ربما تتفوق الأسواق الناشئة على الدول الأوروبية في احتواء "كوفيد-19"، لكنها ستعاني لتمويل عمليات الإغلاق
ربما تتفوق الأسواق الناشئة على الدول الأوروبية في احتواء "كوفيد-19"، لكنها ستعاني لتمويل تكلفة الإغلاق الشامل: في ما يتعلق بالسيطرة على انتشار الوباء، تفوقت الأسواق الناشئة بشكل عام على معظم الدول الأوروبية، وذلك وفق تأكيدات بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال خلال ندوة عبر الإنترنت حضرتها إنتربرايز الأسبوع الماضي. وتحركت حكومات الدول النامية، بما فيها مصر وتركيا وروسيا وجنوب أفريقيا، لتفعيل سياسات جادة وأكثر فعالية مثل عمليات الإغلاق بشكل أسرع من دول أوروبا، وهو ما يمكن ملاحظة تأثيره في عدد الإصابات بين كل 100 ألف شخص (5 بين كل 100 ألف في إيطاليا والمملكة المتحدة، مقابل أقل من 0.01 لكل 100 ألف في إقليم هوبي الصيني). ومن المتوقع أن تشهد أوروبا مزيدا من الوفيات قبل نهاية الوباء، بينما تحافظ الدول النامية على معدلات وفاة تقارب مستوى هوبي، كما يقول كبير الاقتصاديين لدى رينيسانس كابيتال، تشارلز روبرتسون.
من "المشجع" رؤية التدابير الصارمة التي اتخذتها الحكومة في إيطاليا تؤتي ثمارها، وهو ما يشير إلى أن الإغلاق والإبعاد الاجتماعي أسلوب ناجح في تقليل انتشار "كوفيد-19". وبناء على التطور "البسيط نوعا ما" لانتشار الفيروس، فمن المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة الذروة الثانية للتفشي خلال الشهر المقبل.
وبينما تستمر عائدات السندات في الأسواق الناشئة في الارتفاع على ارتفاعها الحالي، نتساءل عن الكيفية التي ستتمكن بها هذه الاقتصادات من تحمل عمليات الإغلاق التي تواصل فرضها. ويتعامل رينيسانس كابيتال مع مصر وباكستان وتركيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا، بالإضافة إلى معظم دول أمريكا اللاتينية، باعتبارها "في وضع لا يبدو صعبا للغاية" بالنسبة للعائدات، بينما من المرجح أن تعاني تلك الدول لتمويل عجز الإنفاق لديها. ويقول رئيس وحدة بحث استراتيجية الأسهم لدى البنك دانييل سالتر، إن "هذه الدول عليها أن تسعى للحصول على تمويل أرخص من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أو تبحث عن حزمة مساعدة من مجموعة الدول السبع أو مجموعة العشرين لو كان هذا متاحا". وسبق أن أكد وزير المالية محمد معيط لإنتربرايز قبل أيام أن الحكومة قد تطلب قرضا جديدا من صندوق النقد الدولي، رغم استبعادها هذا سابقا، وذلك لتمويل إنفاق الدولة في ضوء الظروف التي تسببت فيها الجائحة.
بالنظر إلى أننا نمر بأزمة اقتصادية عالمية، فإن حجم التدفقات الخارجة من صناديق الأسهم إلى الأسواق الناشئة يبدو صغيرا نسبيا، لكن دعونا لا ننسى أن هذا هو أسرع تدهور للسوق العالمية على الإطلاق، وفقا لسالتر. وربما تبدو الأرقام صعبة، لكن الحقيقة أنها تمثل نحو 1.1% فقط من أصول الأسواق الناشئة التي تخضع للإدارة. ويوضح سالتر أن هذه النسبة المنخفضة نسبيا تشير إلى أحد أمرين، فإما أن الأسواق الناشئة قد شهدت تدفقات كبيرة للخارج بالفعل خلال السنوات القليلة الماضية بسبب تلقيها عدة ضربات اقتصادية متتالية، وبالتالي لا يوجد لديها ما تخسره أصلا، أو أنها مقبلة على أسوأ موجة بيعية على الإطلاق.
الخبر السار أن عملات الأسواق الناشئة (عدا اليوان الصيني) وصلت إلى أقل مستوياتها منذ عام 1998، ما يجعلها فرصة رائعة للاستثمار الآن. وبغض النظر عن تركيا التي كانت عملتها تواجه تواجه ضغطا بالفعل قبل اجتياح الوباء، تعرضت العملات اللاتينية لأقوى ضربة حتى الآن، إذ شهدت كولومبيا والبرازيل وبيرو انخفاض قيمة عملاتها بنسبة 25%، بينما فقد البيزو المكسيكي أكثر من 30٪ من قيمته، وانخفض الروبل الروسي بنحو 10% بسبب حرب النفط. ومن ناحية أخرى، لم تشهد الأسواق الحدودية هبوطا في قيمة عملاتها لأنها مثبتة. ويؤكد روبرتسون أن عمليات الاسترداد في الأسواق الحدودية قليلة للغاية حتى الآن، لأنها لم تكن "أصولا مفضلة للمستثمرين" خلال العامين الماضيين.
إذًا، ما توقعات الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات الناشئة خلال العام القادم؟ سبق وقدر بنك رينيسانس كابيتال النمو الاقتصادي لروسيا بـ 2.2% قبل اندلاع "كوفيد-19"، لكنه يشير الآن إلى انكماشه بنسبة 0.8% وفقا لروبرتسون، الذي يرجح أن تختلف توقعات دول مثل طاجيكستان وأوكرانيا وجورجيا لأهداف النمو السابقة للوباء عن التوقعات خلال "الوضع الجديد" بصورة كبيرة، مما يشير إلى أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول قد يشهد انخفاضا بنسبة 5% عن التوقعات الأولية.