ما مدى جدوى خطة تحويل السيارات من البنزين للغاز الطبيعي؟ أعلنت الحكومة خلال يوليو الجاري عن خطة لاستبدال وقود السيارات التقليدي من بنزين وسولار إلى نظام مزدوج (غاز طبيعى- بنزين) أو اعتماد كامل على الغاز الطبيعي خلال السنوات المقبلة. وعلى الرغم من إجماع الخبراء على أن الخطة طموحة ومفيدة لقطاع السيارات خاصة والاقتصاد عامة على المدى الطويل، لكنهم نبهوا إلى أن المشروع قد يواجه تحديات عدة على المدى القصير خاصة على صعيد تمويل علمية التحويل أو عدم جاهزية البنية التحتية اللازمة.
وفي الجزء الأول من جزئين، نتناول فيهما الموضوع، نناقش الدافع وراء الخطة والمحاولات السابقة لتحقيقها ونستعرض بشكل مختصر بعض التحديات التي قد تواجهها.
بداية، فالخطة ليست جديدة، وهي مشابهة لطرح أقدم حقق نجاحا عام 2009 لاستبدال 70 ألف تاكسي قديم بالسيارات البيضاء الجديدة بسعر مدعم وبنظام تسديد دون فوائد، إضافة لإتاحة تمويل تحويل السيارات لنظام الوقود المزدوج. وكان التحويل اختياريا منذ ذلك الوقت حتى أعلن أخيرا عن ربط ترخيص المركبات الجديدة بعملها بنظام الوقود المزدوج أو الغاز الطبيعي وهو ما يجعله إجباريا.
وجرى التمهيد للخطة منذ فترة، عندما أعلنت الحكومة في بداية 2019 أنها تعمل على تشجيع المواطنين لتحويل سياراتهم للعمل بالغاز الطبيعي، بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتعاون مع وزارة البترول وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. وعلى مدار العام الماضي، أبدى العديد من مصنعي السيارات اهتمامها بالمشاركة في المبادرة. وقالت الهيئة العربية للتصنيع في ديسمبر الماضي إنها تتفاوض مع 11 شركة عالمية لتصنيع وسائل النقل لتنفيذ المشروع الذي يهدف لاستبدال الأتوبيسات العاملة بالسولار بأخرى تعمل بالغاز الطبيعي وصنعها محليا. ومن بين الشركات شركة تويوتا تسوشو اليابانية التي اتفقت على تصنيع 240 ميني باص يعمل بالغاز الطبيعي، وكذلك أبدت فولكس فاجن الألمانية رغبتها في صناعة السيارات العاملة بالغاز الطبيعي في مصر.
لماذا قررت الحكومة متابعة المشروع الآن؟ هناك 4 أسباب رئيسية:
1. تخفيف الضغط المالي على الطبقات المتوسطة والفقيرة: من شأن استخدام الغاز الطبيعي بدلا من البنزين أو السولار بعد أن تقلصت دخول نحو 74% من المصريين منذ بدء جائحة "كوفيد-19"، أن يساعد المواطنين على تخفيض إنفاقهم على الوقود بشكل كبير، وفق ما صرح به المدير الإداري للينكس محمد حنفي لإنتربرايز. ويصل سعر لتر بنزين 92 إلى 7.50 جنيه، و80 إلى 6.25 جنيه، بينما يباع الغاز الطبيعي للسيارات بسعر 3.5 جنيه فقط للمتر المكعب. لذا يمكن خفض التكلفة التي يدفعها من يستهلك 10 لترات من البنزين يوميا بمقدار 825-1200 جنيه شهريا عند التحويل إلى الغاز الطبيعي.
2. خفض فاتورة استيراد المواد البترولية: تستورد مصر ما بين 35 إلى 40% من إجمالي استهلاكها من المنتجات النفطية من خلال مناقصات واتفاقيات طويلة الأجل. وفي العام الماضي على سبيل المثال، استوردت مصر 11.7 مليون طن من المنتجات البترولية لسد فجوة الاستهلاك التي بلغت 30.2 مليون طن من الوقود، وجاء ذلك بتكلفة تجاوزت 6.8 مليار دولار.
3. تعظيم استغلال فائض الغاز الطبيعي: أصبحت مصر رسميا صافي مصدر للغاز الطبيعي المسال، إذ لم تستورد أي كمية خلال 2019، وصدرت ما قيمته 1.24 مليار دولار من الغاز بزيادة تقارب 150% على أساس سنوي، مع ارتفاع إنتاج حقول الغاز المتصلة بالشبكة القومية. ومع ذلك، حامت الشكوك في بداية العام حول جدوى أسعار البيع الحالية للغاز الطبيعي، مما دفع وزارة البترول إلى محاولة إبرام تعاقدات طويلة الأجل لبيع الغاز بسعر 5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، استجابة لهبوط الأسعار عالميا. وبالإضافة إلى هذا، لا يتجاوز استهلاك المنازل والسيارات نسبة 5% من إجمالي استهلاك الغاز في مصر، حسبما أفاد مصدر بوزارة البترول لإنتربرايز. وأشار حنفي أيضا إلى أنه حتى لو تضاعف ذلك الرقم أربع مرات، فإن استهلاك السيارات لن يعدو كونه مجرد نسبة بسيطة من إجمالي الاستهلاك. ويمكن التعجيل بالمشروع من خلال سماح جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز بدخول القطاع الخاص، عن طريق منح المزيد من التراخيص للشركات لاستخدام خطوط أنابيب الغاز الوطنية، وفقا للوائح المعدلة في 2018، والسماح لها بتوزيع الغاز وبيعه مباشرة إلى المستهلكين. وتقدمت بالفعل شركة شل في بداية العام الحالي بطلب للسماح لها باستخدام خط الأنابيب الوطني لبيع الغاز للمستهلكين، لكنها لا تزال في انتظار موافقة جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز ومجلس الوزراء للمضي قدما في المشروع، رغم أن العملية قد تستغرق عدة سنوات.
