في ما يتعلق بالبنية التحتية، فإن تأثير "كوفيد-19" ضئيل للغاية
أزمة "كوفيد-19" ربما عصفت بالأسواق ولكن بالنسبة لمشروعات البنية التحتية فلا تزال غير متضررة، إذ أكدت شركات الإنشاءات التي تحدثت معها إنتربرايز أن أزمة تفشي الفيروس عالميا لم تقلل من وتيرة العمل في مشروعات البنية التحتية في مصر. وباستثناء إلغاء أو تأجيل بعض المؤتمرات والاجتماعات، فإن التأثير محدود للغاية على الأرض، ولا يوجد أي اضطراب في عمليات تلك الشركات، حسب تأكيداتها.
هناك العديد من الموردين من الشركات الصينية والإيطالية المتعاملة مع شركات المقاولات والإنشاءات المصرية في مشروعاتها بمصر. وبينما لا تزال مصر حتى الآن غير متأثرة بفيروس "كوفيد-19"، فإن الشركات العاملة هنا قد تشهد اضطرابا في سلاسل توريدها في ظل إغلاق العديد من المصانع في الصين وإيطاليا، أو بسبب صعوبة مجئ الأجانب من هذين البلدين إلى مصر نظرا للقيود على السفر في بلادهم. ويقول مسؤول بإحدى شركات الهندسة الكهربائية لإنتربرايز إن أي مشروع به مكون صيني في سلسلة توريده، وهو أمر أساسي في هذه الأيام في أي مشروع للبنية التحتية، قد يتأثر ولو قليلا. وربما يظهر التأثير أولا على مواد البناء، ثم إلى حد ما على قطع الغيار وبعض السلع الرأسمالية.
ووفقا لمسؤولين مصريين تحدثوا إلى إنتربرايز شريطة عدم ذكر أسمائهم، فإنه لا يوجد تأجيل في الخطط المتعلقة بمشروعات البنية التحتية. وخطط إصدار السندات الخضراء والبنية التحتية لا تزال قائمة، والأمر يتعلق فقط بالتوقيت المثالي لطرحها. وبالمثل، استبعد المسؤولون حدوث تأخيرات في مشروعات البنية التحتية الكبرى، مشيرين إلى أن تلك المشروعات هي بالتعريف مشروعات طويلة المدى لا تتأثر بالأزمات قصيرة الأجل.
هل سترى السندات الخضراء النور في العام المالي 2020/2019؟ كما ذكرنا الشهر الماضي في تقرير خاص عن سندات البنية التحتية، فإن آجال وتاريخ إصدار سندات البنية التحتية يعتمد على نجاح تجربة السندات الخضراء. وهي السندات التي تخصص لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة. وأعلن وزير المالية محمد معيط في يناير الماضي أن السندات الخضراء ستصدر خلال العام المالي الجاري، والذي ينتهي في 30 يونيو المقبل، في حين من المقرر إصدار سندات البنية التحتية خلال العام المالي المقبل 2021/2020. ولكن سيظل موعد إصدار أي من تلك السندات مرتبطا دائما بظروف السوق. وأكد مساعد وزير المالية خالد عبد الرحمن الأمر نفسه في تصريح لإنتربرايز، عند سؤاله عن ما إذا كان تراجع الأسواق سيؤثر على الجدول الزمني للإصدار.
وتجدر الإِشارة إلى أهمية الأسواق الآسيوية والأوروبية لاستراتيجية مصر لإصدار السندات الخضراء وسندات البنية التحتية: تنظر مصر إلى الأسواق الآسيوية كنموذج يحتذى به وكذلك كسوق لترويج تلك الأنواع من السندات المصرية. وبدأت الحكومة بالفعل محادثات أولية مع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، والذي أعرب عن اهتمامه بتمويل مشروعات للبنية التحتية في مصر من خلال تلك السندات، وفق ما ذكره مصدر حكومي لإنتربرايز. ولدى الحكومة دائما بدائل، حسبما يقول مساعد وزير المالية، مشيرا إلى أن إحدى الركائز الأساسية في استراتيجية ضبط الدين العام التي أعلنتها وزارة المالية في عام 2019، هي تنويع مصادر الديون. وأضاف أن الوزارة لا تعتمد على نوع واحد من إصدارات السندات لتغطية مستهدفاتها التمويلية. وفي النهاية، ستقرر الحكومة بعد التشاور مع مستشاريها، إذا كانت ستلجأ إلى طريق السندات الخضراء أو سندات البنية التحتية أو أداة أخرى لتمويل مشروعاتها. وكانت الحكومة عينت سيتي جروب وكريدي أجريكول ودويتشه بنك وإتش إس بي سي لتقديم استشارات طرح تلك السندات.
بعض مناقصات الشراكة بين القطاعين العام والخاص متوقفة على ظروف السوق: وقال مصدر حكومي لإنتربرايز إن بعض مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي تأمل الحكومة أن تتشارك فيها مع شركات أجنبية، لن تطرح في الوقت الراهن حتى يستقر السوق. ومن المحتمل أن تطرح الحكومة مناقصات تلك المشروعات الشهر المقبل، وفقا للمصدر. ولم يحدد المصدر ماهية تلك المشروعات، لكنه أشار إلى أن مناقصة لإنشاء محطة لتحلية المياه وأخرى لإنشاء ميناء جاف جرى تأجيلهما إلى أبريل.
تعديل بسيط في خطط ترويج مشروعات البنية التحتية للمستثمرين الأجانب: قررت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تأجيل مؤتمرها العالمي للترويج للفرص الاستثمارية بالمنطقة إلى 21 مارس الجاري بدلا من 7 مارس، وفق ما ذكره رئيس الهيئة يحيى زكي في تصريحات لإنتربرايز. وبالإضافة إلى الترويج للفرص الاستثمارية الجديدة، فإن من المقرر الإعلان خلال المؤتمر عن حوافز جديدة تعدها الهيئة، وفقا لزكي. ومع ذلك، فإن التأجيل لا يعدو كونه تعديلا بسيطا في الخطط، لكن المحادثات حول الاستثمارات المحتملة لا تزال جارية. وقال زكي إن "طبيعة تلك المشروعات طويلة المدى، ولن تتأثر بما يحدث حاليا بشأن فيروس كورونا". وأشار زكي إلى أن الهيئة أجرت محادثات مع شركات صينية حول الاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال الأسابيع القليلة الماضية، على الرغم من أزمة الفيروس، كما تجري الهيئة محادثات مماثلة حول توسعات محتملة لشركة موانئ دبي العالمية.
وخلاصة القول، إن نظرا إلى أن مصر لم تتأثر فعليا بأزمة فيروس "كوفيد-19" حتى الآن، فإن الجهات الفاعلة الرئيسية في قطاع البنية التحتية سواء في القطاع العام أو الخاص، تقوم حاليا بتقييم المخاطر، وتعمل على التخطيط للطوارئ، والنظر في تدابير تخفيف أثر أي تبعات محتملة، والانتظار أملا أن تخفت حدة الأزمة في الفترة القليلة المقبلة.