعا أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، لدعم الجنيه والحفاظ على بيئة أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية. أما أرقام كابيتال فأشارت في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي، إلى وجود "فرصة جيدة" لخفض بسيط لأسعار الفائدة، في ضوء أن تجارة الفائدة في مصر تعد واحدة من الأكثر ربحية بين الأسواق الناشئة، مع تقديم أدوات الخزانة المصرية لنحو ضعف العائد المعدل للمخاطر.
ووفقا للقرار، يصبح سعر العائد على كل من الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 8.75% و9.75 % و9.25% على الترتيب، كما تقرر خفض سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 9.25%.
انخفاض التضخم مهد للقرار: قال البنك المركزي في بيانه إن "خفض أسعار العائد الأساسية يوفر الدعم المناسب للنشاط الاقتصادي في الوقت الحالي"، مع انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر خلال أغسطس الماضي ليسجل 3.4%. وأضاف "المركزي" أن "البيانات الأولية أظهرت أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ 3.5% خلال العام المالي 2020/2019". وارتفع معدل البطالة إلى أعلى مستوى له في عامين خلال الربع الثاني من 2020، ليصل إلى 9.6%. وتوقع البنك المركزي "استقرار بعض المؤشرات الأولية خلال شهري يوليو وأغسطس من العام بعد التحسن الملحوظ المسجل في شهر يونيو من عام".
ويتوقع البنك المركزي أن يبقى التضخم عند النطاق الأدنى الذي يستهدفه وهو 6% إلى 12%، وفقا للبيان. وقال بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال في مذكرة بحثية أصدرها في وقت سابق من الشهر الجاري، إن من المتوقع أن يتراجع التضخم بحلول نهاية العام الحالي لأقل من النطاق الأدنى الذي يستهدفه البنك المركزي، نظرا لأن الاستهلاك وخاصة في الأغذية والمشروبات، لا يزال متراجعا. وتوقع رينيسانس كابيتال حينها أيضا أن يتخذ البنك المركزي إجراءات لرفع التضخم إلى نطاق مستهدفاته من جديد، مشيرا إلى أن أحد السيناريوهات المحتملة هو إلغاء شهادات الادخار لمدة عام ذات العائد الشهري الثابت 15%، وهو ما تحقق بالفعل الأسبوع الماضي.
ويوحي قرار التحرك نحو التيسير النقدي بأن البنك المركزي ليس قلقا حيال نزوح رأس المال على المدى القصير، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن المحلل الاقتصادي في أرقام نعمان خالد. وقالت بلتون المالية في مذكرة بحثية يوم الخميس إن السيولة الأجنبية "مستقرة نسبيا". وارتفعت تحويلات المصريين بالخارج في يوليو بنسبة 11% على عكس التوقعات، مما ساعد في دعم السيولة الأجنبية رغم انخفاض عائدات السياحة والصادرات.
هل القرار يستهدف وقف صعود الجنيه؟ كتب محلل مؤسسة كابيتال إيكونوميكس جيمس سوانتون أن "البنك المركزي يريد أن يقاوم الارتفاع الأخير للجنيه المصري"، مشيرا إلى ارتفاع الجنيه أمام الدولار بنسبة 1% منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية بالبنك.
يمكن أن يساعد خفض أسعار الفائدة كذلك في تحفيز الاقتراض الرأسمالي، وهو ما يعتبر "خبرا جيدا للشركات بشكل عام من حيث السيولة، التي كانت شحيحة للغاية منذ الوباء"، حسبما أكد رئيس قطاع البحوث في النعيم للوساطة ألان سانديب لوكالة بلومبرج. وأشار الاستطلاع الذي أجريناه بين قراء إنتربرايز في فبراير الماضي (قبل تخفيض مارس التاريخي) إلى انتظار 46% منهم خفض أسعار الفائدة ما بين 100 إلى 300 نقطة أساس أخرى لاستئناف التوسع الرأسمالي على أعمالهم، لكن نمو الطلب الخاص هو الآن مفتاح تشجيع الاقتراض الرأسمالي، بحسب بلتون.
تأثير طفيف على البورصة؟ استبعد الخبير المصرفي هاني أبو الفتوح في تصريحات لإنتربرايز، أن يكون للقرار تأثير كبير في تنشيط البورصة، نظرا لأنه ليس بالقدر الذي يشجع خروج الأموال من البنوك إلى سوق الأسهم حسب قوله.
تأثير إيجابي في تقليص عجز الموازنة: وقال أبو الفتوح إن الحكومة ستكون المستفيد الأكبر من القرار، باعتبارها أكبر المقترضين، إذ سينخفض عبء الفوائد على الدين المحلي عليها، إلى جانب زيادة الطلب على الاقتراض من البنوك، بما يرفع معدلات التشغيل والإنتاج.
هل نرى مزيدا من الخفض؟ ربما، لكن هذا غير مرجح على المدى القصير، كما يرى رئيس وحدة الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرميس محمد أبو باشا. وبينما هناك مجال لمزيد من التيسير النقدي، يقول أبو باشا إن "البيئة الخارجية الغامضة" تجعل من غير المحتمل أن يجري البنك المركزي تخفيضات أخرى قريبا. ويعتقد سوانتون أن البنك المركزي "سيبقى حذرا" في الأشهر المقبلة، ولكنه الآن يتوقع تراجع أسعار الفائدة الرئيسية إلى 7% بنهاية العام المقبل.