4. تقليل التلوث والحفاظ على البيئة: يتجه العالم في الوقت الحالي، وخصوصا أوروبا، نحو استخدام الغاز الطبيعي بديلا عن البنزين كوسيلة للحد بشكل كبير من التلوث، وهو ما يوضحه أستاذ هندسة البترول في الجامعة الأمريكية بالقاهرة جمال القليوبي، خلال حديثه مع إنتربرايز. وكانت تقديرات الحكومة في أوائل عام 2011 تشير إلى أن البرنامج أسهم في حدوث انخفاض كبير في إجمالي انبعاثات الكربون في العاصمة خلال الأشهر الستة الأولى من إطلاقه. وذكر البنك الدولي في 2018 أن البرنامج قلص 310 آلاف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الفترة من 2013 حتى 2017، وتوقع حينها أن يصل الرقم إلى 350 ألف طن بحلول نهاية 2018.
لكن التحول لن يكون سهلا: تمويل تحويل وإحلال السيارات القديمة سيكون باهظ التكلفة. وقدرت الحكومة أن 1.8 مليون سيارة تحتاج إلى تخريدها أو إحلالها بتكلفة تقترب من 320 مليار جنيه. وقال حنفي إن المرحلة الأولى ستشهد تحويل 147 ألف سيارة أجرة وميكروباص للعمل بالنظام المزدوج، الأمر الذي قد يستغرق 3 سنوات بتكلفة 1.2 مليار جنيه. ويلي ذلك مرحلة استبدال 240 ألف سيارة ميكروباص تعمل بالسولار بتكلفة 53 مليار جنيه. أما الخطوة التالية فهي استبدال 50 ألف سيارة أجرة يزيد عمرها عن 20 عاما بتكلفة 10 مليارات جنيه. وسيكون التحدي الأكبر في التمويل هو تحويل 1.3 مليون سيارة ركاب للعمل بالغاز الطبيعي، وهو ما سيكلف ما بين 8 إلى 12 ألف جنيه للسيارة الواحدة، بإجمالي يقترب من 250 مليار جنيه.
في الجزء الثاني، ننظر في كيفية التغلب على هذه التحديات، وتكلفة تطوير البنية التحتية لها. ونتحدث أيضا مع عدد من اللاعبين في صناعة السيارات، لمعرفة آرائهم في مدى الارتباك الذي تشهده، وما الذي يحتاجون إليه للانضمام إلى الخطة.
أبرز أخبار البنية التحتية في أسبوع:
هذه النشرة اليومية تقوم بإصدارها شركة انتربرايز فنشرز لإعداد وتطوير المحتوى الإلكتروني (شركة ذات مسئولية محدودة – سجل تجاري رقم 83594).
الملخصات الإخبارية والمحتويات الواردة بنشرة «انتربرايز» معروضة للاطلاع فقط، ولا ينبغي اتخاذ أية قرارات جوهرية دون الرجوع إلى مصدر الخبر بلغته الأصلية. كما أن محتويات النشرة تقدم “كما هي – دون استقطاع”، ولا تتحمل الشركة أو أي من العاملين لديها أو أية مسئولية تجاه دقة أو صلاحية البيانات الواردة بالنشرة باعتبارها ملخصات إخبارية.2022 Enterprise Ventures LLC ©
نشرة «إنتربرايز» الإخبارية تأتيكم برعاية «بنك HSBC مصر»، البنك الرائد للشركات والأفراد في مصر (رقم التسجيل الضريببي: 715-901-204)، و«المجموعة المالية هيرميس»، شركة الخدمات المالية الرائدة في الأسواق الناشئة والمبتدئة (رقم التسجيل الضريبي: 385-178-200)، و«سوديك»، شركة التطوير العقاري المصرية الرائدة (رقم التسجيل الضريبي:002-168-212)، و«سوما باي»، شريكنا لعطلات البحر الأحمر (رقم التسجيل الضريبي: 300-903-204)، و«إنفنيتي»، المتخصصة في حلول الطاقة المتجددة للمدن والمصانع والمنازل في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 359-939-474)، و«سيرا للتعليم»، رواد تقديم خدمات التعليم قبل الجامعي والجامعي بالقطاع الخاص في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 608-069-200)، و«أوراسكوم كونستراكشون»، رائدة مشروعات البنية التحتية في مصر وخارجها (رقم التسجيل الضريبي: 806-988-229)، و«محرم وشركاه»، الشريك الرائد للسياسات العامة والعلاقات الحكومية (رقم التسجيل الضريبي: 459-112-616)، و«بنك المشرق»، البنك الرائد بالخدمات المصرفية للأفراد والخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (رقم التسجيل الضريبي: 862-898-204)، و«بالم هيلز للتعمير»، المطور الرائد للعقارات التجارية والسكنية (رقم التسجيل الضريبي: 014-737-432)، و «مجموعة التنمية الصناعية (آي دي جي)»، المطور الرائد للمناطق الصناعية في مصر (رقم التسجيل الضريبي 253-965-266)، و«حسن علام العقارية – أبناء مصر للاستثمار العقاري»، إحدى كبرى الشركات العقارية الرائدة في مصر (رقم التسجيل الضريبي: 567-096-553)، ومكتب «صالح وبرسوم وعبدالعزيز وشركاهم»، الشريك الرائد للمراجعة المالية والاستشارات الضريبية والمحاسبية (رقم التسجيل الضريبي: 827-002-220).