هيمنة الدولار على المحك مع اتجاه العملات الرقمية إلى تغيير النظام المالي العالمي
هيمنة الدولار في خطر مع اتجاه العملات الرقمية إلى تغيير النظام المالي العالمي: قد يشهد النظام المالي العالمي تحولا جوهريا في الوقت الحالي، وذلك مع اكتساب العملات الرقمية لمزيد من القوة والجاذبية بين الحكومات والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، وفقا لما جاء في تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال. وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من أن البنوك المركزية تصدر بالفعل أحد أشكال النقود الرقمية للبنوك التجارية، فإن فكرة رقمنة العملات الوطنية تغير قواعد اللعبة بشكل تام، إذ تدرس البنوك المركزية في دول مثل السويد وكندا وسويسرا وشرق الكاريبي، وفي مقدمتهم الصين إمكانية دمج العملات الرقمية في أنظمتها المالية. ولا يزال من غير الواضح كيفية تطبيق المنظومة الجديدة، إلا أن الآثار المترتبة عليها قد تكون ضخمة لتشمل التجارة وأسعار الفائدة والخدمات المصرفية والخصوصية الفردية.
هذا الأمر يصعب من الوضع الحالي للدولار، إذ أن نمو العملات الرقمية الوطنية – والتي تعد أسرع وأرخص من النقود التقليدية – يهدد بتقويض وضع الدولار باعتباره العملة المعتمدة في احتياطي البنوك المركزية. وتشير الصحيفة إلى أن هذا الأمر قد يشعل نوعا جديدا من حرب العملات، لتقف العملات الرقمية في مواجهة الدولار. وقالت أيضا إنه على الرغم من أن هيمنة الدولار على التجارة العالمية كانت لها ما يبررها عندما كانت الولايات المتحدة تسهم بما يزيد عن ربع التجارة العالمية، فإن الوضع الراهن قد اختلف مع تراجع حصة الولايات المتحدة من صادرات العالم إلى 8.8% فقط. ونوهت الصحيفة إلى أن محافظي البنوك المركزية بدأوا في إدراك هذا الواقع تدريجيا، إذ دعا محافظ بنك إنجلترا مارك كارني، خلال اجتماع لمحافظي البنوك المركزية في جاكسون هول الشهر الماضي، إلى التخلص من الاعتماد على الدولار والتعامل بدلا منه بعملة رقمية لتكون العملة الاحتياطية للعالم، ودعا كذلك إلى إنشاء منظومة مالية متعددة الأقطاب عن طريق عملة احتياطية افتراضية مدعومة بالبنوك المركزية العالمية.
هل عملة فيسبوك الرقمية "ليبرا" كانت الشرارة؟ تقول صحيفة فايننشال تايمز إن إعلان شركة فيسبوك عن عملتها المشفرة "ليبرا" كانت بمثابة الشرارة التي دفعت صناع السياسات إلى التفكير في إنشاء عملات رقمية مدعومة من الدولة. وترفض الجهات التنظيمية بشدة فكرة أن تحل وسائل إجراء معاملات يصدرها القطاع الخاص محل العملات التي تسيطر عليها الدول، فيما تعمل دول مجموعة السبع في الوقت الحالي وبسرعة للرد على تلك العملات الخاصة. وظلت البنوك المركزية تبحث في تلك المسألة لعدة سنوات، ولكن بشكل أكثر حذرا من غيرها. وكان "ريكس بنك" السويدي أحد الرواد في هذا المجال، وهو الآن على وشك اختبار "الكرونا الإلكترونية" استجابة لتراجع استخدام النقد. كما أن هناك قلق متزايد في منطقة اليورو حول كيفية تأثير العملات الرقمية على القطاع المصرفي نظرا إلى اعتمادها على البنوك في تحويل الأموال بين المدخرين والمقترضين.